ثم دخلت
سنة خمس وستين
فمن الحوادث فيها شخوص التوابين إلى
ابن زياد للطلب بدم الحسين عليه السلام
وذلك أن
nindex.php?page=showalam&ids=123سليمان بن صرد بعث إلى رءوس أصحابه من
الشيعة ، فأتوه ، فلما استهلوا هلال ربيع الآخر خرج في وجوه أصحابه إلى
النخيلة فلم يعجبه عدد الناس ، فبعث
حكيم بن منقذ الكندي في خيل ، وبعث
الوليد بن غصين الكناني في خيل ، فقال: اذهبا حتى تدخلا
الكوفة ، فناديا: يا لثارات
الحسين ، فخرج منها خلق كثير ، فنظر لما أصبح في ديوانه ، فوجد الذين بايعوه على الخروج ستة عشر ألفا لم يجتمع منهم [إلا] أربعة آلاف ، فقال: أما يذكرون ما أعطونا من العهود ، فقيل له: إن
المختار يثبط الناس عنك ، فأقام بالنخيلة ثلاثا يبعث إلى المتخلفين فيذكرهم الله عز وجل ، فخرج نحو من ألف رجل ، فقال له
المسيب ابن نجية الفزاري: إنك لا ينفعك إلا من أخرجته النية فاكمش في أمرك . فقام فقال: والله ما نأتي غنيمة نغنمها ، ولا فيئا نستفيئه ، وما معنا من ذهب ولا فضة ، وما هي إلا سيوفنا في عواتقنا ، ورماحنا في أكفنا ، وزاد بمقدار البلغة إلى لقاء عدونا ، فمن يرى غير هذا فلا يصحبنا .
[ ص: 36 ]
فلما عزم على المسير ، قال بعض أصحابه: إن قتلة
الحسين بالكوفة عمر بن سعد ورؤوس القبائل ، فأنى نذهب .
وقال آخرون: بل نقصد
ابن زياد فهو الذي عبأ الجنود إليه فإن ظهرنا عليه كان من بعده أهون شوكة ، وكان
عمر بن سعد في تلك الأيام لا يبيت إلا في قصر الإمارة مخافة على نفسه ، وجاء
عبيد الله بن يزيد والي
الكوفة إلى
سليمان فقال: قم حتى نبعث معك جيشا كثيفا ، فلم يقم وأدلج عشية الجمعة لخمس مضين من ربيع الآخر سنة خمس وستين ، ولم يزل يسير إلى أن أتى قبر
الحسين عليه السلام ، فأقام عنده يوما وليلة ، فجعل أصحابه يبكون ويتمنون لو أصيبوا معه ، وجعلوا يستغيثون: يا رب إنا خذلنا ابن بنت نبيك فاغفر لنا ما مضى منا وتب علينا .
ووصل كتاب
عبد الله بن يزيد إلى
nindex.php?page=showalam&ids=123سليمان بن صرد ، وفيه: هذا كتاب ناصح محب ، بلغني أنكم تسيرون بالعدد القليل إلى الجمع الكثير ، وإنه من يرد أن ينقل الجبال عن مراتبها تكل معاوله ، وينزع [وهو] مذموم العقل والفعل ، ومتى أصابكم عدوكم طمع في من وراءكم:
إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا [18: 20] يا قوم ، إن أيدينا وأيديكم واحدة ، ومتى اجتمعت كلمتنا [نظهر] على عدونا .
فلما قرأ الكتاب على أصحابه ، قال: ما ترون؟ قالوا: إنا قد أبينا هذا عليهم ونحن في مصرنا ، فالآن حين دنونا من أرض العدو ، ما هذا برأي . فساروا مجدين إلى أن وصلوا عين وردة ، فأقاموا بها خمسا ، فأقبل أهل الشام في عساكرهم ، فقدم المسيب بن نجية فلقي أوائل القوم فأصابهم بالجراح فانهزموا فأخذوا منهم ما خف ، فبلغ الخبر ابن زياد ، فبعث
الحصين بن نمير مسرعا في اثني عشر ألفا ، فاقتتلوا فكان الظفر لسليمان إلى أن حجز بينهم الليل ، فأمدهم
ابن زياد بذي الكلاع في ثمانية آلاف فكثروهم ، فنزل
سليمان ونادى: عباد الله ، من أراد البكور إلى ربه ، والتوبة من ذنبه ، والوفاء بعهده ، فإلي ، ثم كسر جفن سيفه ، ونزل ناس كثير ، فقاتلوا فقتلوا من أهل
الشام مقتلة عظيمة .
[ ص: 37 ]
فاكتنفهم القوم ورموهم بالنبل ، فقتل سليمان ثم المسيب ، وقتل الخلق .
فلما جن الليل ذهب فل القوم تحت الليل ، فأصبح الحصين فوجدهم قد ذهبوا ، فلم يبعث في آثارهم أحدا ، وكان قد خرج جماعة من أهل
البصرة وجماعة من أهل المدائن وأهل
الكوفة ، فبلغهم الخبر ، فرجعوا إلى بلادهم ، فقال المختار لأصحابه:
عدوا لغازيكم هذا أكثر من عشر ، ودون الشهر ، ثم يجيئكم بضرب هبر ، وطعن نتر ، وأن
سليمان قد قضى ما عليه ، وليس بصاحبكم الذي به تنصرون ، أنا قاتل الجبارين والمنتقم من الأعداء .