[ ص: 372 ] فصل ( في
شعور الأنفس بالبسط والقبض وتعليل ذلك وحكمته ) .
قال في الفنون جرى في مجلس مذاكرة فقال قائل : إني لا أجد في نفسي ضيقا وإن قصرت يدي بل طيب النفس كأني صاحب ذخيرة ، فقال رئيس فاضل قد جرب الدهر وحنكته التجارب : هذه صفة إما رجل قد أعدت له الأيام سعادة شعرت نفسه بها لأن في النفوس الشريفة ما يشعر بالأمر قبل كونه ، أو يكون ذلك ثقة بالله لكل حادث لعلمه أنه من عند حكيم لا يضع الشيء إلا في موضعه ، فيستريح من تعب الاعتراض وعذاب التمني قال وبالضد من هذا إذا كان باكيا شاكيا حزينا لا لسبب ، بل نعم الله عليه جمة .
فذلك شعور النفوس بما يئول حاله إليه ، وهذا من جنس الفأل ، والطيرة ، والزجر ، والهاتف ، وذلك كله إنما هو اطلاع الله تعالى للنفوس على عقباها ، ومن ذلك المنامات ، فهذه شواهد الخير ، والشر ، وقديما رأينا المشايخ يقولون لا بد أن يكون مقدمة النحس وزوال السعادة كسوف البال ، وتكاثف الهم وضيق الصدر وتغير الأخلاق قال الله تعالى : {
ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } .
فجعل عنوان تغير النعم تغير النفوس لعادتهم من تنكدها . كذا ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل وليس بمتجه ، ومعنى الآية أن المحرمات قد تكون سببا لزوال النعم ، والله أعلم .