ومن الحوادث
أمر الله عز وجل الخليل ببناء البيت
قد ذكرنا أن
إبراهيم عليه السلام قدم
مكة بهاجر
وإسماعيل ، فوضعهما هنالك ، ثم قدم لزيارة ابنه ثلاث مرات ، فلقيه في الثالثة ، وقال له: إن الله قد أمرني أن أبني بيتا هاهنا .
وقد روى
خالد بن عرعرة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي عليه السلام ، قال: أوحى الله تعالى إلى
إبراهيم أن ابن لي بيتا في الأرض ، فضاق
إبراهيم بذلك ذرعا ، فأرسل عز وجل السكينة وهي ريح خجوج ولها رأسان ، فانتهت به إلى
مكة فتطوقت على موضع البيت كتطوي الجحفة ، وأمر
إبراهيم أن يبني حيث تستقر السكينة ، فبنى
إبراهيم وبقي حجر ، فانطلق الغلام يلتمس له حجرا فأتاه فوجده قد ركب الحجر الأسود في مكانه ،
[ ص: 270 ] فقال: يا أبت من أتاك بهذا الحجر ، قال: أتاني به من لم يتكل على بنائك ، جاء به
جبرئيل من السماء .
وروى
حارثة بن مضرب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه قال: لما قدم
إبراهيم مكة رأى على رأسه في موضع البيت مثل الغمامة فيه مثل الرأس ، فكلمه ، فقال: يا
إبراهيم ابن على ظلي ولا تزد ولا تنقص .
حدثنا
محمد بن عبد الباقي ، أخبرنا
الجوهري ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13103ابن حيويه ، أخبرنا
أحمد بن معروف ، حدثنا
الحارث بن أبي أسامة ، حدثنا
محمد بن سعد ، أخبرنا
محمد بن عمر ، حدثنا
موسى بن محمد بن إبراهيم ، عن
أبي بكر بن أبي الجهم ، عن
أبي بكر سليمان بن أبي خيثمة ، عن
أبي جهم بن حذيفة بن غانم ، قال: أوحى الله إلى
إبراهيم أن يبني البيت وهو يومئذ ابن مائة سنة ،
وإسماعيل يومئذ ابن ثلاثين سنة ، فبناه معه .
فإن قيل: هل بني البيت قبل
إبراهيم؟
قلنا: ذكرنا في قصة
آدم أن الله عز وجل أنزل ياقوتة فجعلها مكان البيت ، وأمر
آدم بالطواف حولها . وفي رواية: أن
آدم بناه ثم بناه بعده بنوه إلا أن الغرق عفى أثره ، وبقي مكانه أكمة إلى أن بناه
الخليل .
فأما
حدود الحرم: فأول من وضعها
الخليل عليه السلام ، وكان
جبرئيل يأمر به ، ثم لم يتحرك حتى كان
قصي [بن كلاب] فجددها ، فقلعتها قريش في زمن نبينا صلى الله عليه وسلم ، فاشتد ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاءه
جبريل ، فقال: إنهم سيعيدونها ، فرأى رجال منهم في المنام قائلا يقول: حرم أعزكم الله به نزعتم أنصابه ، الآن يتخطفكم العرب ، فأعادوها ، فقال
جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: يا
محمد أعادوها ، فقال: فأصابوا؟ قال:
[ ص: 271 ] ما وضعوا منها نصبا إلا بيد الملك .
ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في عام الفتح
تميم بن راشد فجددها ، ثم جددها
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، ثم جددها
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية ، ثم
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان .
[فإن] قال قائل: ما السبب في بعد بعض الحدود وقرب بعضها؟
ففيه ثلاثة أجوبة:
أحدها: أنه لما أهبط الله عز وجل على
آدم بيتا من ياقوت أضاء ما بين المشرق والمغرب ، ففرت الجن والشيطان وأقبلوا ينظرون ، فجاءت ملائكة تردهم ، فوقفوا مكان حدود الحرم . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والثاني: أنه كان في ذلك البيت قناديل فيها نور فانتهى ضوء ذلك النور إلى مواضع الحرم . قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه .
والثالث: أنه لما وضع
الخليل الركن أضاء ، فالحرم إلى موضع انتهاء نوره .
ومن الأحداث: أنه لما فرغ
إبراهيم من بناء البيت أمره الله عز وجل أن يؤذن في الناس بالحج
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: لما بنى البيت أوحى الله تعالى إليه: أن
وأذن في الناس بالحج [22: 27] فقال: يا رب وما يبلغ صوتي؟ قال: أذن وعلي البلاغ . فقام على الحجر فنادى: أيها الناس إن ربكم قد اتخذ بيتا وأمركم أن تحجوه ، فسمعه من بين السماء والأرض ، وأسمع من في أصلاب الرجال وأرحام النساء ، فأجابه من سبق في علم الله أنه يحج إلى يوم القيامة: لبيك اللهم لبيك ، فاستجاب له ما سمعه من حجر أو شجر أو أكمة [أو تراب] أو شيء: لبيك اللهم لبيك .
وقال
عبد بن عمر: استقبل
إبراهيم اليمن فدعا إلى الله وإلى حج بيته ، فأجيب:
[ ص: 272 ] لبيك لبيك ، ثم إلى
الشام فأجيب لبيك لبيك .
أخبرنا
محمد بن عبد الباقي ، أخبرنا
الجوهري ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13103ابن حيويه ، أخبرنا
محمد بن معروف ، أخبرنا
الحارث بن أبي أسامة ، حدثنا
محمد بن سعد ، أخبرنا
هشام بن محمد ، عن أبيه قال: خرج
إبراهيم إلى
مكة ثلاث مرات دعا الناس إلى الحج في آخرهن فأجابه كل شيء سمعه ، فأول من أجابه جرهم قبل العماليق ، ثم أسلموا ، ورجع
إبراهيم إلى بلد
الشام ، فمات به ، وهو ابن مائتي سنة .