فأما
إنزاء الحمر على الخيل فعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=27711كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدا مأمورا ما اختصنا بشيء دون الناس إلا بثلاث ، أمرنا أن نسبغ الوضوء ، وأن لا نأكل الصدقة ، وأن لا ننزي حمارا على فرس } حديث صحيح رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=15395، والنسائي ،
والترمذي وصححه
nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة في صحيحه وعند
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة وأشك في غيرهما قال
موسى بن سالم [ ص: 148 ] يعني راوي الحديث فلقيت
عبد الله بن حسن يعني حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب فقلت إن
عبد الله بن عبد الله يعني ابن عباس حدثني بكذا وكذا فقال إن الخيل كانت في
بني هاشم قليلة فأحب أن تكثر فيهم . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=8650 : أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم بغلة فقلنا يا رسول الله لو أنزينا الحمر على خيلنا فجاءتنا بمثل هذه فقال : إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون } إسناد ثقات رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15395، والنسائي قال
أبو داود باب في كراهية الحمر تنزي على الخيل حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة بن سعيد ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث عن
nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب عن
أبي الخير عن
عبد الله بن زريق عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي فذكره . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا
nindex.php?page=showalam&ids=8علي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=947أسبغ الوضوء وإن شق عليك ولا تأكل الصدقة ولا تنز الحمر على الخيل ولا تجالس أصحاب النجوم } رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد في المسند وعن
nindex.php?page=showalam&ids=202دحية الكلبي قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=118850قلت يا رسول الله ألا أحمل لك حمارا على فرس فتنتج لك بغلا فتركبها قال : إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون } رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد . ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16996محمد بن عبيد ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر من آل
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة عن
الشعبي عنه أي
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قيل هو
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابن حنبل وقيل
ابن أبي حنبل بن سعد بن حذيفة بن اليمان ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في تاريخه وروى عنه جماعة ولم أجد فيه كلاما وحديثه حسن إن شاء الله وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي عن
أحمد بن حفص عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=12377إبراهيم بن طهمان عن
سعيد بن أبي عروبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33102 : لم يكن شيء أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد النساء من الخيل } إسناد جيد .
واختلف العلماء في إنزاء الحمر على الخيل فذهب
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود وهو من أصحاب الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد إلى الكراهة واحتج بالخبر في ذلك وهو ظاهر ما ذكره صاحب المحرر من أصحابنا في أحكامه المنتقى ولأصحابنا خلاف فيما رواه الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ولم يخالفه هل يكون مذهبا له ؟ وقد روى هذه الأخبار ولم أجد عنه نصا بخلافها وقد حكى هذا عن طائفة من العلماء ليدلل على ذلك بالأخبار المذكورة .
فإن قيل النهي خاص
لبني هاشم لقلة الخيل بدليل ما سبق من حديث
[ ص: 149 ] nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وقول
عبد الله بن حسن قيل قوله : عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12578إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون } فدل على أنه لا فرق في هذا بين
بني هاشم وغيرهم وذلك ; لأن الخير معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيامة وفي ارتباطها واقتنائها كما سبق الثواب الجزيل ، والفضل العظيم ويحصل بها من النفع في جهاد أعداء الله سبحانه الذي هو من أفضل الأعمال أو أفضلها من الكر ، والفر وإدراك العدو ، والنجاة عليها منه ويسم لها في الجهاد ولحمها مأكول عند جمهور العلماء للأخبار الصحيحة .
ومن المعلوم أن العدول عن مثل هذه المنافع ، والفضائل مع عدم النسل ، والنماء إنما يفعله من لا يعلم كما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم . أما من يعلم هذه الفضائل ، والمنافع وما هو الراجح في نظر الشارع فلا يعدل عن ذلك بلا شك ولهذا لما كان ذلك مستقرا عند عامة العلماء ، والعقلاء لم يعدلوا عنه غالبا كما هو معلوم عادة وعرفا ترجيحا منهم للفضائل الشرعية ، والمنافع العرفية .
وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس المذكور ففيه
إسباغ الوضوء ومعلوم أن المسلمين فيه سواء ، ومهما كان الجواب عنه كان هو الجواب عن إنزاء الحمر على الخيل .
والظاهر أن المراد أن الشارع عليه الصلاة والسلام خاطبهم بذلك شفاها اتفاقا أو لسبب اقتضى ذلك بحسب الحال أو أنهم أولى بذلك من غيرهم لشرفهم وقربهم منه صلى الله عليه وسلم إطلاق من أطلق اختصاصهم بذلك وإن كانوا وغيرهم في الحكم سواء ، ولهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30020لا تجالس أصحاب النجوم } ومعلوم أن النهي عن مجالستهم عام له ولغيره .
وأما قول
عبد الله بن حسن فهو اجتهاد منه ; لأنه لم يشاهد الحال ولم يدرك ذلك الزمان فظاهر الأخبار خلافه وهي قوله عليه السلام : " إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون " فهذا يقتضي عموم النهي بلا شك فكيف يخالف كلام الشارع ويتبع رأي
عبد الله بن حسن ومعلوم أن
بني هاشم لم يكونوا أقل خيلا من جميع الصحابة رضي الله عنهم ؟ بل كان فيهم مثلهم في ذلك ودونهم على أن
عبد الله ليس في كلامه اختصاص الحكم
[ ص: 150 ] ببني هاشم بل أراد بيان وجه إطلاق الاختصاص وأنه لهذا السبب ، وإن كان غيرهم مثلهم في ذلك وإلا فلا وجه لاختصاصهم بهذا الحكم أصلا ; لأن الشارع أراد تكثير الخيل في
بني هاشم لقلتها فإن كان غيرهم مثلهم في قلتها كانوا مثلهم في هذا الحكم ، وإن كانوا أقل منهم كانوا أولى بهذا الحكم أو مثلهم .
ولهذا لا يعرف عن أحد من العلماء رضي الله عنهم أنه قال يختص هذا الحكم
ببني هاشم ، ومن تأمل هذا وأمثاله علم أنه لا وجه للتعلق بهذا في صرف دلالة هذه الأخبار ، والعدول عنها ، فعلى هذا ظاهر ما سبق عن إمامنا وأصحابنا رحمهم الله اختصاص الكراهة بإنزاء الحمير على الخيل كما هو ظاهر الأخبار ، ولا يقال عدوا الحكم نظرا إلى عدم النسل ، والنماء ; لأنا نقول قد سبقت أوصاف يجوز أن يكون الشارع قد رتب الحكم على مجموعها ، والحكم المرتب على أوصاف لا يثبت إلا بمجموعها فلا تصح التعدية .
، وقد يتوجه احتمال نظرا إلى عدم النماء فإنه المقصود أو معظمه ، ، ولأن الحيوانات المتولدة من جنسين أخبث طبعا من أصولها المتولدة منها كما معروف من البغال وغيرها فيحصل بذلك من ملابسته واقتنائه تعب ومشقة لا تحصل بالجنس الواحد وهذا معنى مناسب لعدم فعله ويصلح ذكره في أصل المسألة وعلى هذا تكون الأخبار خرجت بحسب الواقع أو جوابا لسؤال ويكون المراد صيانة الخيل عن مزاوجة الحمر وحفظ مائها لما فيها من الفضائل ، والمنافع .
وذهب الحنفية رحمهم الله إلى أنه لا بأس بإنزاء الحمر على الخيل ، والخيل على الحمر واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي رحمه الله بعد أن ذكر علة الكراهة وقال عن إنزاء الخيل على الحمر يحتمل أن لا يكون داخلا في النهي إلا أن يتأول متأول أن المراد بالحديث صيانة الخيل واحتج من قال بعدم الكراهة مطلقا بقوله تعالى : {
والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة } .
ذكر سبحانه ذلك في معرض الامتنان فدل على إباحة أسباب اتخاذ هذه
[ ص: 151 ] الأشياء وإلا كانت مكروهة لا يمتن بها . ومن المتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=7552أنه ركب بغلة واقتناها } فدل على إباحة السبب وإلا لم يفعل ذلك ; لأنه يتأسى به في فعله فيكون ذلك سببا لفتح هذا الباب ، والترغيب فيه ، والعكس بالعكس ، ولأنه استيلاد حيوان لهم منتفع به شرعا فلم يكره كالجنس الواحد .
ولمن اختار الأول أن يجيب عن ذلك : أما الآية فلا نسلم أنه يلزم من الامتنان هنا إباحة السبب ومن ادعاه فعليه الدليل ، والأصل عدمه فإن أبدى دليلا تكلمنا عليه .
ثم نقول قد يكون هذا السبب محرما ، والامتنان حاصل بأنه سبحانه لطف بنا ورحمنا إذ لم يحرم علينا هذا الحيوان كما أن بعض أفراد الجنس الواحد قد يكون محرما إجماعا بغصب أو غيره وهو داخل في جملة ما امتن به علينا بلا شك ، فإذا كان هذا في السبب المحرم فكيف بهذا السبب المكروه المأذون فيه في الجملة ، ثم لو سلم هذا في السبب المحرم هنا فلا نسلمه في المكروه .
ويحسن الامتنان معه ; لأن الشارع أذن فيه في الجملة فلم يفعل المكلف إلا ما وسع الشارع عليه فيه ، ثم لو سلم ذلك فالمراد بالآية الكريمة غير ما دلت عليه السنة المطهرة جمعا بين كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعلوم أنه أولى من التعارض ، والإلغاء .
وهذا إن كان المراد بالآية أنه سبحانه امتن على عباده بكل فرد فرد وإن كان المراد الجنس فلا يلزم كل فرد فرد كقولهم الرجل خير من المرأة فيصح إن أريد الجنس لا على تقدير إرادة عموم الجنس فكل رجل ليس هو خيرا من كل امرأة .
وأما ركوبه صلى الله عليه وسلم البغلة فأضعف في الدلالة لعدم الامتنان فيه وليس فيه تعرض للسبب بوجه وقد يكون فعل ذلك لحاجته إليها ولم يتيسر له غيرها وقد يكون فعله بيانا وتعليما لمن قد يخفى عليه حكم هذا الحيوان ; لأن هذا الحيوان ليس وقوع مثله كثيرا عندهم ليكون حكمه مشهورا لا يخفى وقد يكون فعله بيانا لجواز
قبول هدايا المشركين ، والانتفاع بأموالهم ودوام ذلك ليشتهر فيبلغهم يتألفهم بذلك رجاء خيرهم وكفا لشرهم ، وقد فعل ذلك
[ ص: 152 ] ليتبين به غاية الشجاعة إذا حضر به الجهاد ; لأن هذا الحيوان لا يكر ولا يفر إن طلب لم يدرك وإن طلب أدرك كما جرى له صلى الله عليه وسلم يوم
هوازن وهو على بغلته وقد انكشف عنه أصحابه صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم وهو يقول {
nindex.php?page=hadith&LINKID=6962أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب } وهذا غاية الشجاعة ، ومع هذه الاحتمالات وغيرها فكيف يحتج بهذا الفعل لا سيما مع ما سبق عنه من البيان الخاص في هذا الفعل الخاص ، والجمع أولى من التعارض ، والإلغاء ، وأما القياس فالكلام عليه وعلى فساده واضح والله أعلم .