[ ص: 241 ] فصل ( في
حقيقة الزهد ) .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14243الخلال ما بلغني أن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد سئل عن الزاهد يكون زاهدا ومعه مائة دينار قال نعم على شريطة إذا زادت لم يفرح ، وإذا نقصت لم يحزن قال وبلغني أن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد قال
لسفيان : حب الرياسة أعجب إلى الرجل من الذهب والفضة ، ومن أحب الرياسة طلب عيوب الناس أو عاب الناس أو نحو هذا وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب سئل
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأنا شاهد : ما الزهد في الدنيا قال قصر الأمل والإياس مما في أيدي الناس .
وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12234إن هذا المال حلوة خضرة ، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه ، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع } وعن
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر مرفوعا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33806ليس الزهادة في الدنيا بتحريم الحلال ، ولا إضاعة المال ولكن الزهد أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يدك ، وأن تكون في ثواب المصيبة إذا أصبت بها أرغب منك فيها لو أنها نفيت عنك ; لأن الله تعالى يقول : { لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم } } . رواه
الترمذي .
وقال غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه
وعمرو بن واقد منكر الحديث يعني الذي في إسناده وكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري منكر الحديث وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني متروك ، وضعفه أيضا غيرهم .
ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه من حديثه .
قال
الشيخ تقي الدين إذا سلم فيه القلب من الهلع واليد من العدوان
[ ص: 242 ] كان صاحبه محمودا وإن كان معه مال عظيم ، بل قد يكون مع هذا زاهدا أزهد من فقير هلوع كما قيل
nindex.php?page=showalam&ids=12251للإمام أحمد وذكر ما سبق في أول الفصل وذكر الخبرين السابقين وما رواه
الترمذي وحسنه وإسناده جيد عن
الحسن عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد مرفوعا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13928التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء } وعن
سفيان أنه قيل له يكون الرجل زاهدا وله مال قال نعم ، إن ابتلي صبر ، وإن أعطي شكر . وقال
سفيان إذا بلغك عن رجل بالمشرق أنه صاحب سنة وبالمغرب صاحب سنة فابعث إليهما بالسلام وادع الله لهما فما أقل
أهل السنة والجماعة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى وذكر
أبو القاسم القشيري في كتاب الرسالة إلى
الصوفية وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل الزهد على ثلاثة أوجه ترك الحرام وهو زهد العوام ( والثاني ) ترك الفضول من الحلال وهو زهد الخواص ( والثالث ) ترك ما يشغل العبد عن الله عز وجل وهو زهد العارفين قال وسمعت
محمد بن الحسين يقول سمعت
علي بن عمر الحافظ سمعت
أبا سهل بن زياد يقول : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد يقول : سئل أبي ما الفتوة ؟ فقال ترك ما تهوى لما تخشى .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11876أبو العتاهية قد قلت عشرين ألف بيت في الزهد ووددت أن لي منها الأبيات الثلاثة التي
nindex.php?page=showalam&ids=12185لأبي نواس يا نواس توقر وتعز وتصبر إن يكن ساءك دهر
فلما سرك أكثر يا كثير الذنب عفو الـ
له من ذنبك أكبر
ورأى بعض إخوان
nindex.php?page=showalam&ids=12185أبي نواس له في النوم بعد أيام فقال له ما فعل الله بك قال : غفر لي بأبيات قلتها وهي الآن تحت وسادتي فنظروا فإذا برقعة تحت وسادته في بيته مكتوب فيها :
يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسن فمن الذي يدعو إليه المجرم [ ص: 243 ]
أدعوك رب كما أمرت تضرعا فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم
ما لي إليك وسيلة إلا الرجا وجميل ظني ثم أني مسلم
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد أنه سئل عن الزهد قال قصر الأمل .
ورواه في موضع آخر عن
سفيان عن
الزهري أنه قال ذلك .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد حدثني أبي سمعت
سفيان يقول ما ازداد رجل علما فازداد من الدنيا قربا إلا ازداد من الله بعدا .
وقال
أحمد بن عبد الله بن خالد بن ماهان المعروف بابن أسد : سئل
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل عن مسألة في الورع فقال أنا أستغفر الله لا يحل لي أن أتكلم في الورع ، وأنا آكل من غلة
بغداد لو كان
nindex.php?page=showalam&ids=15531بشر بن الحارث صلح أن يجيبك عنه لأنه كان لا يأكل من غلة
بغداد ولا من طعام
السواد . ذكره
ابن الأخضر فيمن روى عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وروى
الترمذي عن
زيد بن أخزم عن
إبراهيم بن أبي الوزير عن
nindex.php?page=showalam&ids=15176عبد الله بن جعفر المخرمي عن
محمد بن عبد الرحمن بن نبيه عن
ابن المنكدر عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رضي الله عنه قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31765ذكر رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم بعبادة واجتهاد وذكر آخر برعة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا يعدل بالرعة شيء }
ابن نبيه تفرد عنه
المخرمي وباقيه جيد قال
الترمذي غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14243الخلال عن
الفضل قال علامة الزهد في الناس إذا لم يحب ثناء الناس عليه ولم يبال بمذمتهم وإن قدرت أن لا تعرف فافعل وما عليك ألا يثنى عليك وما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت محمودا عند الله عز وجل ، ومن أحب أن يذكر لم يذكر .
وقال
إسحاق بن بنان قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : سمعته يقول يعني
بشرا قال
nindex.php?page=showalam&ids=12358إبراهيم بن أدهم ما صدق الله عبد أحب الشهرة .
وقال
المروذي سمعت
أبا عبد الله يقول من بلي بالشهرة لم يأمن أن يفتنوه لأني لا أفكر في بدء أمري ، طلبت الحديث وأنا ابن ست عشرة سنة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل في الفنون هجران الدنيا في عصرنا هذا ليس من الزهد في شيء ، إنما المنقطع أنف من الذل فإن مخالطة القدري والتخلي عنهم
[ ص: 244 ] تراعة ومن طلق عجوزا مناقرة فلا عجب وقال ما قطع عن الله وحمل النفس على محارم الله فهو الدنيا المذمومة وإن كان إملاقا وفقرا وما أوصل إلى طاعة الله فذاك ليس بالدنيا المذمومة وإن كان إكثارا وقال الواجب شكرها من حيث هي نعمة الله وطريق إلى الآخرة وذريعة إلى طاعة الله ، وكل خير يعود بالإفراط فيه شر ، كالسخاء يعود إسرافا ، والتواضع يعود ذلا ، والشجاعة تعود تهورا .
وقال بعضهم في قوله تعالى : {
فلنحيينه حياة طيبة } قال : القناعة قال
nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل لو علمت قدر الراحة في القناعة والعز الذي في مدارجها علمت أنها العيشة الطيبة لأن القنوع قد كفي تكلب طباعه ، والطبع كالصبيان الرعن ومن بلي بذلك أذهب وقته في أخس المطالب وفاتته الفضائل فأصبح كمربي طفل يتصابى له ويجتهد في تسكين طباعه تارة بلعبة تلهيه وتارة بشهوة ، وتارة بكلام الأطفال ، ومن كان دأبه التصابي متى يذوق طعم الراحة ، ومن كان في طبعه كذا فمتى يستعمل عقله قال
nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل والحياة الطيبة التفويض إلى الله كالصبي حال التربية يفوض أمره إلى والديه ويثق بهما مستريحا من كد التخير ، فلا يتخير لنفسه مع تفويضه إلى من يختار له . المفوض وثق بالمفوض إليه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل وعندي أنها في الجنة أعني الحياة الطيبة لأن الطيب الصافي والصفاء في الجنة .
وقال أيضا من عجيب ما نقدت أحوال الناس كثرة ما ناحوا على خراب الديار وموت الأقارب والأسلاف والتحسر على الأرزاق بذم الزمان وأهله ، وذكر نكد العيش فيه ، وقد رأوا من انهدام الإسلام ، وتشعث الأديان ، وموت السنن ، وظهور البدع ، وارتكاب المعاصي ، وتقضي العمر في الفارغ الذي لا يجدي ، فلا أحد منهم ناح على دينه
[ ص: 245 ] ولا بكى على فارط عمره ولا تأسى على فائت دهره ، ولا أرى لذلك سببا إلا قلة مبالاتهم بالأديان وعظم الدنيا في عيونهم ضد ما كان عليه
السلف الصالح : يرضون بالبلاغ وينوحون على الدين انتهى كلامه .
وقد تقدم في أول فصول طلب العلم حديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14196الدنيا ملعونة ملعون ما فيها }
nindex.php?page=showalam&ids=17080ولمسلم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14193الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر } . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة مرفوعا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14191الدنيا دار من لا دار له ، ولها يجمع من لا عقل له } وأخذ ابن
nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر خاتما فأدخله في فيه فانتزعه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر منه ثم بكى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وعنده نفر من
المهاجرين الأولين فقالوا له لم تبكي وقد فتح الله لك وأظهرك على عدوك وأقر عينك ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30431لا تفتح الدنيا على أحد إلا ألقى الله عز وجل بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة } وأنا مشفق من ذلك ، وعن
الضحاك بن سفيان {
nindex.php?page=hadith&LINKID=3776أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا ضحاك ما طعامك ؟ قال اللحم واللبن قال : ثم يصير إلى ماذا قال إلى ما قد علمت قال : فإن الله عز وجل ضرب ما يخرج من ابن آدم مثلا للدنيا } . وعن
أبي كعب مرفوعا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=6763إن مطعم ابن آدم مثل للدنيا ، وإن قزحه وملحه فانظر إلى ماذا يصير ؟ } وعن
مطرف بن الشخير عن رجل من الصحابة {
nindex.php?page=hadith&LINKID=27539كان بالكوفة أمير فخطب يوما فقال : إن إعطاء هذا المال فتنة ، وإن إمساكه فتنة ، وبذلك قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى فرغ ثم نزل } إسناده جيد . وعن
أبي موسى مرفوعا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35329من أحب دنياه أضر بآخرته ، ومن أحب آخرته أضر بدنياه فآثروا ما يبقى على ما يفنى } . وعن
أبي مالك الأشعري مرفوعا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18183حلوة الدنيا مرة الآخرة ومرة الدنيا حلوة الآخرة } . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12881أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن قال : وإياك والتنعم ، فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين } وعن
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية مرفوعا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12467إنما بقي من الدنيا بلاء وفتنة } وعن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود مرفوعا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=38492أنه نهى عن التبقر في الأهل والمال } ، التبقر التوسع وأصله من البقر الشق . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16539عتبة بن عبد السلمي مرفوعا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33580لو أن رجلا يجر على وجهه من يوم ولد إلى يوم يموت وما في مرضاة [ ص: 246 ] الله تعالى لحقره يوم القيامة } رواهن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد
وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=13615ابن هبيرة الوزير الحنبلي لنفسه :
يلذ ندى الدنيا الغني ويطرب ويزهد فيها الألمعي المجرب
وما عرف الأيام والناس عاقل ووفق إلا كان في الموت يرغب
إلى الله أشكو همة لعبت بها أباطيل آمال تغر وتخلب
فوا عجبا من عاقل يعرف الدنا فيصبح فيها بعد ذلك يرغب
وأنشد أيضا :
الحمد لله هذي العين والأثر فما الذي باتباع الحق ينتظر
وقت يفوت وأشغال معوقة وضعف عزم ودار شأنها الغير
والناس ركضا إلى مأوى مصارعهم وليس عندهم من ركضهم خبر
تسعى بهم حادثات من نفوسهم فيبلغون إلى المهوى وما شعروا
والجهل أصل فساد الناس كلهم والجهل أصل عليه يخلق البشر
في أبيات ذكرها وأنشد أيضا
يا أيها الناس إني ناصح لكم فعوا كلامي فإني ذو تجاريب
لا تلهينكم الدنيا بزهرتها فما تدوم على حسن ولا طيب
وأنشد أيضا :
إذا قل مال المرء قل صديقه وقبح منه كل ما كان يجمل
وأنشد أيضا :
والوقت أنفس ما عنيت بحفظه وأراه أسهل ما عليك يضيع
[ ص: 247 ] وقد قال
ابن هانئ الشاعر في قصيدته التي يرثي فيها ولده
حكم المنية في البرية جار ما هذه الدنيا بدار قرار
بينما يرى الإنسان فيها مخبرا حتى يرى خبرا من الأخبار
طبعت على كدر وأنت تريدها صفوا من الأقذار والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها متطلب في الماء جذوة نار
العيش نوم والمنية يقظة والمرء بينهما خيال سار
ليس الزمان وإن حرصت مساعدا خلق الزمان عداوة الأحرار
ومنها :
وتلهب الأحشاء شيب مفرقي هذا الضياء شواظ تلك النار
لا حبذا الشيب الوفي وحبذا شرخ الشباب الخائن الغدار
وطري من الدنيا الشباب وروقه فإذا انقضى فقد انقضت أوطاري
ومنها :
ذهب التكرم والوفاء من الورى وتصرما إلا من الأشعار
وكان
الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه الله تعالى يتمثل كثيرا بالبيت الثالث والرابع وذكرهما
السروجي الحنفي في شرحه في الجنائز في المصاب
ولابن هانئ أيضا مما قد يتعلق بغير هذا الوضع :
لا أنت عند اليسر من زواره يوما ولا في العسر من عواده
وله منها :
أفدي الكتاب بناظري فبياضه ببياضه وسواده بسواده
[ ص: 248 ] وله :
قد كان يرجف في ليالي وصله قلبي فكيف يكون يوم صدوده
وله :
كم عاهد الدمع لا يغري بجريتها الـ واشي فلما استقلت ظعنهم غدرا
وللترمذي وحسنه عن
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12962ابتلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالضراء فصبرنا ، ثم ابتلينا بالسراء بعده فلم نصبر } .