وفي هذه السنة رجعت الأزارقة من فارس إلى العراق ، حتى صاروا إلى قرب الكوفة ، ودخلوا المدائن ، وذلك أن
الأزارقة كانت قد لحقت
بفارس وكرمان ونواحي
أصبهان بعد ما أوقع بهم
المهلب بالأهواز . فلما وجه
مصعب المهلب إلى
الموصل ونواحيها عاملا عليها ، وبعث
عمر بن عبيد الله بن معمر على فارس انحطت
الأزارقة على
عمر فلقيهم
بنيسابور ، فقاتلهم قتالا شديدا ، فقتل منهم قوم وانهزموا ، وتبعهم فقطعوا قنطرة
طبرستان ثم ارتفعوا إلى نحو من
أصبهان وكرمان ، فأقاموا بها حتى قووا واستعدوا وكثروا .
ثم إن القوم أقبلوا حتى مروا بفارس ، فشمر في طلبهم
عمر مسرعا حتى أتى
أرجان ، فوجدهم قد خرجوا منها متوجهين إلى
الأهواز ، وبلغ مصعبا إقبالهم ، فخرج فعسكر بالناس بالجسر الأكبر ، وقال: والله ما أدري ما الذي أغنى عني عمر ، وضعت
[ ص: 70 ] معه جندا بفارس أجري عليهم أرزاقهم وأمده بالرجال ، فقطعت
الخوارج أرضه ، والله لو قاتلهم لكان عندي أعذر .
وجاءت
للخوارج عيونهم بأن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في آثارهم ، وأن
مصعبا قد خرج من
البصرة إليهم ، فذهبوا إلى
المدائن فشنوا الغارة على أهلها ، يقتلون الولدان والنساء والرجال ويبقرون الحبالى . وأقبلوا إلى
ساباط فوضعوا أسيافهم في الناس ، ثم تبعهم الناس وقاتلوهم وقتل أميرهم ، فانحازوا إلى
قطري فبايعوه ، فذهب بهم إلى ناحية
كرمان ، فأقام بها حتى اجتمعت إليه جموع كثيرة وقوي ، ثم أقبل حتى أخذ في أرض
أصبهان ، ثم خرج إلى
الأهواز ، وكتب
للحارث بن أبي ربيعة وهو عامل
مصعب على
البصرة يخبره أن
الخوارج قد انحدرت إلى
الأهواز ، وأنه ليس لهذا الأمر إلا
المهلب ، فبعث إلى
المهلب فأمره بقتال
الخوارج والمصير إليهم ، وبعث إلى عامله
nindex.php?page=showalam&ids=12361إبراهيم بن الأشتر ، فجاء
المهلب إلى
البصرة وانتخب الناس ، وسار بمن أحب ، ثم توجه نحو
الخوارج ، وأقبلوا إليه حتى التقوا بسولاف ، فاقتتلوا بها ثمانية أشهر أشد القتال .