[ ص: 129 ] فصل ( في علم الإعراب لصاحب الحديث ) .
قال
ابن الجوزي : ومن
العلوم التي تلزم صاحب الحديث معرفته للإعراب لئلا يلحن وليورد الحديث على الصحة .
كان
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يضرب ولده على اللحن ، انتهى كلامه ، وكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : كان
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يضرب ولده على اللحن قال : وكتب
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر إلى
أبي موسى رضي الله عنهما : أما بعد فتفقهوا في السنة وتعلموا العربية ، أما الأول فرواه
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16410عبد الله بن إدريس عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، إسناد جيد ، وروي الثاني عن
nindex.php?page=showalam&ids=16753عيسى بن يونس عن
ثور عن
يحيى بن سعد قال : كتب
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، فذكره ، وهو منقطع .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أنه قال : تعلموا العربية فإنها تثبت العقل وتزيد في المروءة ، وإسناده ضعيف
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة : مثل الذي يتعلم الحديث ولا يتعلم النحو مثل البرنس لا رأس له .
وقال
عبد الملك اللحن في الكلام أقبح من آثار الجدري في الوجه . وقال
ابن شبرمة إذا سرك أن تعظم في عين من كنت في عينه صغيرا ، أو يصغر في عينك من كان فيها كبيرا ، فتعلم العربية فإنها تجرئك على المنطق وتدنيك من السلطان قال الشاعر :
اللحن يصلح من لسان الألكن والمرء تعظمه إذا لم يلحن ولحن الشريف محطة من قدره
فتراه يسقط من لحان الأعين وترى الدني إذا تكلم معربا
حاز النهاية باللسان المعلن وإذا طلبت من العلوم أجلها
فأجلها منها مقيم الألسن
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر في مكان آخر أن قائل هذا لو كان مهتديا لقال : فأجلها منها مقيم الأدين وما قاله حق قال : وقالوا العربية تزيد في المروءة
[ ص: 130 ] وقالوا من أحب أن يجد في نفسه الكبر فليتعلم النحو ، كذا قال وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12940أبو جعفر النحاس : ويروى أن
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون كان يتفقد ما يكتب به الكتاب ، فيسقط من لحن ، ويحط مقدار من أتى بما غيره أجود منه في العربية ، فكان الكتاب يثابرون على النحو لما كان الرؤساء يتفقدون هذا منهم ويقربون العلماء ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14916الفضل بن محمد : جاءني رسول
الرشيد فنهضت ودخلت وسلمت عليه فأومأ بيده ،
ومحمد عن يمينه
nindex.php?page=showalam&ids=15128والمأمون عن يساره
nindex.php?page=showalam&ids=15080، والكسائي بين يديه يطارحهم معاني القرآن والشعر ، فقال لي
الرشيد : كم اسم {
فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم } ؟
فقلت : ثلاثة أسماء يا أمير المؤمنين ، اسم الله عز وجل ، والكاف الثانية اسم النبي صلى الله عليه وسلم والهاء مع الميم اسم الكفار ، قال
الرشيد : كذا قال الرجل ، وأومأ بيده إلى
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي ، ثم التفت إلى
محمد فقال أفهمت ؟ قال : نعم قال : فاردده علي إن كنت صادقا ، فرده على ما لفظت به ، فقال : أحسنت أمتع الله بك . ثم أقبل علي فقال من يقول :
نفلق هاما لم تنله أكفنا بأسيافنا هام الملوك القماقم
فقلت
nindex.php?page=showalam&ids=14899الفرزدق يا أمير المؤمنين قال : كيف يفلق هاما لم تنله كفه ؟ قلت : على التقديم والتأخير ، كأنه قال نفلق بأسيافنا من الملوك القماقم هاما لم تنله أكفنا على التعجب والاستفهام ، فقال أصبت ، ثم أقبل على
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي فحادثه ساعة ثم التفت إلي فقال : أعندك مسألة ؟ قلت : نعم ، لصاحب هذا البيت قال : هات ، فقلت :
أخذنا بآفاق السماء عليكم لنا قمراها والنجوم الطوالع
قال
الرشيد : أفادنا هذا الشيخ في هذه المسألة ؟ قالا نعم ، علمنا
nindex.php?page=showalam&ids=16611علي بن حمزة أن القمرين ههنا الشمس والقمر ، قالوا سيرة العمرين يريدون
[ ص: 131 ] أبا بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر ، كما قيل : ما اطرد الأسودان ، يريدون الليل والنهار قلت : أزيد يا أمير المؤمنين في السؤال قال : زد قلت : فلم استحسنوا هذا قال : لما اجتمع شيئان من جنس واحد فكان أحدهما أشهر من الآخر غلب الأشهر ; لأن القمر أشهر عند
العرب لأنسه وكثرة بروزهم فيه ومشاهدتهم إياه دون الشمس في أكثر الأوقات ، وتلك القصة في قولهم : العمران لطول خلافة
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وكثرة الفتوح فيها ، وكذلك الليل لأنهم فيه أفرغ ، وسمرهم فيه أكثر .
قلت : أفيه يا أمير المؤمنين غير هذا ؟ قال : ما أعلمه ، ثم التفت إلى
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي فقال : أتعرف في هذا غير ما قلناه مما أفدتناه ؟ قال : لا يا أمير المؤمنين ، وهو وفاء المعنى ، فأمسك عني قليلا ثم قال : أتعرف فيه أنت أكثر من هذا قلت : نعم يا أمير المؤمنين بقيت الغاية التي افتخر بها قائل هذا الشعر قال قلت : الشمس أراد بها
إبراهيم الخليل ، والقمر ابن عمك محمد صلى الله عليه وسلم والنجوم أنت والخلفاء من آبائك ومن يكون من ولدك إلى يوم القيامة ، قال : فتهلل وجهه وقال : حسن والله ، والعلم كثير لا يحاط به ، ولعل هذا الشيخ لم يسمع هذا فيفيدناه ، وإن هذا العمري لأبلغ إلى غاية الفخر ، ثم رفع رأسه إلى
nindex.php?page=showalam&ids=14912الفضل بن الربيع فقال تحمل إلى منزل الشيخ عشرة آلاف درهم فتقدم بها من ساعته .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12940أبو جعفر النحاس وغيره وممن امتنع من النحويين من ملازمة السلطان ، إجلالا للعلم وغنى نفس
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل بن أحمد وبكر بن محمد المازني .
وقال بعض العلماء : كان
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل من الزهاد المنقطعين إلى العلم ، ومن خيار عباد الله المتقشفين في العبادة ، أرسل إليه
سليمان بن حبيت المهلبي لما ولي ، فنثر بين يدي رسوله كثيرا وامتنع أن يأتيه وكتب إليه :
أبلغ سليمان أني عنه في سعة وفي غنى غير أني لست ذا مال
شحا بنفسي إني لا أرى أحدا يموت هزلا ولا يبقى على حال
والرزق عن قدر لا الضعف ينقصه ولا يزيدن فيه حول محتال
والرزق يغشى أناسا لا طباخ لهم كالسيل يغشى أصول الدندن البالي [ ص: 132 ]
كل امرئ بسبيل الموت مرتهن فاعمل لبالك إني شاغل بالي
والفقر في النفس لا في المال نعرفه ومثل ذاك الغنى في النفس لا المال
وأما
المازني ، فأشخصه
nindex.php?page=showalam&ids=15465الواثق إلى سر من رأى لأن جارية غنت وراء ستاره
أظليم إن مصابكم رجلا أهدى السلام تحية ظلم
فقال لها
nindex.php?page=showalam&ids=15465الواثق : رجل ، فقالت : لا أقول إلا كما علمت ، فقال
للفتح : كيف هو يا
فتح ؟ فقال : هو خبر إن كما قلت ، فقالت الجارية : علمني أعلم الناس بالعربية
المازني فأمر بإشخاصه فأشخص ، قال
أحمد بن يحيى : فلقيني
يعقوب بن السكيت فسألني فأجبته بالنصب فقال : فأين خبر إن قلت ظلم ، ثم أتى
المازني ، فأجابه بمقالة الجارية .
قال
المازني : قلت
لابن قادم ولابن سعد ، لما كابرني : كيف تقول نفقتك دينارا أصلح من درهم ؟ فقال : دينارا قلت : كيف تقول : ضربك زيدا خير لك ؟ فنصب ، قلت : فرق بينهما فانقطع ، وكان ذلك عند
nindex.php?page=showalam&ids=15465الواثق وحضر
nindex.php?page=showalam&ids=12758ابن السكيت فقال لي
nindex.php?page=showalam&ids=15465الواثق : هات مسألة فقلت
ليعقوب : {
فأرسل معنا أخانا نكتل } .
ما وزنه من الفعل ؟ قال : نفعل ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15465الواثق : غلطت ، ثم قال لي : فسره ، فقلت : نكتل تقديره نفتعل نكتيل فانقلبت الياء ألفا لفتح ما قبلها ، فصار لفظها نكتال ، فأسكنت اللام للجزم لأنه جواب الأمر ، وحذفت الألف لالتقاء الساكنين ، فقال : هذا هو الجواب ، فلما خرجنا عاتبني
يعقوب ، فقلت : والله ما قصدت تخطئتك ولكن كانت في نفسي هينة الجواب ، ولم أظن أنها تعزب عليك .
قال : وحضر يوما آخر واجتمع جماعة نحويي
الكوفة فقال لي
nindex.php?page=showalam&ids=15465الواثق : يا
مازني ، هات مسألة فقلت : ما تقولون في قول الله تعالى {
وما كانت أمك بغيا }
[ ص: 133 ]
ولم يقل : بغية وهي صفة لمؤنث فأجابوا بجوابات ليست مرضية ، فقال لي
nindex.php?page=showalam&ids=15465الواثق : هات الجواب ، فقلت : لو كانت بغي على تقدير فعيل بمعنى فاعلة لحقتها الهاء إذا لكانت مفعولة بمعنى : امرأة قتيل وكف خضيب ، وتقدير بغي ههنا ليس بفعيل إنما هو فعول ، وفعول لا تلحقه الهاء في وصف التأنيث نحو امرأة سكون وبئر شطون إذا كانت بعيدة الرشاء ، وتقدير بغي بغوي قلبت الواو ياء ثم أدغمت الياء في الياء نحو سيد وميت ، فاستحسن الجواب ثم استأذنته في الخروج فقال : ألا أقمت عندنا : فقلت يا أمير المؤمنين إن لي بنية أشفق أغيب عنها قال : كأني بها قد قالت ما قالت ابنة
الأعشى للأعشى :
أرانا إذا أضمرتك البلاد نجفى وتقطع منا الرحم
وقلت أنت :
تقول بنتي وقد قربت مرتحلا يا رب جنب أبي الأوصاب والوجعا
عليك مثل الذي صليت فاغتمضي يوما فإن بجنب المرء مضطجعا
فوالله ما أخطأ ما في نفسي ، فأمر لي بجائزة وأذن لي في الانصراف .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12940أبو جعفر النحاس : وفر
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو بن العلاء من
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج قال : فبينما أنا أسير إذ سمعت رجلا ينشد :
ربما تجزع النفوس من الأمر له فرجة كحل العقال
قد مات
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج فلم أدر بأيهما كنت أشد فرحا ؟ أبموت
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج أو قوله : فرجة قال
أبو جعفر وعبيد الله بن إسحاق أحد القراء والنحويين : كان ممتنع الجانب قليل الغشيان للسلطان حتى ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14899الفرزدق وعيره الكبر وهجاه .
قال
أبو جعفر ومن النحويين من سارع إلى السلاطين ولم يحمد العاقبة ، منهم
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه nindex.php?page=showalam&ids=12758وابن السكيت كما حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15190علي بن سليمان حدثنا
أحمد بن يحيى ومحمد بن يزيد ، قالا لما ورد
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه إلى
العراق شق أمره على
[ ص: 134 ] nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي ، فأتى
nindex.php?page=showalam&ids=14149جعفر بن يحيى nindex.php?page=showalam&ids=14918والفضل بن يحيى فقال : أنا وليكما وصاحبكما ، وهذا الرجل قد قدم ليذهب محلي ، قالا فاحتمل لنفسك فسنجمع بينكما ، فجمعا عند
البرامكة وحضر
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه وحده ، وحضر
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي ومعه
الفراء وعلي الأحمر وغيرهما من أصحابه ، فسألوه كيف تقول : كنت أظن أن العقرب أشد لسعة من الزنبور ، فإذا هو هي أو هو إياها ؟
فقال : أقول : فإذا هو هي ، فقال له : أخطأت ولحنت ، فقال
يحيى : هذا موضع مشكل فمن يحكم بينكم ؟ قالوا : هؤلاء
الأعراب بالباب ، فأدخل
أبو الجراح وجماعة معه فسئلوا فقالوا نقول : فإذا هو إياها فانصرم المجلس على أن
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه قد أخطأ وحكم عليه ، فأعطاه
البرامكة وأخذ له من
الرشيد وبعث به إلى بلدة فيقال : إنه ما لبث إلا يسيرا ثم مات كمدا قال
nindex.php?page=showalam&ids=15190علي بن سليمان : وأصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه إلى هذه الغاية لا اختلاف بينهم أن الجواب على ما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، وهو فإذا هو هي وهذا موضع الرفع .
قال
أبو جعفر : وأما
nindex.php?page=showalam&ids=12758ابن السكيت فحدثني
محمد بن الحسين بن الحسن حدثني
عبد الله بن عبد العزيز النحوي قال قال لي
يعقوب بن السكيت : أريد أشاورك في شيء قلت : قل قال : إن
nindex.php?page=showalam&ids=15156المتوكل قد أدناني وقربني وندبني إلى منادمته فما ترى ؟ قلت : لا تفعل وكرهت له النهاية ، فدافع به
يعقوب ثم تطلعت نفسه إليه فشاورني ، فقلت : يا أخي أحذرك على نفسك ، فإنه سلطان وأكره أن تزل بشيء ، فحمله حب ذلك على أن خالفني فقتله في أول مرة لشيء جرى بينه وبينه في أمر
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=17والحسين عليهما الصلاة والسلام ، وكان أوله مزاحا وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12758ابن السكيت يتشيع فقتله .
قال
أبو جعفر : ومن النحويين من قرب من السلاطين فحظي عندهم ، منهم
nindex.php?page=showalam&ids=16611علي بن حمزة قال
nindex.php?page=showalam&ids=17417يونس بن حبيب : أقام
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي بالبصرة عشرين سنة ثم رحل إلى
الكوفة ، فأخذ عن أعراب ليسوا بفصحاء فأفسد الحق بالباطل ، فقد صار النحو كله من
البصرة ; لأن
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي منهم تعلم ، ثم قرأ على
الأخفش كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، ويحكى أنه دفع إليه مائة دينار .
قال
أبو جعفر :
[ ص: 135 ] وليس أحد من الرؤساء المتقدمين في النحو إلا بصري ، حتى إنهم حجج في اللغة يؤخذ عنهم لفصاحتهم ، وكانوا لا يأخذون إلا عن الفصحاء من
الأعراب ، ولهم السبق والتقديم ، منهم
nindex.php?page=showalam&ids=11822أبو الأسود وأبو عمرو ، وسمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15190علي بن سليمان يقول : ساءني أن
خلفا البزار على جلالته ومحله ترك
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي ، وهو أستاذه فلم يرو عنه حرفا واحدا ، مع حاجته إليه في تصنيفه كتاب القراءات .
قال
أبو جعفر : ثم عرفني غير
أبي الحسن أنه إنما ترك الرواية عنه لأنه سمعه يقول : قال لي سيدي
الرشيد ، فتركه وقال : إن إنسانا مقدار الدنيا عنده أن يجعل من أجلها هذا الإجلال ، لحري أن لا يؤخذ عنه شيء من العلم ، قال
أبو جعفر : وقد كان
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي متصلا
بالرشيد وكان يقدمه ويتكلم في مجلسه ، وقد ذكر
أبو جعفر القاسم بن مخيمرة أنه قال : النحو أوله شغل ، وآخره بغي ، ورد
أبو جعفر على ذلك ، وسيق في فصول السلام والكلام في الكتابة ، ويأتي بعد نصف كراسة أيضا .
وذكر
أبو جعفر في باب الاصطلاح المحدث الذي استعماله خطأ قال : واستعملوا يفعل ذلك بغير لام الأمر ، وهذا من الخطأ القبيح الذي يقلب معه المعنى فيصير خبرا ، والمراد الأمر ، وإن جزم أيضا فخطأ ; لأن الأمر لا يكون بغير لام إلا في شذوذ واضطرار ، على أنه حكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15190علي بن سليمان أنه لا يجوز عنده ولا عند أصحابه حذف اللام من الأمر للغائب ; لأن الحروف لا تضمر ; ولأن عوامل الأفعال أضعف من عوامل الأسماء ، وأن ما أنشد فيه من الشعر ليس بحجة ; لأنه لا يعرف قائله ، وهو :
محمد تفد نفسك كل نفس
كذا قال وقد قال الله تعالى : {
يحذر المنافقون أن تنزل عليهم } .
قيل هو خبر من الله عن حالهم وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : إنه أمر من الله لهم
[ ص: 136 ] بالحذر ، فتقديره ليحذر المنافقون قال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : والعرب ربما أخرجت الأمر على لفظ الخبر فيقولون : يرحم الله المؤمن ويعذب الكافر ، يريدون ليرحم ويعذب فيسقطون اللام ويجرونه مجرى الخبر في الرفع ، وهم لا ينوون إلا الدعاء ، والدعاء مضارع للأمر . وأما الجزم بلام مقدرة فيجوز كثيرا مطردا بعد أمر كقوله تعالى {
قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة } .
والأشهر أنه جواب قل ، والتقدير : قل لهم أقيموا الصلاة يقيموا ، أي إن تقل لهم يقيموا . ورده قوم بأن قول النبي صلى الله عليه وسلم لهم لا يوجب أن يقيموا ، واختار
ابن مالك هذا الرد ، ولم يره
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء ; لأنه لم يرد بالعباد الكفار ، بل المؤمنين ، يدل عليه قوله {
لعبادي الذين آمنوا } وإذا أمرهم الرسول قاموا .
وقيل : يقيموا جواب أقيموا المحذوفة أي : أن يقيموا ، يقيموا ورد بوجوب مخالفة جواب الشرط له في الفعل والفاعل أو فيهما ، فلا يجوز قم تقم ، وبأن المقدر للمواجهة ويقيموا على لفظ الغيبة ، وهو خطأ إذا كان الفاعل واحدا ، ويجوز الجزم فاللام الأمر مقدرة قليلا بعد قول بلا أمر ، ذكره
ابن مالك ، ولا يجوز الجزم بها بلا أمر ولا قول ولا ضرورة ، والله أعلم .
وإنما ذكرت ذلك لكثرة كتابة " يعتمد ذلك " ونحوها وكثرة من لا يعرف إلا إنكاره فينكره ، ويوافقه عليه من لا يعلم ، والله سبحانه أعلم .