[ ص: 194 ] فصل ومن آداب الأكل أن تجعل بطنك ثلاثا ، ثلثا للطعام وثلثا للشراب وثلثا للنفس ، ولو أكلت كثيرا لم يكن به بأس قال
الحسن ليس في الطعام إسراف ، والحديث المرفوع في ذلك ورد بالأكل تأديبا لا تحديدا ذكر ذلك في المستوعب وغيره .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11914أبو المغيرة ثنا
سليمان بن سليم ثنا
يحيى بن جابر الطائي سمعت
المقداد بن معدي كرب الكندي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34625ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن حسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث طعام وثلث شراب وثلث لنفسه } حديث صحيح له طرق رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ،
والترمذي وقال حسن وفي نسخة صحيح .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14243الخلال في جامعه عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أنه قال وقيل له هؤلاء الذين يأكلون قليلا ويقللون من طعامهم قال ما يعجبني سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي يقول فعل قوم هكذا فقطعهم عن الفرض .
واعلم أنه متى بالغ في تقليل الغذاء أو الشراب فأضر ببدنة أو شيء منه أو قصر عن فعل واجب لحق الله أو لحق آدمي كالتكسب لمن يلزمه مؤنته فإن ذلك محرم وإلا كره ذلك إذا خرج عن الأمر الشرعي .
وقد ذكر الأطباء أنه لا ينبغي التأخير عن تناول ذلك إذا تاقت إليه النفس وإنه إن لم يتناول الغذاء ، ثم لم تطلبه نفسه فينبغي أن لا يتناوله إذا ، بل ينهضها بالرياضة أو بالقيء وغير ذلك . ونقلت من غير الجامع وهو من كتاب الورع .
قال
المروذي قلت
nindex.php?page=showalam&ids=12251لأبي عبد الله يعني أحمد بن حنبل يؤجر الرجل في ترك الشهوات قال كيف لا يؤجر
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر يقول ما شبعت منذ أربعة أشهر . وقلت
nindex.php?page=showalam&ids=12251لأبي عبد الله يجد الرجل من قلبه رقة
[ ص: 195 ] وهو يشبع ؟ قال ما أرى . ، والمراد بهذا النص والله أعلم الشبع الكثير ، والمراد بالنص الأول من يأكل يسيرا يحصل له به أدنى شبع .
وقول الأصحاب رحمهم الله ولو أكلت كثيرا لم يكن به بأس أي زيادة على القدر المذكور لا مطلقا ، فإن أكل المتخوم أو
الأكل المفضي إلى تخمة سبب لمرضه وإفساد بدنه وهو تضييع للمال في غير فائدة في مضرة بل وهذا بخلاف الأكل فوق مطلق الشبع فإنه لا يفضي إلى ذلك .
وقد ذكر الأصحاب أن الأكل من الميتة فوق الشبع لا يجوز وظاهره أن الأكل فوق مطلق الشبع في غير هذا الموضع يجوز وإلا لم يكن لتخصيص هذه الصورة فائدة ، وقد قال في الترغيب ولو أكل كثيرا بحيث لا يؤذيه جاز وقال في الغنية وكثرة الأكل من حيث يخاف منه التخمة مكروه .
وذكر صاحب النظم أنه لا بأس بالشبع وإنه يكره الإسراف وفي الصحيحين أو في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري {
nindex.php?page=hadith&LINKID=3141أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل يقول nindex.php?page=showalam&ids=3لأبي هريرة لما جاءه قدح من لبن وأمره أن يدعو له أهل الصفة فسقاهم ، ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=3لأبي هريرة اشرب فشرب ، ثم أمره ثانيا وثالثا حتى قال والذي بعثك بالحق ما أجد له مساغا } .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر وغيره أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه خطب يوما فقال : إياكم ، والبطنة فإنها مكسلة عن الصلاة مؤذية للجسم ، وعليكم بالقصد في قوتكم فإنه أبعد من الأشر وأصح للبدن وأقوى على العبادة ، وإن امرأ لن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه : المعدة حوض البدن ، والعروق واردة عليها وصادرة عنها فإذا صحت صدرت العروق عنها بالصحة ، وإذا سقمت صدرت العروق بالسقم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14919الفضيل بن عياض اثنتان يقسيان القلب كثرة الكلام وكثرة الأكل وقال
لقمان لابنه يا بني لا تأكل شيئا على شبع فإنك إن تتركه للكلب خير لك من أن تأكله .
وقال
ابن هبيرة في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة من قبل نفسه وفي معنى ذلك
[ ص: 196 ] المآكل التي الغالب فيها الأذى ، والإفراط في الشبع وإدخال الطعام على الطعام ومطاوعة الشره ، والتعريض بالنفس فيما الغالب فيه الأذى ، ومن ذلك أن يستلقي تحت حائط مائل أو ينام على سطح ليس له حجار ، أو يركب البحر عند ارتجاجه أو يتعرض من البلاء ما لا يطيقه كذا قال في النوم على السطح وليست نظير ذلك وسيأتي .
وقال أيضا لا ينبغي أن يتناول فوق حاجته ; لأنه قوته وقوت غيره فالقسمة بينه وبين غيره لم يمكن تقديرها إلا بالإشارة بحسب الاحتياج فإذا أخذ من شيء هو مشاع بينه وبين غيره أكثر من حاجته فقد ظلم غيره بمقدار التفاوت .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة بن جندب أنه قيل له إن ابنك بات البارحة بشما قال أما لو مات لم أصل عليه قال
الشيخ تقي الدين يعني أنه أعان على قتل نفسه فيكون كقاتل نفسه وقال في موضع آخر يكره أن يأكل حتى يتخم ، ثم ذكر ما سبق عن
nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة .
واعلم أن
كثرة الأكل تنوم وإنه ينبغي النفرة ممن عرف بذلك واشتهر به واتخذه عادة ولهذا روى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع رأى
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مسكينا فجعل يضع بين يديه ويضع بين يديه فجعل يأكل كثيرا قال لا تدخلن هذا علي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15083المؤمن يأكل في معى واحد ، والكافر يأكل في سبعة أمعاء } .
وروى أيضا عن
عمرو بن دينار قال كان
أبو نهيك رجلا أكولا فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر إن رسول الله قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11178إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء قال فأنا أومن بالله ورسوله }
nindex.php?page=showalam&ids=17080ولمسلم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ومن حديث
أبي موسى {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15083المؤمن يأكل في معى واحد ، والكافر يأكل في سبعة أمعاء } .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة {
nindex.php?page=hadith&LINKID=5808أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضافه ضيف وهو كافر فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة فحلبت له فشرب حلابها حتى شرب حلاب سبع شياه ، ثم إنه أصبح فأسلم فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة فشرب حلابها ، ثم أمر له [ ص: 197 ] بأخرى فلم يتمها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمن يشرب في معى واحد ، والكافر يشرب في سبعة أمعاء } رواه مسلم .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة {
nindex.php?page=hadith&LINKID=5275أن رجلا كان يأكل أكلا كثيرا فأسلم فكان يأكل أكلا قليلا فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إن المؤمن يأكل في معاء واحد ، والكافر يأكل في سبعة أمعاء } .
قيل ذلك على ظاهره ولهذا احتج به
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فقيل المؤمن يقصد في أكله وقيل إنه يسمي الله فلا يشاركه فيه الشيطان ، والكافر بالعكس قال الأطباء لكل إنسان سبعة أمعاء المعدة ، ثم ثلاثة متصلة بها رقاق ، ثم ثلاثة غلاظ فالمؤمن لاقتصاده وتسميته يكفيه ملء أحدها ، والكافر بالعكس .
وقيل المراد الجنس فلا يلزم ذلك في كل فرد من مؤمن وكافر وقيل المراد سبع صفات الحرص ، والشره وطول الأمل ، والطمع وسوء الطبع ، والحسد ، والسمن ، وقيل هذا في رجل بعينه قيل له على وجه التمثيل وإنما قال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ما قال ; لأنه أشبه الكفار ومن أشبه الكفار كرهت مخالطته لغير حاجة وما يأكله هذا يسد خلة جماعة .
وقال
الشيخ تقي الدين في موضع آخر
الإسراف في المباحات هو مجاوزة الحد وهو من العدوان المحرم وترك فضولها هو من الزهد المباح وأما الامتناع من فعل المباحات مطلقا كالذي يمتنع من أكل اللحم أو أكل الخبز أو شرب الماء أو من لبس الكتان ، والقطن ولا يلبس إلا الصوف ويمتنع من نكاح النساء ويظن أن هذا من الزهد المستحب ، فهذا جاهل ضال إلى أن ذكر أن الله أمر بالأكل من الطيبات ، والشكر له ، والطيب هو ما ينفع الإنسان ويعينه على الطاعة وحرم الخبائث وهو ما يضره في دينه وأمر بشكره وهو العمل بطاعته بفعل المأمور به وترك المحظور قال فمن أكل من الطيبات ولم يشكر ربه ولم يعمل صالحا كان معاقبا على تركه من فعل الواجبات ولم يحل له الطيبات فإن الله تعالى إنما أحلها لمن يستعين بها على طاعته .
ولم يحلها لمن يستعين بها على معصيته كما قال تعالى :
[ ص: 198 ] {
ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } الآية قال ولهذا لا يجوز أن يعان الإنسان بالمباحات على المعاصي مثل من يعطي اللحم ، والخبز لمن يشرب عليه الخمر ويستعين به على الفواحش قال وقوله تعالى : {
ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } أي عن الشكر على النعيم فيطالب العبد بأداء شكر الله على النعيم فإن الله تعالى لا يعاقب على ما أباح وإنما يعاقب على ترك مأمور وفعل محذور انتهى كلامه .
وآية المائدة ذكر معنى كلامه فيها بعض المفسرين كما هو ظاهرها . فأما السؤال عن النعيم فقيل يختص بالكفار ويعذبون على ترك الشكر وقيل عام ، ثم النعيم هل هو عام أو خاص ؟ فيه قولان ، ثم في تعيينه نحو عشرة أقوال ، وظاهر اللفظ العموم فيها قال
ابن الجوزي وهو الصحيح قال فالكافر يسأل توبيخا له إذا لم يشكر المنعم ولم يوحده ، والمؤمن يسأل عن شكرها كذا قال فظاهره لا يسأل توبيخا وتعذيبا وهو ظاهر كلام بعض المفسرين .
قال
ابن الجوزي بعد كلامه المذكور : وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال {
يقول الله عز وجل ثلاث لا أسأل عبدي عن شكرهن وأسأله عما سوى ذلك بيت يسكنه وما يقيم به صلبه من الطعام وما يواري به عورته من اللباس } ويأتي ما يتعلق بهذا في فصل تقبيل الخبز ، ويوافق كلام
الشيخ تقي الدين ما ذكره
المهدوي في تفسيره في قوله تعالى {
غير محلي الصيد } وسبق في الفصل قوله
[ ص: 199 ] {
لتسألن يومئذ عن النعيم } قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أي عن القيام بحق شكره .
وقال
أبو زكريا النواوي سؤال تعداد النعم وإعلام بالامتنان بها لا سؤال توبيخ ومحاسبة ، وقول
الشيخ تقي الدين إن الامتناع من المباح رأسا جهل كذا قال غيره من العلماء ; لأنه خلاف فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وطريقه فمن اتخذ طريقا إلى الله سبحانه خلاف طريقه فإنما يروم ذلك ويظن أنها أوصل إلى المقصود وأبلغ في حصول المطلوب لا سيما مع شدة طريقه وضيقها ولا يخفى أن هذا من الجهل ، والضلال .
وقد ذكر
أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي رحمه الله في كتاب الباعث على إنكار البدع ، والحوادث ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14242أبو بكر الخلال من أصحابنا رحمهم الله في كتاب الجامع أن رجلا جاء إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس رضي الله عنه فقال من أين أحرم قال من الميقات الذي وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحرم فقال الرجل فإني أو فإن أحرمت من أبعد منه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك لا أرى ذلك ، فقال ما تكره من ذلك قال أكره عليك الفتنة قال وأي فتنة في ازدياد الخير قال فإن الله تعالى يقول : {
فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم } .
وأي فتنة أكبر من أنك خصصت بفعل لم يخصص به رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية أن رجلا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك بن أنس من أين أحرم قال من حيث أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعاد عليه مرارا قال فإن زدت على ذلك قال فلا تفعل فإني أخاف عليك الفتنة قال وما في هذا من الفتنة إنما هي أميال أزيدها
[ ص: 200 ] قال فإن الله تعالى يقول : {
فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم } .
قال وأي فتنة في هذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأي فتنة أعظم من أن تري اختيارك لنفسك خيرا من اختيار الله تعالى واختيار رسول الله صلى الله عليه وسلم . وفي الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=6867أن نفرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر فقال بعضهم لا أتزوج النساء وقال بعضهم لا آكل اللحم . وقال بعضهم لا أنام على فراش فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال أما بعد ما بال أقوام قالوا كذا ، لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وآكل اللحم وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني } . وفي
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود أن النبي قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=38968هلك المتنطعون قالها ثلاثا }
وهم المبالغون في الأمور ، وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16228صفوان بن سليم وهو من التابعين الصلحاء أنه عاهد الله أن لا يضع جنبه إلى الأرض ما بقي في الدنيا وعاش بعد ذلك ثلاثين سنة ووفى بذلك .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15853داود الطائي أنه كان يسف السويق لئلا يشتغل بمضغ الخبز وغيره عن الذكر ، وعن غيرهما من العباد معنى هذه الأحوال ولعل ذلك لا يصح عن عابد عالم ، وعابد جاهل لا عبرة برأيه فإن صح ذلك فإنه محجوج برسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رضي الله عنه الكلام المشهور : كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب هذا القبر يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد ذكر
ابن الجوزي رحمه الله في صيد الخاطر بعض ذلك وغيره عن بعض العباد رحمهم الله قال ولعمري إن هذه خيرات ولكن عليك بالجادة طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أو كما قال ، وأما إن أسرف في تناول ذلك
[ ص: 201 ] فقال
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل وجماعة ظاهر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رحمه الله أن
التبذير والإسراف ما أخرجه في الحرام لقوله : لو أن الدنيا لقمة فوضعها في في أخيه لم يكن إسرافا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى إن لم يخف الفقر لم يكن مسرفا ، وإلا فهو من السرف المنهي عنه وقال
ابن الجوزي في التبذير قولان :
أحدهما أنه إنفاق المال في غير حق قاله
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد وقال الزجاج في غير طاعة .
( والثاني ) الإسراف المتلف المال {
إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين } .
يوافقونهم فيما يدعونهم إليه ويشاكلونهم في معصية الله {
وكان الشيطان لربه كفورا } أي جاحدا لنعمه قال
ابن الجوزي : وهذا يتضمن أن المسرف كفور للنعم وذكر غير واحد من أصحابنا أن التبذير أن يصرفه في حرام أو في غير فائدة والمسألة مذكورة في الفقه في باب الحجر ، وسبق كلام
الشيخ تقي الدين أن الإسراف في المباحات محرم وقد يحتج لعدم التحريم بعموم القرآن وإطلاقه من غير نظر إلى السبب كقوله تعالى : {
قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق } .
وكقوله : {
ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } . وبأنه إجماع سابق في البناء والعمارة كما يأتي في كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم فهذا أولى ، ومن قال بخلاف ذلك يحتج بإطلاق قوله تعالى :
[ ص: 202 ] {
ولا تسرفوا } . ويحمل ما سبق على أن المراد الإباحة في الجملة لا مع السرف ; لأنه أخص وحيث لم يحرم فمعلوم أن تركه أولى ، وهل يكره ؟ ظاهر ما ذكره بعضهم أنه لا يكره ; لأن الأصل عدم الكراهة وعدم دليلها ويأتي كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل في فصول التكسب : أقسم بالله لو عبس الزمان في وجهك مرة لعبس في وجهك أهلك وجيرانك ثم حث على الإمساك ، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في الكرم والبخل متمثلا :
قليل المال تصلحه فيبقى ولا يبقى الكثير على الفساد
وهذا يدل على الكرامة ، وهذا معلوم في الشاهد والغائب ، افتقر خلق كثير بالإسراف في اللذات والشهوات وظاهر كلام
ابن الجوزي الكراهة قال في قوله تعالى : {
ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا } .
قال المفسرون المراد بطيباتهم ما كانوا فيه من اللذات مشتغلين بها عن الآخرة معرضين عن شكرها ، ولما وبخهم الله تعالى بذلك آثر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والصالحون بعدهم اجتناب نعيم العيش ولذته ليتكامل أجرهم ولئلا يلهيهم عن معادهم .
روى
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر قال رأى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر لحما معلقا في يدي فقال : ما هذا يا
جابر ؟ فقلت : اشتهيت لحما فاشتريته ، فقال أو كلما اشتهيت اشتريت يا
جابر ؟ أما تخاف هذه الآية : {
أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا } .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه أنه قيل له لو أمرت أن يصنع لك طعام ألين
[ ص: 203 ] من هذا فقال : إني سمعت الله عير أقواما فقال : {
أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا } انتهى كلامه .
الأثر عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر في الموطأ وفيه أنه اشترى لحما بدرهم ، وأن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قال له : ما يريد أحدكم أن يطوي بطنه عن جاره وابن عمه أين يذهب عنكم قوله تعالى : {
أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها } .
وما يروى عن
السلف وأئمة الخلف المقتدى بهم في العلم والدين ما يدل على خلاف ذلك ولا يتحقق فيه إسراف والكلام فيه .
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=11973أبو حازم nindex.php?page=showalam&ids=31لسهل بن سعد هل أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم النقي ؟ فقال : ما رأى النقي من حين ابتعثه الله حتى قبضه الله ، فقلت هل كان لكم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مناخل ؟ قال : ما رأى منخلا من حيث ابتعثه الله حتى قبضه الله قلت : كيف كنتم تأكلون الشعير غير منخول ؟ قال : كنا نطحنه وننفخه فيطير ما طار وما بقي ثريناه رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري والترمذي وزاد بعد قوله : النقي يعني الحواري ثرينا عجناه
وسيأتي في آداب المساجد حكم إنفاق المال في البناء والعمارة ، وكلام الشيخ
تقي الدين وأما إنفاقه في الصدقة فمذكور في الفقه في صدقة التطوع ويأتي في فصول التكسب والله أعلم .