ثم دخلت
سنة اثنتين وسبعين
فمن الحوادث فيها ما كان من أمر
الخوارج والمهلب .
قال علماء السير: اقتتلت
الأزارقة والمهلب بسولاف ثمانية أشهر أشد القتال ، فأتاهم قتل
nindex.php?page=showalam&ids=17095مصعب بن الزبير ، فبلغ ذلك إلى
الأزارقة قبل المهلب ، فنادت الخوارج لعسكر
المهلب: ما قولكم في
مصعب؟ فقالوا: إمام هدى ، قالوا: فما قولكم في
عبد الملك؟ قالوا: نحن براء منه ، قالوا: فإن
مصعبا قد قتل ، وستجعلون غدا عبد الملك إمامكم .
فلما كان من الغد بلغ المهلب الخبر ، فبايع لعبد الملك ، فقالت الخوارج: يا أعداء الله ، أنتم أمس تتبرءون منه وهو اليوم إمامكم . وكان
عبد الملك قد ولى على
البصرة خالد
بن عبد الله ، فبعث
خالد المهلب على خراج
الأهواز ، وبعث أخاه
عبد العزيز على قتال
الأزارقة ، فهزم وأخذت زوجته
بنت المنذر بن الجارود ، فأقيمت فيمن
يزيد ، فبلغت مائة ألف ، وكانت جميلة ، فغار رجل من قومها كان من رءوس
الخوارج ، فقال: تنحوا ، ما أرى هذه المشركة إلا قد فتنتكم ، فضرب عنقها .
وكتب
خالد إلى
عبد الملك يخبره بما جرى ، فكتب إليه: قبح الله رأيك حين
[ ص: 118 ] تبعث أخاك أعرابيا من أهل
مكة على القتال وتدع
المهلب يجبي الخراج وهو البصير بالحرب ، فإذا أمنت عدوك فلا تعمل فيهم برأي حتى يحضر المهلب وتستشيره فيه .
وكتب
عبد الملك إلى
nindex.php?page=showalam&ids=15539بشر بن مروان: أما بعد ، فإني قد كتبت إلى
خالد بن عبد الله آمره بالنهوض إلى
الخوارج ، فسرح إليه خمسة آلاف رجل ، وابعث عليهم رجلا ترضاه ، فإذا قضوا غزاتهم تلك صرفتهم إلى الري فقاتلوا عدوهم .
فقطع على
الكوفة خمسة آلاف ، وبعث عليهم
عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث ، وقال: إذا قضيت غزاتك هذه فانصرف إلى الري ، وخرج خالد بأهل
البصرة حتى قدم
الأهواز ، فقال له
المهلب: إني أرى ها هنا سفنا كثيرة ، فضمها إليك ، فوالله ما أرى القوم إلا محرقيها ، فما لبث إلا ساعة حتى أقبلت خيل من خيلهم فحرقتها .
وبعث
خالد المهلب على ميمنته ،
وداود بن قحذم على ميسرته ، ومر
المهلب على
عبد الرحمن بن محمد ولم يخندق ، فقال له: يا ابن أخي ما يمنعك من الخندق ، فقال: والله لهم أهون علي من ضرطة الحمار ، قال: فلا يهونوا عليك فإنهم سباع العرب ، لا أبرح أو تضرب عليك خندقا .
فأقاموا نحو عشرين ليلة ، ثم إن
خالدا زحف إليهم بالناس ، فرأوا عددا هائلا ، فولوا وأخذ المسلمون ما في عسكرهم ، واتبعهم
خالد وداود في جيش من أهل
البصرة يقتلونهم ، وانصرف عبد الرحمن إلى الري ، وأقام المهلب
بالأهواز ، وكتب
خالد إلى
عبد الملك يخبره بأن المارقين انهزموا وتبعهم فقتل من قتل منهم ، وقد تبعهم
داود بن قحذم . فكتب عبد الملك إلى بشر بن مروان:
أما بعد فابعث من قبلك رجلا شجاعا
[ ص: 119 ] بصيرا بالحرب في أربعة آلاف ، فليسيروا إلى فارس في طلب المارقة ، فإن
خالدا كتب يخبرني أنه قد بعث في طلبهم
داود بن قحذم ، فمر صاحبك الذي تبعث أن لا يخالف
ابن قحذم إذا التقيا .
فبعث
بشر عتاب بن ورقاء على أربعة آلاف من أهل
الكوفة ، فخرجوا فالتقوا بداود فتبعوا القوم إلى أن نفقت عامة خيولهم ، ورجعوا إلى
الأهواز .