[ ص: 264 ] فصل (
في تمييز الأعمال وانقسام الفعل الواحد بالنوع إلى طاعة ومعصية بالنية . قال الشيخ
تقي الدين رحمه الله تعالى : قاعدة نافعة عامة في الأعمال )
وذلك أنها تشتبه دائما في الظاهر ، مع افتراقها في الحقيقة والباطن حتى تكون صورة الخير والشر واحدة ، وإنما المفرق بينهما الباطن ذلك إلى فعل ما هو شر باعتبار الباطن مع ظن الفاعل ، أو غيره أنه خير ، وإلى ترك ما هو خير مع ظن التارك وغيره أنه ترك شرا ، إلا من عصمه الله تعالى بالهداية ، وحسن النية ، وأكثر ما يبتلى الناس بذلك عند الشهوات والشبهات ، وهذا الأصل هو مذهب أهل السنة وجماهير المسلمين إن الفعل الواحد بالنوع ينقسم إلى طاعة ومعصية ، وإن اختلفوا في الواحد بالشخص ، هل تجتمع فيه الجهتان ؟
وخالف
أبو هاشم في الواحد بالنوع أيضا . واتفق الناس على أن النوع الواحد من أن الحيوان كالآدمي ينقسم إلى مطيع وعاص .
واختلفوا في الشخص الواحد هل يجتمع فيه استحقاق الثواب والعقاب ، والمدح والذم ؟ فذهب
أهل السنة المانعون من تخلد أهل الكبائر لجواز ذلك ، وأباه المخلدة ، وأنا أذكر لذلك أمثالا يتفطن لها اللبيب حتى تحقق النية في العمل ، فإنها هي الفارقة كما قال النبي : صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12419إنما الأعمال بالنيات } فإن هذه كلمة جامعة ، عظيمة القدر .
فمن الأمثلة الظاهرة في الأعمال : الصلاة والصدقة والجهاد والحكم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك الصادر من المرائي الذي يريد العلو في الأرض ، ورياء الناس ، ومن المخلص الذي يريد وجه الله والدار الآخرة ، ومن الأمثلة في الترك أن التقوى والورع الذي هو ترك المحرمات ، والشبهات من الكذب والظلم ، وفروع ذلك في الدماء والأموال والأعراض تشتبه بالجبن والبخل والكبر فقد يترك الرجل من شهادة الحق الواجب
[ ص: 265 ] إظهارها ما يظن أن يتركه خوفا من الكذب ، وإنما تركه جبنا عن الحق ، ويترك الجهاد ، وإقامة الحدود ظنا أنه يتركه خوفا من الظلم ، وإنما تركه جبنا ويترك فعل المعروف والإحسان إلى الناس ظنا أنه تركه ورعا من الظلم إذا كان المحسن إليه يخاف منه الظلم ، وإنما تركه بخلا إذا لم يكن في نفس ذلك إعانة على الظلم ، وقد يترك قضاء الحقوق الشرعية من الابتداء بالسلام ، وعيادة المريض ، وشهود الجنائز والتواضع في الأخلاق ، وتحمل الشهادة وأدائها ، وغير ذلك ظنا منه أنه تركه لئلا يفضي إلى مخالطة الظلمة والخونة والكذبة ، وإنما تركه كبرا وترأسا عليهم ، كما أنه يفعل ذلك ظنا أنه فعله لأجل الحقوق الشرعية ، ومكارم الأخلاق ، وإنما فعله رغبة إليهم حرصا وطمعا أو رهبة منهم . وقول النبي : صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12419إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى } ثم قسم الهجرة الواحدة بالنوع إلى قسمين من أجل حديث على وجه الأرض .