[ ص: 337 ] فصل ( في أحكام رد السلام المسنون ) .
ورد السلام فرض كفاية ، وهو مذهب أهل
الحجاز ، وهذا من أصحابنا يدل على أنه لا يجب رد السلام ولا يسن ولعله غير مراد لأنهم أطلقوا وجوب
رد السلام ، لا سيما وسيأتي كلام صاحب النظم أول الفصل الخامس ويأتي كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12916الشيخ وجيه الدين فيما إذا بدأ بصيغة الجواب أنه لا يستحق جوابا لكونه بدأ بالجواب فدل أنه إذا أتى بصيغة الابتداء لزم الرد ، اللهم إلا أن يكون الابتداء مكروها والظاهر أنه مراد الأصحاب بقولهم المسنون .
وقد عرف من المسائل السابقة في الفصل قبله أن حكم الرد حكم الابتداء ، ولا يخالف هذا إلا كلامه في الرعاية : يكره على المتخلي لا رده .
وقال :
أبو حفص في الأدب له قال :
أبو عبد الله محمد بن حمدان العطار : سئل
nindex.php?page=showalam&ids=12251أبو عبد الله أحمد بن حنبل عن رجل مر بجماعة فسلم عليهم فلم يردوا عليه السلام ؟ فقال : يسرع في خطاه لا تلحقه اللعنة مع القوم ، وقيل بل سنة ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم nindex.php?page=showalam&ids=13332وابن عبد البر والشيخ تقي الدين الإجماع على وجوب الرد .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر أن أهل
العراق جعلوه فرضا متعينا على كل واحد من الجماعة المسلم عليهم ، وحكاه غيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ، وحكاه صاحب المحرر من أصحابنا عن الحنفية ، ذكره في تسليم الخطيب في الجمعة .
وقال الحنفية : ولا يجب
رد سلام السائل على باب الدار لأنه يسلم لشعار سؤاله لا للتحية ، ويجزي سلام واحد من جماعة ورد أحدهم . وقد تقدم ، ويشترط أن يكونوا مجتمعين فأما الواحد المنقطع فلا يجزي سلامه عن سلام آخر منقطع ، كذا ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل وظاهر كلام غيره خلافه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه مرفوعا : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87048يجزي عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم ويجزي عن الجلوس أن يرد أحدهم . } رواه
أبو داود من رواية
[ ص: 338 ] سعيد بن خالد الخزاعي . ضعفه
أبو زرعة وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : فيه نظر .
وفي موطإ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم مرسلا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=39472وإذا سلم من القوم واحد أجزأ عن الجماعة } .
قال صاحب المحرر : ورد السلام سلام حقيقة لأنه يجوز بلفظ سلام عليكم فيدخل في العموم ، ولأنه قد رد عليه مثل تحيته فلا تجب زيادة كزيادة القدر ، قال : وإنما لم يسقط برد غير المسلم عليهم لأنهم ليسوا من أهل هذا الفرض ، كما لا يسقط الأذان عن أهل بلدة بأذان أهل بلدة أخرى .
ويجوز
السلام على الصبيان تأديبا لهم ، وهذا معنى كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في المجرد وصاحب عيون المسائل فيها
nindex.php?page=showalam&ids=14603والشيخ عبد القادر أنه يستحب . وذكره في شرح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم إجماعا ، قال
الشيخ تقي الدين : فأما الحدث الوضيء فلم يستثنوه ، فيه نظر ، وهو كما قال ، وهذه المسألة تشبه مسألة النظر إليه وهي مشهورة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=118735أتانا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن صبيان فسلم علينا } . والصبيان بكسر الصاد وضمها لغة . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب عن
nindex.php?page=showalam&ids=10382أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قالت : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35061مر علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في نسوة فسلم علينا . } رواهما
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه وغيره .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=40927أنه مر على صبيان فسلم عليهم . قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله . } متفق عليه .
وروى حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر عن
nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه ، ولفظهم : قالت : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35039مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد يوما ونحن عصبة من النساء قعود فألوى بيده بالتسليم } .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33985ليس منا من تشبه بغيرنا ، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع وتسليم النصارى الإشارة بالكف . } إسناد ضعيف رواه
الترمذي وقال : إسناد ضعيف .
ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك عن
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة فلم يرفعه ، انتهى كلامه . وإن صح فمحمول على الاكتفاء به بدل السلام .
وتزاد الواو في رد السلام . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12916الشيخ وجيه الدين في شرح الهداية أنه واجب وهو قول بعض الشافعية ، والأول أشهر وأصح لأن في الصحيحين " إن
آدم عليه السلام قال للملائكة : السلام عليكم . فقالوا له : عليك السلام
[ ص: 339 ] ورحمة الله " . وسيأتي ذلك ولأنه دليل على الوجوب . واحتج في شرح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم على عدم وجوبها بقوله سبحانه وتعالى : {
قالوا سلاما قال سلام } انتهى ما ذكره ، قيل هو مرفوع خبره مبتدأ محذوف ، أي : قولي سلام أو جوابي أو أمري ، وقيل هو مبتدأ والخبر محذوف ، أي : سلام عليكم ، وأما النصب فقيل : مفعول به محمول على المعنى ، كأنه قال ذكروا سلاما ، وقيل هو مصدر ، أي : سلموا سلاما .
ولا يقال : سلم الله عليكم ولا سلم الله عليك ، وكأنه سببه أنه إخبار عن الله عز وجل بالتسليم وهو كذب ، وفيه نظر بل هو إنشاء ، كقولك صلى الله عليه ، ولعل مراد من ذكر المسألة أن الأولى ترك قول ذلك ، والإتيان بالسلام على الوجه المعروف المشهور لا أن قول ذلك يكره أو لا يجوز . ويأتي في الفصل الخامس أن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رضي الله عنه قاله ردا لسلام غائب نظر إلى معنى السلام ، ولعل هذا أولى مع أنه خلاف الأولى .
وآخره ورحمة الله وبركاته ابتداء وأداء ولا تستحب الزيادة على ذلك ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في رواية
حبيش بن سندي وسئل عن تمام السلام ، فقال وبركاته .
وفي الموطأ عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما : أن السلام انتهى إلى البركة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي : ويجوز أن يزيد الابتداء على لفظ الرد ، والرد على لفظ الابتداء إلا أن الانتهاء في ذلك إلى البركات وهو ظاهر كلام غيره ويتوجه ، وهو ظاهر كلام بعضهم أنه يجب مساواة الرد للجواب أو أزيد لظاهر الآية ، ولعله ظاهر كلام
أبي البركات السابق في أول الفصل .
وروى
أبو داود من حديث
معاذ بن أنس {
nindex.php?page=hadith&LINKID=5088أن رجلا جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته ، قال : أربعون وقال [ ص: 340 ] هكذا تكون الفضائل } وهو خبر ضعيف وخلاف الأمر المشهور ويسن أن يتركه المبتدئ بالسلام ليقوله الراد عليه ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل وابن تميم وابن حمدان .
وقال
أبو زكريا النووي يستحب أن يقول المبتدئ : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . فيأتي بضمير الجمع وإن كان المسلم عليه واحدا ، ويقول المجيب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
وقد روى
أبو داود والترمذي وحسنه عن
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=17470جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : السلام عليكم ، فرد عليه ثم جلس فقال النبي صلى الله عليه وسلم : عشر ، ثم جاء آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله . فرد عليه فجلس فقال : عشرون ، ثم جاء آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . فرد عليه فجلس فقال : ثلاثون } . قال
أبو داود ( باب
كيف السلام ) ثم روى هذا الحديث بإسناد جيد والذي قبله بإسناد ضعيف ، وهذا أظهر أن يأتي به المبتدئ كاملا وهذا مقتضى كلام
أبي داود .
وكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=12916الشيخ وجيه الدين من أصحابنا : أكمله ذكر الرحمة والبركة ابتداء وكذا الجواب ، وأقله السلام عليك وأوسطه ذكر الرحمة أو عليكم ، إن كانوا جماعة ، فإن كان واحدا فنوى ملائكته قال سلام عليكم .
وصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=173خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بن كعب وهو يصلي فقال يا أبي فالتفت ثم لم يجبه ثم صلى أبي فخفف ثم انصرف إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال السلام عليك يا رسول الله قال وعليك [ ص: 341 ] ما منعك أن تجيبني إذ دعوتك ؟ } وذكر الحديث . قال
ابن عبد القوي رحمه الله في كتابه ( مجمع البحرين ) : وفيه دليل على جواز
قول الراد للسلام وعليك بحذف المبتدإ ، انتهى كلامه . وكذا رد النبي صلى الله عليه وسلم على
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر وهو في الصحيحين في فضائله ، وهذا أحد الوجهين للشافعية قالوا : وهذا فيما إذا أتى بالواو .
فأما إن قال :
عليك أو عليكم لم يجزئه ، وأصحابنا تصريحا وتعريضا على أنه لا يجوز ، وقال
الشيخ تقي الدين : فإن اقتصر الراد على لفظ وعليك كما رد النبي صلى الله عليه وسلم على الأعرابي وهو مقتضى الكتاب فإن المضمر كالمظهر إلا أن يقال : إذا وصله بكلام فله الاقتصار بخلاف ما إذا سكت ، ولولا أن الرد الواجب يحصل به لما أجزأ الاقتصار عليه في الرد على الذمي .
ومقتضى كلام
ابن أبي موسى nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل لا يجوز ، وكذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=14603الشيخ عبد القادر انتهى كلامه . ومقتضى أخذه من
الرد على الذمي أن يجزئ ، ولو حذف الواو وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14603الشيخ عبد القادر : فإن قال سلام ، لم يجبه ويعرفه أنه ليس بتحية الإسلام لأنه ليس بكلام تام وقد تقدم معناه ، ويتوجه من الاكتفاء برد وعليك أنه يحتمل أن يرده .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير في النهاية : يقال : السلام عليكم وسلام عليكم وسلام بحذف عليكم ، قال : وكانوا يستحبون تنكير الابتداء وتعريف الجواب ، ويكون الألف واللام للعهد يعني السلام الأول .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم اتفقوا على أن المار من المسلمين على الجالس أو الجلوس منهم أن يقول : السلام عليك أو السلام عليكم ، واتفقوا على إيجاب الرد بمثل ذلك .
[ ص: 342 ] فصل ( في " حديث " حذف السلام سنة ) .
قال
إسحاق بن إبراهيم : إن
أبا عبد الله سئل عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم " حذف السلام سنة " قال
أبو عبد الله : هذا أن يجيء الرجل إلى القوم فيقول : السلام عليكم ، ومد بها
أبو عبد الله صوته شديدا ، ولكن ليقل السلام عليكم ، وخفف
أبو عبد الله صوته ، قال : يقول هكذا ، قال
المروذي : ورأيت
أبا عبد الله إذا خرج علينا سلم وإذا أراد أن يقوم سلم .
وفي الخبر الصحيح المشهور من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9680إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم ، فإذا أراد أن يقوم فليسلم ، وليست الأولى بأحق من الآخرة } . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه .