قال الشيخ
تقي الدين : يستدل على كراهة
الاغتسال بالأقوات ; بأن ذلك يفضي إلى خلطها بالأدناس والأنجاس فنهى عنه كما نهى عن إزالة النجاسة بها ، والملح ليست قوتا وإنما يصلح بها القوت نعم ينهى في الاستنجاء عن قوت الآدميين والبهائم للإنس والجن هذا لا يستنجى بالنخالة وإن غسل يده بها ، فأما إن دعت الحاجة إلى استعمال القوت ، مثل الدبغ بدقيق الشعير أو التطبب للجرب باللبن والدقيق ، ونحو ذلك فينبغي أن يرخص فيه كما رخص في قتل دود القز بالتشميس ; لأجل الحاجة إذ لا تكون حرمة القوت أعظم من حرمة الحيوان ، وبهذا قد يجاب عن الملح أنها استعملت لأجل الحاجة .
وعلى هذا فقد يستدل بهذا الأصل الشرعي على المنع من إهانتها بوضع الإدام فوقها كما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14603الشيخ عبد القادر ودليل آخر وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=118862أمر بلعق الأصابع والصحفة وأخذ اللقمة الساقطة وإماطة الأذى عنها } كل ذلك ; لئلا يضيع شيء من القوت ، والتدلك به إضاعة له لقيام غيره مقامه وهو من أنواع التبذير الذي هو من فعل الشيطان . وسئلت عن مثل هذه وهو
غسل الأيدي بالمسك فقلت : إنه إسراف بخلاف تتبع الدم بالقرصة الممسكة فإنه يسير لحاجة وهذا كثير لغير حاجة فاستعمال الطيب في غير التطيب وغير
[ ص: 212 ] حاجة كاستعمال القوت في غير التقوت وغير حاجة ، وحديث البقرة : إنا لم نخلق للركوب يستأنس به في مثل هذا .
ويستدل على ما فعله
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد من مسح اليد عند كل لقمة بأن وضع اليد في الطعام يخلط أجزاء من الريق في الطعام فهو في معنى ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من التنفس في الإناء لكن يسوغ فيه ; لمشقة المسح عند كل لقمة فمن يحشم المسح ، فذلك حسن منه ، انتهى كلامه ، وظاهر كلام الأصحاب رحمهم الله أنه لا يكره غسل اليد بطيب ولو كثر لغير حاجة ويتوجه تحريم الاغتسال بمطعوم كما هو ظاهر تعليل الشيخ
تقي الدين .
وقال
أبو الحسن الآمدي ذكر الشيخ
أبو عبد الله بن حامد أن من السنة لمن أراد الأكل أن يخلع نعليه ، وروى فيه حديثا قال : والأكل على السفر أولى من الأكل على الخوان روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33025لم يأكل النبي على خوان وما أكل خبزا مرققا حتى مات } . وله أيضا عنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34504ما علمت النبي أكل على سكرجة قط ولا خبز له مرقق قط ، ولا أكل على خوان قط } قيل
nindex.php?page=showalam&ids=16815لقتادة على ما كانوا يأكلون قال على السفر . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد والترمذي وزاد حتى مات . ومن تتمة كلام
ابن حامد قال : ويكره أن يعيب الأكل قال : وإذا كان مع الجماعة فقدم إليه لون واحد أكل مما يليه ، وإن كان وحده فلا بأس أن تجول يده ، فإن بدأ بالطعام ثم أقيمت الصلاة ابتدأ إلى الصلاة لحديث اللحم ، انتهى كلامه . وكلام بعضهم يخالف ما ذكره في المسألة الأخيرة ، وكراهة عيب الأكل أولى مما تقدم من تحريمه .
والخبر المذكور في الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=243عمرو بن أمية الضمري قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19107رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يحتز من كتف شاة فأكل منها فدعي إلى الصلاة ، فقام وطرح السكين وصلى ولم يتوضأ } . قال
مهنا : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن حديث يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30513لا تقطعوا اللحم بالسكين فإنه من صنيع الأعاجم وانهشوه نهشا فإنه أهنأ وأمرأ } قال ليس بصحيح واحتج بهذا الحديث ، واحتج بعض أصحابنا بهذا النص عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أنه لا بأس به . وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=243عمرو بن أمية خلاف
[ ص: 213 ] هذا وحديث
المغيرة وهذا الخبر
رواه
أبو داود وغيره من رواية
أبي معشر وهو ضعيف عند الأكثر عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة مرفوعا وعده
nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي من مناكير
أبي معشر .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي إن صح فإنما أراد به أن إذا نهشه كان أطيب كالخبر الأول يعني ما رواه
أبو داود وغيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن أمية قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=743كنت آكل مع النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ اللحم من العظم فقال : أدن العظم من فيك فإنه أهنأ وأمرأ } . وهذا الخبر فيه ضعف وانقطاع وكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ورواه أيضا من طريق أخرى ضعيفة بمعناه وكذا رواه
الترمذي .
لكن قال الأصحاب لا بأس بذلك في هذا الحكم وهذا الذي قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي رأيت بعض أصحابنا يقول : لعل كلام
أبي داود يدل عليه وكلام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد لا يخالفه ولم أجد من صرح
بأن النهش منه ليس بأولى ، وقد أخذ الذراع المسمومة فنهش منها نهشة .
واستعماله السكين قضية عين يحتمل أنه لقوة اللحم وصعوبته أو غير ذلك ، ويحتمل أنه ; لبيان الجواز ولا يمنع أن غيره أولى لكن الكراهة لا تظهر ، وفي شرح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم قالوا : ويكره من غير حاجة كذا قال .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي والترمذي في الشمائل والإسناد صحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21281ضفت النبي ذات ليلة فأمر بجنب فشوي قال فأخذ الشفرة فجعل يجز لي بها منه } .
وأما
تقطيع الخبز بالسكين فلم أجد فيه كلاما ويتوجه لا بأس به لحاجة وإلا احتمل أن يكره ; لعدم نقله وفعله شرعا بخلاف اللحم وقد يحتمل أن تركه أولى فقط وهو نظير الأكل على الخوان ، والأكل بالملعقة لغير حاجة ، ويحتمل أنه لا بأس به ; لعدم النهي وما يروى من النهي عن قطع الخبز بالسكين فلا أصل له عن النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=12251ولأحمد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس {
أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بجبنة فجعلوا يضربونها بالعصي فقالوا ضعوا السكين واذكروا اسم الله وكلوا } .