فصل ( ما صح من الأحاديث في
اتقاء النار باصطناع المعروف والصدقة ولو بشق تمرة ) .
قد ذكرت ما صح عنه عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13117اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا فكلمة طيبة } وقوله عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=42700ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق } وقوله عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=32932لكل معروف صدقة } قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ما رأيت رجلا أوليته معروفا إلا أضاء ما بينه وبيني ، ولا رأيت رجلا فرط إليه مني شيء إلا أظلم ما بيني وبينه ، .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا : المعروف أميز زرع ، وأفضل كنز ، ولا يتم إلا بثلاث خصال : بتعجيله وتصغيره وستره ، فإذا عجل فقد هنأ وإذا صغر فقد عظم ، وإذا ستر فقد تمم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي بن حسين : ما شيء أفضل من المعروف إلا ثوابه ، وليس كل من يرغب فيه يقدر عليه ، ولا كل من قدر عليه يؤذن له فيه ، فإذا اجتمعت الرغبة والقدرة والإذن تمت السعادة للطالب والمطلوب منه .
وقال الشاعر وهو
زهير :
ومن يجعل المعروف من دون عرضه يقيه ومن لا يتقي الشتم يشتم
[ ص: 310 ] وقال بعضهم : لا يزهدنك في المعروف كفر من كفره فإنه يشكرك عليه من لا تصنعه إليه ، وكان يقال في كل شيء إسراف إلا في المعروف وكان يقال لا يزهدنك في اصطناع المعروف دمامة من تسديه إليه ، ولا من ينبو بصرك عنه ، فإن حاجتك في شكره ووفائه لا في منظره ، وكان يقال : اصنع المعروف إلى كل أحد فإن كان من أهله فقد وضعته في موضعه ، وإن لم يكن من أهله كنت أنت من أهله ، قال الشاعر :
ولم أر كالمعروف أما مذاقه فحلو وأما وجهه فجميل
كان يقال : من أسلف المعروف كان ربحه الحمد وقال
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص : رضي الله عنه في كل شيء سرف إلا في إتيان مكرمة أو اصطناع معروف أو إظهار مروءة ، وقد قيل أيضا : كان يقال كما يتوخى للوديعة أهل الأمانة والثقة كذلك ينبغي أن يتوخى بالمعروف أهل الوفاء والشكر ، وكان يقال : إعطاء الفاجر يقويه على فجوره ، ومسألة اللئيم إهانة للعرض ، وتعليم الجاهل زيادة في الجهل ، والصنيعة عند الكفور إضاعة للنعمة ، فإذا هممت بشيء من هذا فارتد الموضع قبل الإقدام عليه أو على الفعل .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19450أن الصنيعة لا تكون إلا في ذي حسب أو دين كما أن الرياضة لا تكون إلا في نجيب } .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر في مكان آخر : خمسة أشياء أضيع شيء في الدنيا : سراج يوقد في الشمس ، ومطر وابل في أرض سبخة ، وامرأة حسناء تزف إلى عنين ، وطعام يستجاد ثم يقدم إلى سكران أو شبعان ، ومعروف تصنعه عند من لا يشكرك ، وفي التوراة مكتوب : افعل إلى امرئ السوء يجزيك شرا وكان يقال : صاحب المعروف لا يقع فإذا وقع أصاب متكئا .
وكتب
أرسطوطاليس إلى
الإسكندر : املك الرعية بالإحسان إليها تظفر بالمحبة منها ، وطلبك ذلك منها بإحسانك أدوم بقاء منه باعتسافك ، واعلم أنك إنما تملك الأبدان فتخطاها إلى القلوب بالمعروف ، واعلم أن
[ ص: 311 ] الرعية إذا قدرت على أن تقول قدرت على أن تفعل ، فاجتهد أن لا تقول ، تسلم من أن تفعل .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية رضي الله عنه
ليزيد ابنه : يا بني اتخذ المعروف منالا عند ذوي الأحساب تستمل به مودتهم وتعظم في أعينهم ، وإياك والمنع فإنه ضد المعروف فإنه يقال حصاد من يزرع المعروف في الدنيا اغتباط في الآخرة . ذم أعرابي رجلا فقال : كان سمين المال مهزول المعروف .
وقال
الزهري أو
الزبيري : من زرع معروفا حصد خيرا ، ومن زرع شرا حصد ندامة .
قال الشاعر :
من يزرع الخير يحصد ما يسر به وزارع الشر منكوس على الراس
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك :
يد المعروف غنم حيث كانت تحملها شكور أو كفور
ففي شكر الشكور لها جزاء وعند الله ما كفر الكفور
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي : سمعت أعرابيا يقول أسرع الذنوب عقوبة كفر المعروف .
nindex.php?page=showalam&ids=13147ولابن دريد وقيل : إنه أنشدهما
وما هذه الأيام إلا معارة فما اسطعت من معروفها فتزود
فإنك لا تدري بأية بلدة تموت ولا ما يحدث الله في غد
وقال
بزرجمهر : خير أيام المرء ما أغاث فيه المضطر ، وارتهن فيه الشكر ، واسترق فيه الحر .
جمع
nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى مرازبته وعيون أصحابه فقال لهم : على أي شيء أنتم أشد ندامة ؟ فقالوا على وضع المعروف في غير أهله ، وطلب الشكر ممن لا شكر له . قال الشاعر :
وزهدني في كل خير صنعته إلى الناس ما جربت من قلة الشكر
[ ص: 312 ] وقال :
ومن يجعل المعروف مع غير أهله يلاق الذي لاقى مجير أم عامر
قال
المهلب : عجبت لمن يشتري المماليك بماله ولا يشتري الأحرار بمعروفه وقال : ليس للأحرار ثمن إلا الإكرام فأكرم حرا تملكه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15155المتنبي :
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
وقال
عبد مناف : دواء من لا يصلحه الإكرام الهوان . قال الشاعر :
من لم يؤدبه الجميل ففي عقوبته صلاحه
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل في الفنون : فعل الخير مع الأشرار تقوية لهم على الأخيار ، كما لا ينبغي أن يحرم الخير أهله ، لا ينبغي أن يحرم الخير حقه ، فإن وضع الخير في غير محله ظلم للخير كما قيل : لا تمنعوا الحكمة أهلها فتظلموهم ، ولا تضعوها في غير أهلها فتظلموها ، كذلك البر والإنعام مفسد لقوم حسب ما يفسد الحرمان قوما ، قال : فهو كالنار كلما أطيب لها مأكلا سطت فأفسدت قال
فرقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=15155المتنبي :
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا مضر كوضع السيف في موضع الندى
فالسياسة الكلية افتقاد محال الإنعام قبل الإنعام ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه : كن من خمسة على حذر من لئيم إذا أكرمته ، وكريم إذا أهنته ، وعاقل إذا أحرجته ، وأحمق إذا مازحته ، وفاجر إذا مازجته . انتهى كلامه ويأتي في آخر كراسة في الكتاب ما يتعلق بهذا .