[ ص: 725 ] خلافة الحاكم بأمر الله
[661 - 701 هـ]
أبو العباس، أحمد بن أبي علي الحسن القبي -بضم القاف وتشديد الموحدة- ابن علي بن أبي بكر ابن الخليفة المسترشد بالله ابن المستظهر بالله.
كان اختفى وقت أخذ
بغداد ونجا، ثم خرج منها وفي صحبته جماعة، فقصد
حسين بن فلاح أمير
بني خفاجة، فأقام عنده مدة، ثم توصل مع العرب إلى
دمشق، وأقام عند الأمير
عيسى بن مهنأ مدة، فطالع به الناصر صاحب
دمشق، فأرسل يطلبه فبغته مجيء التتار.
فلما جاء الملك
المظفر دمشق ... سير في طلبه الأمير
قليج البغدادي، فاجتمع به وبايعه بالخلافة، وتوجه في خدمته جماعة من أمراء العرب، فافتتح الحاكم
عانة بهم
والحديثة وهيت والأنبار، وصاف
التتار وانتصر عليهم.
ثم كاتبه
علاء الدين طيبرس نائب
دمشق يومئذ للملك
nindex.php?page=showalam&ids=14730الظاهر يستدعيه، فقدم
دمشق في صفر، فبعثه إلى السلطان، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=15235المستنصر بالله قد سبقه بثلاثة أيام إلى
القاهرة، فما رأى أن يدخل إليها; خوفا من أن يمسك، فرجع إلى
حلب، فبايعه صاحبها ورؤساؤها; منهم:
عبد الحليم بن تيمية، وجمع خلقا كثيرا، وقصد عانة، فلما خرج المستنصر... وافاه
بعانة، فانقاد الحاكم له ودخل تحت طاعته.
فلما قدم
nindex.php?page=showalam&ids=15235المستنصر في الوقعة المذكورة في ترجمته... قصد الحاكم
الرحبة، وجاء إلى
عيسى بن مهنأ، فكاتب الملك
nindex.php?page=showalam&ids=14730الظاهر فيه، فطلبه فقدم إلى
القاهرة ومعه ولده وجماعة، فأكرمه الملك الظاهر، وبايعوه بالخلافة، وامتدت أيامه،
[ ص: 726 ] وكانت خلافته نيفا وأربعين سنة، وأنزله الملك الظاهر
بالبرج الكبير بالقلعة، وخطب بجامع القلعة مرات.
قال الشيخ
قطب الدين: (في يوم الخميس، ثامن المحرم، سنة إحدى وستين: جلس السلطان مجلسا عاما، وحضر الحاكم بأمر الله راكبا إلى الإيوان الكبير بقلعة الجبل، وجلس مع السلطان وذلك بعد ثبوت نسبه، فأقبل عليه السلطان، وبايعه بإمرة المؤمنين، ثم أقبل هو على السلطان وقلده الأمور، ثم بايعه الناس على طبقاتهم.
فلما كان من الغد يوم الجمعة.. خطب خطبة ذكر فيها الجهاد والإمامة، وتعرض إلى ما جرى من هتك حرمة الخلافة، ثم قال: وهذا السلطان الملك الظاهر قد قام بنصر الإمامة عند قلة الأنصار، وشرد جيوش الكفر بعد أن جاسوا خلال الديار، وأول الخطبة: الحمد لله الذي أقام
لآل العباس ركنا وظهيرا، ثم كتب بدعوته إلى الآفاق).
وفي هذه السنة وبعدها: تواتر مجيء جماعة من
التتار مسلمين مستأمنين، فأعطوا أخبازا وأرزاقا، فكان ذلك مبدأ كفاية شرهم.
وفي سنة اثنتين وستين: فرغت المدرسة الظاهرية بين القصرين، وولي بها تدريس الشافعية
التقي ابن رزين، وتدريس الحديث الشريف الدمياطي.
وفيها: زلزلت
مصر زلزلة عظيمة.
[ ص: 727 ] وفي سنة ثلاث وستين: انتصر سلطان المسلمين بالأندلس أبو عبد الله بن الأحمر على الفرنج، واسترجع من أيديهم اثنتين وثلاثين بلدا: من جملتها: إشبيلية ومرسية.
وفيها: كثر الحريق
بالقاهرة في عدة مواضع، ووجد لفائف فيها النار والكبريت على الأسطحة.
وفيها: حفر السلطان
بحر أشمون، وعمل فيه بنفسه والأمراء.
وفيها: مات طاغية
التتار هولاكو، وملك بعده ابنه
أبغا.
وفيها: سلطن السلطان ولده الملك السعيد، وعمره أربع سنين، وركبه بأبهة الملك في قلعة الجبل، وحمل الغاشية بنفسه بين يدي ولده; من باب السر إلى باب السلسلة ثم عاد، وركب إلى
القاهرة والأمراء مشاة بين يديه.
وفيها: جدد بالديار المصرية القضاة الأربعة، من كل مذهب قاض، وسبب ذلك: توقف القاضي
تاج الدين ابن بنت الأعز عن تنفيذ كثير من الأحكام، وتعطلت الأمور، وأبقى
للشافعي النظر في أموال الأيتام، وأمور بيت المال، ثم فعل ذلك
بدمشق .
وفي رمضان منها: حجب السلطان الخليفة ومنعه الناس; لكون أصحابه كانوا يخرجون إلى البلد ويتكلمون في أمر الدولة.
[ ص: 728 ] وفي سنة خمس وستين وستمائة: أمر السلطان بعمل الجامع بالحسنية، وتم ذلك في سنة سبع وستين، وقرر له خطيب حنفي.