الآداب الشرعية والمنح المرعية

ابن مفلح - محمد بن مفلح بن محمد المقدسي

صفحة جزء
وقال ابن عقيل ولا يستحب تشميت الكافر فإن شمته أجابه بآمين يهديكم الله فإنها دعوة تصلح للمسلم [ ص: 336 ] والكافر ، وقد قال أبو موسى الأشعري { كانت اليهود يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول لهم : رحمكم الله ، فكان يقول لهم يهديكم الله ويصلح بالكم } رواه الإمام أحمد عن وكيع وعبد الرحمن عن سفيان عن حكيم بن ديلم عن أبي بردة عن أبيه إسناده جيد وحكيم وثقه ابن معين وغيره وقال أحمد : شيخ صدوق وقد قال أبو حاتم صالح ولا يحتج به .

ورواه أبو داود والنسائي والحاكم والترمذي وقال : حسن صحيح .

قال الشيخ تقي الدين وقد نص أحمد على أنه لا يستحب تشميت الذمي ذكره أبو حفص في كتاب الأدب عن الفضل بن زيادة قال : قلت : يا أبا عبد الله لو عطس يهودي قلت له : يهديكم الله ويصلح بالكم قلت : أي شيء يقال لليهودي ؟ كأنه لم يره قال القاضي : ظاهر كلام أحمد أنه لم يستحب تشميته ; لأن التشميت تحية له فهو كالسلام ولا يستحب أن يبدأ بالسلام كذلك التشميت .

ويدل عليه ما رواه أبو حفص بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إن للمسلم على المسلم ست خصال إن ترك منهن شيئا ترك حقا واجبا عليه ، إذا دعاه أن يجيبه وإذا مرض أن يعوده ، وإذا مات أن يحضره ، وإذا لقيه أن يسلم عليه ، وإذا استنصحه أن ينصحه ، وإذا عطس أن يشمته أو يسمته } فلما خص المسلم بذلك دل على أن الكافر بخلافه ، وهو في السنن إلا قوله " حقا واجبا عليه " ،

ولأحمد ومسلم من حديث أبي هريرة { حق المسلم على المسلم ست } وذكره قال الشيخ تقي الدين : التخصيص بالوجوب أو الاستحباب إنما ينفي ذلك في حق الذمي كما ذكره أحمد في النصيحة ، وإجابة الدعوة لا تنفي جواز ذلك في حق الذمي من غير استحباب ولا كراهة كإجابة دعوته والذي ذكره القاضي وهو ظاهر [ ص: 337 ] كلام أحمد أنه يكره ، وكلام ابن عقيل إنما نفى الاستحباب ، وفي المسألة حديث تعاطس اليهود عند النبي وكان يجيبهم بالهداية ، وإذا كان في التهنئة والتعزية والعيادة راويتان فالتشميت كذلك انتهى كلامه .

فظهر في تشميت الكافر أقوال : الجواز ، والكراهة ، والتحريم .

التالي السابق


الخدمات العلمية