وفي سنة ثمان وعشرين: مات الظاهر العبيدي صاحب مصر، وأقيم ابنه
nindex.php?page=showalam&ids=15235المستنصر معد وهو ابن سبع سنين، فأقام في الخلافة ستين سنة وأربعة أشهر.
قال
الذهبي : (ولا أعلم أحدا في الإسلام: لا خليفة ولا سلطانا أقام هذه المدة، وفي أيامه كان الغلاء
بمصر الذي ما عهد مثله منذ زمان
يوسف، فأقام سبع سنين حتى أكل الناس بعضهم بعضا، وحتى قيل: إنه بيع رغيف بخمسين دينارا).
وفي سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة: قطع المعز بن باديس الخطبة للعبيدي بالمغرب، وخطب
لبني العباس .
وفي سنة إحدى وخمسين: كان عقد الصلح بين السلطان
إبراهيم بن مسعود بن محمود بن سبكتكين صاحب
غزنة وبين السلطان
جغري بك ابن سلجوق أخي
طغرلبك صاحب
خراسان بعد حروب كثيرة، ثم مات جغري بك في السنة، وأقيم مكانه ابنه
ألب أرسلان .
[ ص: 645 ] وفي سنة أربع وخمسين: زوج الخليفة بنته لطغرلبك بعد أن دافع بكل ممكن، وانزعج واستعفى، ثم لان لذلك برغم منه، وهذا أمر لم ينله أحد من ملوك بني بويه مع قهرهم للخلفاء وتحكمهم فيهم.
قلت: والآن زوج خليفة عصرنا ابنته من واحد من مماليك السلطان، فضلا عن السلطان، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ثم قدم
طغرلبك في سنة خمس فدخل بابنة الخليفة، وأعاد المواريث والمكوس، وضمن
بغداد بمائة وخمسين ألف دينار، ثم رجع إلى الري فمات بها في رمضان، فلا عفا الله عنه، وأقيم في السلطنة بعده ابن أخيه عضد الدولة ألب أرسلان صاحب خراسان، وبعث إليه القائم بالخلع والتقليد.
قال
الذهبي : (وهو أول من ذكر بالسلطان على منابر
بغداد، وبلغ ما لم يبلغه أحد من الملوك، وافتتح بلادا كثيرة من بلاد النصارى، واستوزر نظام الملك، فأبطل ما كان عليه الوزير قبله عميد الملك من سب
الأشعرية، وانتصر للشافعية، وأكرم إمام الحرمين
وأبا القاسم القشيري، وبنى النظامية، قيل: وهي أول مدرسة بنيت للفقهاء).
وفي سنة ثمان وخمسين: ولدت بباب الأزج صغيرة لها رأسان ووجهان ورقبتان على بدن واحد.
وفيها: ظهر كوكب كأنه دارة القمر ليلة تمه بشعاع عظيم، وهال الناس ذلك، وأقام عشر ليال، ثم تناقص ضوؤه وغاب.
[ ص: 646 ] وفي سنة تسع وخمسين: فرغت المدرسة النظامية ببغداد، وقرر لتدريسها الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، فاجتمع الناس فلم يحضر واختفى، فدرس ابن الصباغ صاحب «الشامل»، ثم تلطفوا بالشيخ أبي إسحاق حتى أجاب ودرس.
وفي سنة ستين: كانت بالرملة الزلزلة الهائلة التي خربتها، حتى طلع الماء من رءوس الآبار، وهلك من أهلها خمسة وعشرون ألفا، وأبعد البحر عن ساحله مسيرة يوم، فنزل الناس إلى أرضه يلتقطون السمك، فرجع الماء عليهم فأهلكهم.
وفي سنة إحدى وستين: احترق جامع دمشق، وزالت محاسنه وتشوه منظره، وذهبت سقوفه المذهبة.
وفي سنة اثنتين وستين: ورد رسول أمير مكة على السلطان ألب أرسلان بأنه أقام الخطبة العباسية، وقطع خطبة المستنصر المصري، وترك الأذان بـ «حي على خير العمل»، فأعطاه السلطان ثلاثين ألف دينار وخلعا.
وسبب ذلك: ذلة المصريين بالقحط المفرط سنين متوالية، حتى أكل الناس الناس، وبلغ الإردب مائة دينار، وأبيع الكلب بخمسة دنانير، والهر بثلاثة دنانير.
[ ص: 647 ] وحكى صاحب «المرآة» : (أن امرأة خرجت من
القاهرة ومعها مد جوهر، فقالت: من يأخذه بمد بر؟ فلم يلتفت إليها أحد).
وقال بعضهم يهنئ القائم:
وقد علم المصري أن جنوده سنو يوسف فيها وطاعون عمواس أقامت به حتى استراب بنفسه
وأوجس منها خيفة أي إيجاس
وفي سنة ثلاث وستين: خطب بحلب للقائم، وللسلطان
ألب أرسلان لما رأوا قوة دولتهما وإدبار دولة المستنصر.
وفيها:
كانت وقعة عظيمة بين الإسلام والروم، ونصر المسلمون ولله الحمد، ومقدمهم السلطان: ألب أرسلان، وأسر ملك
الروم، ثم أطلقه بمال جزيل، وهادنه خمسين سنة، ولما أطلق... قال للسلطان: أين جهة الخليفة؟ فأشار له، فكشف رأسه وأومأ إلى الجهة بالخدمة.
وفي سنة أربع وستين: كان الوباء في الغنم. وفي سنة خمس وستين: قتل السلطان ألب أرسلان، وقام في الملك ولده: ملكشاه ، ولقب: جلال الدولة، ورد تدبير المملكة إلى نظام الملك ولقبه: الأتابك; وهو أول من لقب به; ومعناه الأمير الوالد.
[ ص: 648 ] وفيها: اشتد الغلاء بمصر حتى أكلت امرأة رغيفا بألف دينار، وكثر الوباء إلى الغاية.
وفي سنة ست وستين: كان الغرق العظيم ببغداد، وزادت دجلة ثلاثين ذراعا، ولم يقع مثل ذلك قط، وهلكت الأموال والأنفس والدواب، وركبت الناس في السفن، وأقيمت الجمعة في الطيار على ظهر الماء مرتين، وقام الخليفة يتضرع إلى الله، وصارت
بغداد ملقة واحدة، وانهدم مائة ألف دار أو أكثر.