صفحة جزء
[عزل المعتز وتدبير موته ]

وكان المعتز مستضعفا مع الأتراك ، فاتفق أن جماعة من كبارهم أتوه وقالوا : يا أمير المؤمنين; أعطنا أرزاقنا لنقتل صالح بن وصيف ، وكان المعتز يخاف منه ، فطلب من أمه مالا لينفقه فيهم ، فأبت عليه ، وشحت نفسها ، ولم يكن بقي في بيوت المال شيء .

فاجتمع الأتراك حينئذ على خلعه ، ووافقهم صالح بن وصيف ، ومحمد بن بغا ، فلبسوا السلاح وجاؤوا إلى دار الخلافة ، فبعثوا إلى المعتز : أن اخرج إلينا ، فبعث يقول : قد شربت دواء وأنا ضعيف .

فهجم عليه جماعة ، وجروا برجله ، وضربوه بالدبابيس ، وأقاموه في الشمس في يوم صائف وهم يلطمون وجهه ويقولون : اخلع نفسك .

ثم أحضروا القاضي ابن أبي الشوارب والشهود وخلعوه ، ثم أحضروا من بغداد إلى دار الخلافة - وهي يومئذ سامراء - محمد بن الواثق ، وكان المعتز قد أبعده إلى بغداد ، فسلم المعتز إليه الخلافة وبايعه .

ثم إن الملأ أخذوا المعتز بعد خمس ليال من خلعه ، فأدخلوه الحمام فلما تغسل . . . عطش ، فمنعوه الماء ، ثم أخرج - وهو ميت عطشا - ، فسقوه ماء بثلج ، فشربه وسقط ميتا ، وذلك في شهر شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين .

التالي السابق


الخدمات العلمية