[ ص: 269 ] حكم اللعن ، ولعن المعين ) .
ويجوز لعن الكفار عاما ، وهل يجوز لعن كافر معين ؟ على روايتين قال الشيخ
تقي الدين : ولعن تارك الصلاة على وجه العموم جائز ، وأما لعنه المعين ، فالأولى تركها ; لأنه يمكن أن يتوب .
وقال في موضع آخر : قيل :
nindex.php?page=showalam&ids=12251لأحمد ابن حنبل أيؤخذ الحديث عن
يزيد فقال : لا ولا كرامة أو ليس هو فعل بأهل
المدينة ما فعل ؟ وقيل له : إن أقواما يقولون : إنا نحب
يزيد فقال : وهل يحب
يزيد من يؤمن بالله واليوم الآخر ؟ فقيل له : أو لا تلعنه ؟ فقال : متى رأيت أباك يلعن أحدا .
وقال الشيخ
تقي الدين أيضا في موضع آخر في لعن المعين من الكفار من أهل القبلة وغيرهم ، ومن الفساق بالاعتقاد ، أو بالعمل : لأصحابنا فيها أقوال ( أحدها : ) أنه لا يجوز بحال ، وهو قولي
أبي بكر وعبد العزيز ( والثاني : ) يجوز في الكافر دون الفاسق ( والثالث ) يجوز مطلقا قال
ابن الجوزي : في لعنة
يزيد أجازها العلماء الورعون منهم
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، وأنكر ذلك عليه الشيخ
عبد المغيث الحربي ، وأكثر أصحابنا ، لكن منهم من بنى الأمر على أنه لم يثبت فسقه ، وكلام
عبد المغيث يقتضي ذلك ، وفيه نوع انتصار ضعيف ، ومنهم من بنى الأمر على أن لا يلعن الفاسق المعين ، وشنع
ابن الجوزي على من أنكر استجازة ذم المذموم ، ولعن الملعون
كيزيد .
قال : وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في حق
يزيد ما يزيد على اللعنة ، وذكر رواية
مهنا سألت
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن
يزيد ، فقال : هو الذي فعل بأهل
المدينة ما فعل . قلت : فيذكر عنه الحديث ؟ قال : لا يذكر عنه الحديث لا ينبغي لأحد أن يكتب عنه حديثا . قلت :
ومن كان معه حين فعل ؟ فقال : أهل
الشام ، قال الشيخ
تقي الدين : هذا أكثر ما يدل على الفسق لا على لعنة المعين .
وذكر
ابن الجوزي : ما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في المعتمد من رواية
صالح [ ص: 270 ] وما لي لا ألعن من لعنه الله عز وجل في كتابه . إن صحت الرواية قال : وقد صنف القاضي
أبو الحسين كتابا في بيان من يستحق اللعن ، وذكر فيهم
يزيد قال : وقد جاء في الحديث لعن من فعل ما لا يقارب معشار عشر ما فعل
يزيد ، وذكر الفعل العام كلعن الوامصة وأمثاله ، وذكر رواية
أبي طالب سألت
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل عمن قال : لعن الله
nindex.php?page=showalam&ids=17374يزيد بن معاوية . فقال : لا تكلم في هذا ، الإمساك أحب إلي .
قال
ابن الجوزي : هذه الرواية تدل على اشتغال الإنسان بنفسه عن لعن غيره . والأولى على جواز اللعنة كما قلنا في تقديم التسبيح على لعنة إبليس ، وسلم
ابن الجوزي أن ترك اللعن أولى ، وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قيل : يا رسول الله ادع الله على المشركين قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12865إني لم أبعث لعانا ، وإنما بعثت رحمة } قال
ابن الجوزي : وقد لعن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل من يستحق اللعن . فقال في رواية
مسدد : قالت
الواقفية الملعونة
، والمعتزلة الملعونة .
وقال
عبيد الله بن أحمد الحنبلي : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل يقول على
الجهمية : لعنة الله ، وكان
الحسن يلعن
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج nindex.php?page=showalam&ids=12251، وأحمد يقول
nindex.php?page=showalam&ids=14078 : الحجاج رجل سوء .
قال الشيخ
تقي الدين : ليس في هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد لعنة معين ، لكن قول
الحسن نعم .
وقال
ابن الجوزي قال الفقهاء : لا تجوز
ولاية المفضول على الفاضل إلا أن يكون هناك مانع إما خوف فتنة ، أو يكون الفاضل غير عالم بالسياسة لحديث
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في السقيفة ، وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر في تولية
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنهما وأجاب من قال : كان خارجيا بأن الخارجي من خرج على مستحق ، وإنما خرج
nindex.php?page=showalam&ids=17الحسين رضي الله عنه لدفع الباطل وإقامة الحق .
وقال
ابن الجوزي : نقلت من خط
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل قال : قال رجل : كان
nindex.php?page=showalam&ids=17الحسين رضي الله عنه خارجيا ، فبلغ ذلك من قلبي ، فقلت : لو عاش
إبراهيم رضي الله عنه
[ ص: 271 ] صلح أن يكون نبيا ، فهب أن
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=17والحسين نزلا عن رتبة
إبراهيم مع كونه سماهما ابنيه ، أو لا يصيب ولد ولده أن يكون إماما بعده ؟ فأما تسميته خارجيا وإخراجه عن الإمامة لأجل صولة
بني أمية هذا ما لا يقتضيه عقل ولا دين ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل : ومتى حدثتك نفسك وفاء الناس فلا تصدق ، هذا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر الناس حقوقا على الخلق إلى أن قال : {
قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى } .
فقتلوا أصحابه وأهلكوا أولاده ، وقال الشيخ
تقي الدين : فقد جوز
ابن الجوزي الخروج على غير العادل ، وفسر
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل الآية بالتفسير المرجوح .
وفي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=10938إن أول جيش يغزو القسطنطينية مغفور لهم } وأول جيش غزاها كان أميرهم
يزيد في خلافة أبيه
معاوية ، وكان في الجيش
nindex.php?page=showalam&ids=50أبو أيوب الأنصاري ، قال
الشيخ تقي الدين : والجيش عدد معين لا مطلق ، وشمول المغفرة لآحاد هذا الجيش أقوى من شمول اللعنة لكل واحد واحد من الظالمين ، فإن هذا حصر ، والجيش معينون ويقال : إن
يزيد إنما غزا
القسطنطينية لأجل هذا الحديث .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في المعتمد : من حكمنا بكفرهم من المتأولين وغيرهم ، فجائز لعنتهم نص عليه ، وذكر أنه قال في اللفظية على من جاء بهذا : لعنة الله عليه ، غضب الله ، وذكر أنه قال عن قوم معينين : هتك الله الخبيث ، وعن قوم : أخزاه الله .
وقال في آخر : ملأ الله قبره نارا . قال الشيخ
تقي الدين : لم أره نقل لعنة معينة إلا لعنة نوع ، أو دعاء على معين بالعذاب ، أو سبا له لكن قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي : لم يفرق بين المطلق ، والمعين ، وكذلك جدنا
nindex.php?page=showalam&ids=13028أبو البركات . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي : فأما فساق أهل الملة بالأفعال كالزنا ، والسرقة ، وشرب الخمر ، وقتل النفس ، ونحو ذلك ، فهل يجوز لعنهم أم لا ؟ فقد توقف
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن ذلك في رواية
صالح قلت لأبي : الرجل يذكر عنده
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج أو غيره يلعنه ؟ فقال : لا يعجبني لو عم فقال : ألا لعنة الله على الظالمين .
[ ص: 272 ]
وقال
أبو طالب : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن من نال
nindex.php?page=showalam&ids=17374يزيد بن معاوية قال : لا تكلم في هذا ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=32447لعن المؤمن كقتله } قال فقد توقف عن لعنة
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج مع ما فعله ، ومع قوله :
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج رجل سوء ، وتوقف عن لعنة
nindex.php?page=showalam&ids=17374يزيد بن معاوية مع قوله في رواية
مهنا ، وقد سأله عن
nindex.php?page=showalam&ids=17374يزيد بن معاوية فقال : هو الذي فعل
بالمدينة ما فعل قتل
بالمدينة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهبها لا ينبغي لأحد أن يكتب حديثه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14242أبو بكر الخلال في كتاب السنة الذي ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12251أبو عبد الله في التوقف في اللعنة ففيه أحاديث كثيرة لا تخفي على أهل العلم ، ويتبع قول
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين فهما الإمامان في زمانهما ، ويقول : لعن الله من قتل
الحسين بن علي ، لعن الله من قتل
عثمان ، لعن الله من قتل
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا ، لعن الله من قتل
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بن أبي سفيان ، ونقول : لعنة الله على الظالمين إذا ذكر لنا رجل من أهل الفتن على ما تقلده
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي فقد صرح
nindex.php?page=showalam&ids=14242الخلال باللعنة قال : قال
أبو بكر عبد العزيز فيما وجدته في تعاليق أبي إسحاق : ليس لنا أن نلعن إلا من لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم على طريق الإخبار عنه .
قال الشيخ
تقي الدين المنصوص عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد الذي قرره
nindex.php?page=showalam&ids=14242الخلال اللعن المطلق العام لا المعين كما قلنا في نصوص الوعيد والوعد ، وكما نقول في الشهادة بالجنة والنار ، فإنا نشهد بأن المؤمنين في الجنة ، وأن الكافرين في النار
[ ص: 273 ] ونشهد بالجنة والنار لمن شهد له الكتاب والسنة ، ولا نشهد بذلك لمعين إلا من شهد له النص ، أو شهد له الاستفاضة على قول ، فالشهادة في الخبر كاللعن في الطلب ، والخبر والطلب نوعا الكلام ، ولهذا قال النبي : صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11128إن الطعانين واللعانين لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة } ، فالشفاعة ضد اللعن كما أن الشهادة ضد اللعن وكلام
nindex.php?page=showalam&ids=14242الخلال يقتضي أنه لا يلعن المعينين من الكفار ، فإنه ذكر قاتل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، وكان كافرا ، ويقتضي أنه لا يلعن المعين من أهل الأهواء ، فإنه ذكر قاتل
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، وكان خارجيا .
ثم استدل
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي للمنع بما جاء من ذم اللعن ، وأن هؤلاء ترجى لهم المغفرة ، ولا تجوز لعنتهم ; لأن اللعن يقتضي الطرد والإبعاد بخلاف من حكم بكفره من المتأولين ، فإنهم مبعدون من الرحمة كغيرهم من الكفار ، واستدل على جواز ذلك ، وإطلاقه بالنصوص التي جاءت في اللعن وجميعها مطلقة كالراشي والمرتشي ، وآكل الربا وموكله ، وشاهديه ، وكاتبيه .
قال الشيخ
تقي الدين : فصار للأصحاب في الفساق ثلاثة أقوال ( أحدها : ) المنع عموما وتعينا إلا برواية النص . ( والثاني ) : إجازتها . ( والثالث : ) التفريق وهو المنصوص ، لكن المنع من المعين هل هو منع كراهة أو منع تحريم ؟ ثم قال في الرد على الرافضي لا يجوز واحتج بنهيه عليه السلام عن لعنة الرجل الذي يدعى حمارا .
وقال هنا ظاهر كلامه الكراهة ، وبذلك فسره
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي فيما بعد لما ذكر قول
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : لا تعجبني لعنة
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج ونحوه لو عم فقال : ألا لعنة الله على الظالمين .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي : فقد كره
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد لعن
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج قال : ويمكن أن يتأول توقف
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن لعنة
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج ونظرائه ( أنه ) كان من الأمراء فامتنع من ذلك من وجهين ( أحدهما : ) نهي جاء عن لعنة الولاة خصوصا ( الثاني : ) أن لعن الأمراء ربما أفضى إلى الهرج ، وسفك الدماء والفتن ، وهذا المعنى معدوم في غيرهم .
[ ص: 274 ] قال الشيخ
تقي الدين : والذين اتخذوا أئمة في الدين من أهل الأهواء هم أعظم من الأمراء عند أصحابهم ، وقد يفضي ذلك إلى الفتن . وذكر يعني
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي ما نقله من خط
nindex.php?page=showalam&ids=14800أبي حفص العكبري أسنده إلى
صالح بن أحمد قلت لأبي : إن قوما ينسبون إلي تولي
يزيد ، فقال : يا بني وهل يتولى
يزيد أحد يؤمن بالله واليوم الآخر ؟ فقلت : ولم لا تلعنه ؟ فقال : ومتى رأيتني ألعن شيئا ؟ لم لا نلعن من لعنه الله عز وجل في كتابه ؟ فقلت : وأين لعن الله
يزيد في كتابه ؟ فقرأ : {
فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم } .
فهل يكون في قطع الرحم أعظم من القتل ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي : وهذه الرواية إن صحت فهي صريحة في معنى لعن
يزيد قال الشيخ
تقي الدين : الدلالة مبنية على استلزام المطلق للمعين انتهى كلامه .
وقال في مكان آخر : وقد نقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد لعنة أقوام معينين من دعاة أهل البدع ، ولهذا فرق من فرق من الأصحاب بين لعنة الفاسق بالفعل ، وبين دعاة أهل الضلال إما بناء على تكفيرهم ، وإما بناء على أن ضررهم أشد ، ومن جوز لعنة المبتدع المكفر معينا ، فإنه يجوز لعنة الكافر المعين بطريق الأولى ، ومن لم يجوز أن يلعن إلا من ثبت لعنه بالنص ، فإنه لا يجوز لعنة الكافر المعين ، فمن لم يجوز إلا لعن المنصوص يرى أن لا يجوز ذلك لا على وجه الانتصار ولا على وجه الجهاد ، وإقامة الحدود كالهجرة ، والتعزير والتحذير .
وهذا مقتضى حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة الذي في الصحيح
[ ص: 275 ] {
nindex.php?page=hadith&LINKID=3960أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يدعو لأحد ، أو على أحد قنت بعد الركوع . وقال فيه : اللهم العن فلانا وفلانا لأحياء من العرب } حتى نزلت : {
ليس لك من الأمر شيء } .
قال : وكذلك من لم يلعن المعين من
أهل السنة ، أو من أهل القبلة ، أو مطلقا ، وأما من جوز لعنة الفاسق المعين على وجه البغض في الله عز وجل ، والبراءة منه والتعزير ، فقد يجوز ذلك على وجه الانتصار أيضا ، ومن يرجح المنع من لعن المعين ، فقد يجيب عما فعله النبي صلى الله عليه وسلم بأحد أجوبة ثلاثة إما بأن ذلك منسوخ كلعن من لعن في القنوت على ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ، وإما أن ذلك مما دخل في قوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=59302اللهم إنما أنا بشر أغضب كما يغضب البشر ، فأيما مسلم سببته أو لعنته ، وليس كذلك فاجعل ذلك له صلاة وزكاة ورحمة تقربه بها إليك يوم القيامة } .
لكن قد يقال : هذا الحديث لا يدل على تحريم اللعنة ، وإنما يدل أنه يفعلها باجتهاده بالتعزير فجعل هذا الدعاء دافعا عمن ليس لها بأهل ، وإما أن يقال : اللعن من النبي صلى الله عليه وسلم ثابت بالنص فقد يكون اطلع على عاقبة الملعون ، وقد يقال : الأصل مشاركته في الفعل ، ولو كان لا يلعن إلا من علم أنه من أهل النار لما قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12404إنما أنا بشر أغضب كما يغضب البشر ، فأيما مسلم سببته ، أو شتمته ، أو لعنته فاجعل ذلك له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة } .
فهذا يقتضي أنه كان يخاف أن يكون لعنه بما يحتاج أن يستدرك بما يقابله من الحسنات ، فإنه معصوم ، والاستدراك بهذا الدعاء يدفع ما يخافه من إصابة دعائه لمن لا يستحقه ، وإن كان باجتهاد ، إذ هو باجتهاده الشرعي معصوم لأجل التأسي به .
وقد يقال : نصوص الفعل تدل على الجواز للظالم كما يقتضي ذلك القياس ، فإن اللعنة هي البعد عن رحمة الله ، ومعلوم أنه يجوز أن يدعى عليه من العذاب بما يكون مبعدا عن رحمة الله عز وجل في بعض المواضع كما تقدم ، فاللعنة أولى أن تجوز ، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن لعن من علم أنه يحب الله ورسوله ، فمن علم أنه مؤمن في الباطن يحب الله ورسوله لا يلعن ; لأن هذا مرحوم بخلاف من لا يكون كذلك انتهى كلامه .
[ ص: 276 ]
وفي الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها قالت : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13352استأذن رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : السام عليكم ، فقالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها : عليكم السام واللعنة . فقال : يا nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة إن الله تعالى يحب الرفق في الأمر قالت : ألم تسمع ما قالوا ؟ قال : قد قلت : وعليكم }
nindex.php?page=showalam&ids=12070وللبخاري في رواية {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11316 : إن الله رفيق } ، وفيهما أيضا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=6504أن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت : بل عليكم السام والذام ، فقال : يا nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة لا تكوني فاحشة . فقلت : ما سمعت ما قالوا ؟ فقال : أوليس قد رددت عليهم الذي قالوا ؟ قلت : وعليكم } .
وفي لفظ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37669مه يا nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة فإن الله لا يحب الفحش والتفحش } وأنزل الله عز وجل : {
وإذا جاءوك حيوك } .
الذام بالذال المعجمة ، وتخفيف الميم الذم روي بالدال المهملة ، ومعناه الدائم .
nindex.php?page=showalam&ids=12070وللبخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها {
nindex.php?page=hadith&LINKID=6504أن يهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : السام عليكم ، فقالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : عليكم لعنة الله وغضب الله عليكم . قال : مهلا يا nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة عليك بالرفق ، وإياك والعنف والفحش } ولهما أو
nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12322إنا نجاب عليهم ، ولا يجابون علينا } قال في شرح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم فيه الانتصار من الظالم ، وفيه الانتصار لأهل الفضل ممن يؤذيهم انتهى كلامه .
والاستدلال بهذا الخبر في جواز لعنة المعين وعدمه محتمل .
nindex.php?page=showalam&ids=12070وللبخاري من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=5267أن رجلا كان اسمه عبد الله ، وكان يلقب حمارا ، وكان يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب فأتي به يوما فأمر به فجلده . فقال رجل من القوم : اللهم العنه ما أكثر ما يؤتى به ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تلعنوه فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله } خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في باب ما يكره من لعن شارب الخمر ، وإنه ليس بخارج عن الملة ، فهذا ظاهر الدلالة .
nindex.php?page=showalam&ids=17080ولمسلم من حديث بريدة {
nindex.php?page=hadith&LINKID=4906أن nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد لما رمى المرجومة بحجر ، فنضح الدم على وجهه فسبها ، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم سبه إياها فقال مهلا يا nindex.php?page=showalam&ids=22خالد فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له } .
[ ص: 277 ]
قال في النهاية : اللعن من الله عز وجل الطرد والإبعاد ومن الخلق السب والدعاء انتهى كلامه ، فظاهره جواز السب لولا التوبة .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=116776أتي النبي صلى الله عليه وسلم بسكران فأمر بضربه فمنا من يضربه بيده ، ومنا من يضربه بثوبه ، ومنا من يضربه بنعله ، فلما انصرف قال رجل من القوم : ما له أخزاه الله ؟ فقال رسول الله : صلى الله عليه وسلم لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم } ، وفي لفظ له {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25532قال بعض القوم : أخزاك الله قال : لا تقولوا هكذا ، ولا تعينوا عليه الشيطان } ، وفي النهاية قاتل الله
اليهود أي : قتلهم ، وقيل : لعنهم قيل : عاداهم .
وفي الصحيحين من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بلغه عن
سمرة أنه باع خمرا ، فقال : قاتله الله . لكن ذكر في النهاية أنه من الدعاء الذي لا يقصد كقوله : تربت يداك .
وفي الصحيحين في قنوته عليه الصلاة والسلام للنازلة {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14958اللهم العن لحيان ورعلا وذكوان وعصية } . قال في شرح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم فيه جواز لعن الكفار ، وطائفة معينة منهم .
وفي فنون
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل حلف رجل بالطلاق الثلاث أن
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج في النار فسأل فقيها فقال الفقيه أمسك زوجتك ، فإن
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج إن لم يكن مع أفعاله في النار ، فلا يضرك الزنا .
ويجوز لعن من ورد النص بلعنه ، ولا يأثم عليه في تركه ، ويجب إنكار البدع المضلة ، وإقامة الحجة على إبطالها سواء قبلها قائلها ، أو ردها ، ذكره في الرعاية ، وقد مر قال
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل في الفنون لا يصح ابتياع الخمر ليريقها ، ويصح ابتياع كتب الزندقة ليحرقها ذكره الشيخ
تقي الدين في مسودة شرح المحرر ، ولم يزد عليه ، ثم وجدته في الفنون قال : لأن في الكتب مالية الورق انتهى كلامه . ويتوجه قول : أنه يجوز لأنه استنقاذ كشراء الأسير .
وكأن
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل إنما حكى ذلك عن غيره ، فإن لفظه قيل لحنبلي : أيجوز شراء الخمر لإراقته قال : لا ، قلت : فكتب الزندقة للتمزيق ؟ قال : نعم ، قيل : فما الفرق ؟ قال : في الكتب مالية الورق .
[ ص: 278 ]
قال حنبلي جيد الفهم : هذا باطل بآلة اللهو ، فإن فيها أخشابا ووترا ، ولا يصح بيعها بما فيها من التأليف الذي أسقط حكم مالية الآلة حتى لو أحرقت لم يضمن فهلا أسقطت حكم مالية الورق كما أسقطت حكم مالية الخشب ؟ وقال في الرعاية : ويصح أن يشتري كتب الزندقة ، ونحوها ليتلفها فقط .