[ ص: 300 ] فصل (
التعامل فيما يختلف الاعتقاد فيه من حلال المال وحرامه كالنجاسات ) .
إذا اكتسب الرجل مالا بوجه مختلف فيه مثل بعض البيوع والإجارات المختلف فيها فهل يجوز لمن اعتقد التحريم أن يعامله بذلك المال ؟ الأشبه أن هذا جائز فيما لم يعلم تحريمه إذ هذه العقود ليست بدون بيع الكفار للخمر وقد جاز لنا معاملتهم بأثمانها للإقرار عليها ، فإقرار المسلم على اجتهاده أو تقليده أجوز ، وذلك أنه إذا اعتقد الجواز واشترى فالمال في حقه معفو عنه ، وكذلك لو انتقل هذا المال إلى غيره بإرث أو هبة أو هدية أو غير ذلك .
وعلى هذا يحمل ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه : لك مهنؤه وعليه مأثمه ، وبذلك أفتيت في المال الموروث ، وكذلك قبول العطاء الموروث إذا كان الميت يعامل المعاملات المختلف فيها ، وكذلك قبول العطاء من السلطان المتأول في بعض مجناه وآخذه المكتسب إذا قبض يبيع تجارة باجتهاد أو تقليد ثم يتبين له التحريم ففيه روايتان بناء على ثبوت الحكم قبل بلوغ الخطاب .
وعلى إعادة من صلى ولم يتوضأ من لحوم الإبل أو صلى في أعطانها ورجحت في هذا كله وجوب الإعادة وعدم التحريم فقد يقال إقرار ما اكتسبه له كأخذه من غيره كما أن إقرار الحاكم لحكم نفسه كإقراره لحكم غيره ونقضه كنقضه إذ لا فرق بين ما يتبين له من فعل نفسه وفعل غيره فيخرج في الجميع روايتان ويشبه هذا من وجه إذا ائتم المأموم بإمام أخل بركن أو فعل مبطلا في مذهب المأموم دون الإمام وأصحابنا منهم من يحكي روايتين ومنهم من يفرق بين ما لم يختلف المذهب فيه .
والصواب الفرق بين ما يسوغ فيه الاجتهاد فإن بناء صلاة المأموم على صلاة الإمام كبناء ملك المشتري على ملك البائع ، هذا كله من كلام الشيخ
تقي الدين رحمه الله قال : ومن ذلك ما استحله الإنسان مما يعتقده غيره
[ ص: 301 ] خبيثا من النجاسات ووقع ذلك في مائع مثل أن يغمس المالكي يده في مائع ولغ فيه كلب ، ثم يضعها في مائع الإنسان ، أو يضع يده الرطبة على فروة مدبوغة ، ثم يضعها في مائع ونحو ذلك بحيث تكون يد الإنسان ، أو ثوبه وإناؤه طاهرا في اعتقاده فيلاقي مائعا لغيره انتهى كلامه والله أعلم .