صفحة جزء
وفي هذه السنة دخل عبد الملك الكوفة ، ففرق أعمال العراق على عماله ، هذا قول الواقدي .

وقال المدائني: كان ذلك في سنة اثنتين وسبعين .

ولما أتى الكوفة نزل بالنخيلة ، ودعا الناس إلى البيعة ، ثم ولى قطن بن عبد الله الحارثي الكوفة أربعين يوما ثم عزله ، ثم ولى بشر بن مروان ، وصعد المنبر فخطب فقال: إن عبد الله بن الزبير لو كان خليفة كما يزعم لخرج فآسى بنفسه ولم يغرز بذنبه في الحرم ، وإني قد استعملت عليكم بشر بن مروان وأمرته بالإحسان إلى أهل الطاعة ، والشدة على أهل المعصية ، فاسمعوا له وأطيعوا .

واستعمل محمد بن عمير على همذان ، ويزيد بن رويم على الري ، وفرق العمال ، وصنع طعاما كثيرا ، وأمر به إلى الخورنق ، وأذن إذنا عاما فأكلوا ، فقال: ما ألذ عيشنا لو أن شيئا يدوم ، ولكن كما قال الأول:

[ ص: 113 ]


وكل جديد يا أميم إلى بلى وكل امرئ يوما يصير إلى كان

ثم أتى مجلسه فاستلقى وقال:


اعمل على مهل فإنك ميت     واكدح لنفسك أيها الإنسان
فكأن ما قد كان لم يك إذ مضى     وكأن ما هو كائن قد كان

وفي هذه السنة:

بعث عبد الملك خالد بن عبد الله على البصرة واليا ، ووجه خالد عبد الله بن أبي بكرة خليفة له على البصرة ، ورجع عبد الملك إلى الشام .

وفيها: افتتح قيسارية .

وفيها: نزع ابن الزبير جابر بن الأسود بن عوف عن المدينة ، واستعمل عليها طلحة بن عبيد الله بن عوف ، وهو آخر وال لابن الزبير على المدينة ، ثم قدم طارق بن عمرو مولى عثمان ، فهرب طلحة وأقام طارق .

وفيها: قام عبد الله بن الزبير بمكة حين بلغه قتل أخيه مصعب ، وقال: الحمد لله الذي له الخلق والأمر ، إنه قد أتانا من العراق خبر أحزننا ، وأفرحنا ، [أتانا] قتل مصعب رحمه الله ، فأما الذي أفرحنا أن قتله شهادة ، وأما الذي أحزننا فإن الفراق للحميم لوعة يجدها حميمه عند المصيبة ، ألا إن أهل العراق أهل الغدر والنفاق ، أسلموه وباعوه بأقل الثمن ، فلا والله ما نموت على مضاجعنا كما تموت بنو أبي العاص ، والله ما قتل منهم رجل في زحف في الجاهلية ولا الإسلام ، وما نموت إلا قعصا بالرماح ، وموتا تحت ظلال السيوف .

وفيها: حج بالناس عبد الله بن الزبير بن العوام .

[ ص: 114 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية