[ ص: 29 ] ومن المعلوم أن الوكيل يقوم مقام الموكل ; لأنه نائبه وفرعه فلا يجوز له دعوى لا تجوز لأصله فلا يدعي إلا ما يعلمه ، أو يظنه حقا كما سبق ، وكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في قوله تعالى : {
ولا تكن للخائنين خصيما } يدل على أنه لا يجوز لأحد أن يخاصم لغيره في إثبات حق أو نفيه وهو عالم بحقيقة أمره ، وذكر
ابن الجوزي هذا ولم يخالفه فدل على موافقته .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل في الفنون : لا تصح
وكالة من علم ظلم موكله في الخصومة فظاهره يصح إذا لم يعلم ، والظاهر أن مراده بالعلم أيضا الظن وإلا فبعيد جدا القول به مع ظن ظلمه .
فإن قيل ظن التحريم لا يمنع صحة العقد بخلاف العلم به ولا يلزم من هذا أن يخاصم في باطل فلا معارضة بينه وبين ما سبق قيل : ليس المراد من التوكيل وصحته إلا المخاصمة فيما وكله فيه مما يعلمه ، أو يظنه باطلا وإلا فكان يمكن تصحيح العقد مع العلم ولا يخاصم في باطل فلا مفسدة في ذلك ، وقد دل كلامه على أنه لو شك في ظلمه صحت وخاصم فيه وعلى هذا عمل كثير من الناس أو أكثرهم يتوكلون ويدعون مع الشك في صحة الدعوى وعدمها ; لأنه ليس بمخبر عن نفسه وإنما يخبر عن الموكل ويبلغ كلامه لكونه لا يلحن بحجته ، ولأن الحاجة قد تمس إلى ذلك لكثرة مشقته ، وهذا بخلاف المدعي لنفسه لخبرته بأحواله وقضاياه والله أعلم .