[ ص: 467 ] فصل في المفاضلة بين العزلة والمخالطة واختلف الناس في
الأفضل من الخلطة والعزلة على مذهبين وعن الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رحمه الله عنه في ذلك روايتان : قال : في رواية
أبي الصقر وقد سأله عنها إذا كانت الفتنة فلا بأس أن يعتزلها الرجل حيث شاء فأما ما لم يكن فتنة ، فالأمصار خير .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14078حجاج ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن
nindex.php?page=showalam&ids=17340يحيى بن وثاب عن شيخ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : هو
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15062المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم } كلهم ثقات رواه
الترمذي عن
ابن المثنى عن
ابن أبي عدي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة وقال : قال
ابن أبي عدي : كان
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة يرى أنه
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر .
وقال
الحسن بن محمد بن الحارث : قلت
: لأبي عبد الله : التخلي أعجب إليك ؟ فقال التخلي على علم وقال : يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=118900الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم } ثم قال
أبو عبد الله : رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ثم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=118901من يصبر على أذاهم } .
وقال
إسحاق بن إبراهيم : في الأدب من مسائله عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد قال : قال
أبو سنان : {
وجاءه رجلان فقال : تفرقا فإنكما إذا كنتما جميعا تحدثتما ، وإذا كنتما وحدانا ذكرتما الله تعالى } قال
أبو عبد الله : رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن
أبي سنان .
قال
القاضي أبو الحسين : إنه نقل من الجزء الثالث من الأدب تأليف
المروذي قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أبو عبد الله أحمد بن حنبل : كفى بالعزلة علما ، وإنما الفقيه الذي يخشى الله .
وهي اختيار
nindex.php?page=showalam&ids=12998أبي عبد الله بن بطة .
وقال
أبو الفرج بن الجوزي : وقد كان أكثر
السلف يؤثرون العزلة على الخلطة وقال أيضا : إن من قدر على نفع الناس بماله أو بدنه لقضاء حوائجهم مع القيام بحدود الشرع إنه
[ ص: 468 ] أفضل من العزلة إن كان لا يشتغل في عزلته إلا بنوافل الصلاة والأعمال البدنية ، وإن كان ممن انفتح له طريق عمل بالقلب بدوام ذكر أو فكر فذلك الذي لا يعدل به ألبتة .
وقال أيضا : ليس في الدنيا أطيب من تنزه العالم بالعلم فهو أنيسه وجليسه ، وقد قنع بما يسلم به دينه من المباحات الحاصلة لا عن تكلف ولا عن تضييع دين ، وارتدى بالعزلة عن الذل للدنيا وأهلها ، والتحف بالقناعة باليسير إذا لم يقدر على الكثير فيسلم دينه ودنياه ، واشتغاله بالعلم يدله على الفضائل ويفرجه في البساتين ، فهو يسلم من الشيطان والسلطان والعوام بالعزلة ، ولكن لا يصح هذا إلا للعالم ، فإنه إذا اعتزل الجاهل فاته العلم فتخبط .
وقال أيضا : فإذا عرفت فوائد العزلة وغوائلها تحققت أن الحكم عليها مطلقا خطأ ، بل ينبغي أن ينظر إلى الشخص وحاله وإلى الخلط وحاله وإلى الباعث على مخالطته وإلى الفائت بسبب مخالطته من الفوائد ، ويقاس الفائت بالحاصل فعند ذلك يتبين الحق فقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه : الانقباض عن الناس مكسبة العداوة ، والانبساط لهم مجلبة لقرناء السوء ، فكن بين القبض والبسط ، ومن ذكر سوى هذا فهو قاصر ، وإنما هو إخبار عن حاله فلا يجوز أن يحكم بها على غيره المخالف له في الحال انتهى كلامه .
وقال
أبو زكريا النواوي رحمه الله مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأكثر العلماء على أن الاختلاط أفضل بشرط رجاء السلامة من الفتن ، وقطع به في موضع آخر عن الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وقد صنف
nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي رحمه الله كتابا في العزلة ، وفيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه قال : خالط الناس وزايلهم ودينك لا تكلمنه قال :
nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي يريد خالطهم ببدنك وزايلهم بقلبك ، وليس هذا من باب النفاق ، ولكنه من باب المداراة وقد قال : صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34988مداراة الناس صدقة } وعن
الحسن قال كانوا يقولون : المداراة نصف العقل ، وأنا أقول : هي العقل كله .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12691محمد بن الحنفية قال : ليس بحكيم من لا يعاشر بالمعروف من
[ ص: 469 ] لا يجد من معاشرته بدا حتى يجعل الله فرجا أو قال مخرجا وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=15155المتنبي :
ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى عدوا له ما من صداقته بد
والخبر المرفوع الذي ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي سبق وما يتعلق به في أوائل الكتاب قبل فصول التوبة ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في صحيحه عن جماعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15244المسيب بن واضح عن
nindex.php?page=showalam&ids=17399يوسف بن أسباط عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16920محمد بن المنكدر عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر مرفوعا فذكره ، وهو حديث حسن وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : والمدراة التي تكون صدقة المداري . هو تخلق الإنسان بالأشياء المستحسنة مع من يدفع إلى عشرته ما لم يشبها معصية الله . والمداهنة هي استعمال المرء الخصال التي تستحسن منه في العشرة ، وقد يشوبه ما يكره الله تعالى .
وقال
أبو حفص عمر بن أحمد بن شاهين الواعظ في آخر جزء جمعه في فضائل
nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم : ثنا
يحيى بن صاعد ثنا
محمد بن أحمد بن يزيد المدني ثنا
هارون بن يحيى الحاطبي ثنا
عثمان بن عثمان بن خالد بن الزبير عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي قال : {
التودد نصف الدين }
هارون بن يحيى وعثمان لم أجد لهما ترجمة ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر قول رسول الله : صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34988مداراة الناس صدقة } وقوله : عليه السلام {
أمرني ربي بمداراة الناس ونهاني عن مداجاتهم } .
وقوله : عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19007رأس العقل بعد الإيمان بالله التودد إلى الناس } قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : رضي الله عنه إن مما يصفي لك ود أخيك أن تبدأه بالسلام إذا لقيته وأن تدعوه بأحب الأسماء إليه وأن توسع له في المجلس قال بعض الحكماء : رأس المداراة ترك المماراة ، وفي الحديث المرفوع {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9325إذا أحب الله عبده ألقى عليه محبة الناس } .
أخذه الشاعر :
[ ص: 470 ] وإذا أحب الله يوما عبده ألقى عليه محبة في الناس
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19443ألا أنبئكم بشراركم قالوا : بلى يا رسول الله قال : من لا يقبل عثرة ، ولا يقبل معذرة ، ألا أنبئكم بشر من ذلكم قالوا : بلى يا رسول الله قال : من يبغض الناس ويبغضونه } .
وروي أن
داود عليه السلام جلس كئيبا خاليا فأوحى الله إليه يا
داود ما لي أراك خاليا قال : هجرت الناس فيك قال : أفلا أدلك على شيء تبلغ به رضائي ؟ خالق الناس بأخلاقهم واحتجر الإيمان فيما بيني وبينك قال
أكثم بن صيفي : من شدد نفر ، ومن تراخى تألف ، والسرور في التغافل قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه : شرط الصحبة إقالة العثرة ، ومسامحة العشرة ، والمواساة في العسرة قيل
للعتابي : إنك تلقى الناس كلهم بالبشر قال : دفع ضغينة بأيسر مؤنة ، واكتساب إخوان بأيسر مبذول قال
nindex.php?page=showalam&ids=17049محمود الوراق :
أخو البشر محمود على كل حالة ولم يعدم البغضاء من كان عابسا
ويسرع بخل المرء في هتك عرضه ولم أر مثل الجود للعرض حارسا
وقال آخر :
وكم من أخ لا تحتمل منه علة قطعت ولم يمكنك منه بديل
ومن لم يرد إلا خليلا مهذبا فليس له في العالمين خليل
وقال آخر :
وأحبب إذا أحببت حبا مقاربا فإنك لا تدري متى أنت نازع
وأبغض إذا أبغضت بغضا مقاربا فإنك لا تدري متى أنت راجع
هذا مأخوذ من الحديث وروي مرفوعا وموقوفا وهو في
الترمذي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=562أحبب حبيبك هونا ما ، فعسى أن يكون بغيضك يوما ما ، وأبغض بغيضك هونا ما ، فعسى أن يكون حبيبك يوما ما }
[ ص: 471 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=11876أبو العتاهية :
قل لمن يعجب من حسن رجوعي ومقالي
رب صد بعد ود وهوى بعد تقالي
قد رأينا ذا كثيرا جاريا بين الرجال
قالوا : لا خير في الناس ولا بد من الناس ، وسبق ما يتعلق بهذا بعد فصول الأمر بالمعروف فيما للمسلم على المسلم وفي أوائل الكتاب بعد فصول التوبة ويأتي أيضا في آخر الكتاب ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=40520وسئل أي الناس خير قال رجل يجاهد في سبيل الله ، ثم مؤمن في شعب من الشعاب يتقي ربه ويدع الناس من شره } .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه : الطمع فقر واليأس غنى ، والعزلة راحة من جليس السوء ، وقرين الصدق خير من الوحدة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=4أبو الدرداء : رضي الله عنه نعم صومعة الرجل بيته يصون دينه وعرضه ، وإياكم والأسواق فإنها تلغي وتلهي وقال
مكحول إن كان في الجماعة فضل فإن في العزلة سلامة وقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه خالطوا الناس في معايشكم وزائلوهم بأعمالكم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=4أبو الدرداء كان الناس ورقا لا شوك فيه وهم اليوم شوك لا ورق فيه ، يقال : إن في الإنجيل فيما أنزل الله على
عيسى عليه السلام كن وسطا وامش جانبا وقال بعضهم :
يا حبذا الوحدة من أنيس إذا خشيت من أذى الجليس
وقال
سفيان : ما وجدت من يغفر لي ذنبا ولا يستر علي زلة فرأيت في الهرب من الناس سلامة .
وقيل :
nindex.php?page=showalam&ids=14919للفضيل بن عياض دلني على رجل أجلس إليه قال : تلك ضالة لا توجد وقال بعضهم :
لا تعرفن أحدا فلست بواجد أحدا أضر عليك ممن تعرف
أما نظيرك فهو حاسد نعمة أو دون ذاك فذو سؤال ملحف
أو فوق ذلك حال دون لقائه بواب سوء واليفاع المشرف
nindex.php?page=showalam&ids=13790وللشافعي أو
لمنصور الفقيه . وقيل : إنه تمثيل به :
[ ص: 472 ] ليت السباع لنا كانت مجاورة وليتنا لا نرى ممن نرى أحدا
إن السباع لتهدا في مرابضها والناس ليس بهاد شرهم أبدا
فاهرب بنفسك واستأنس بوحدتها تعش سليما إذا ما كنت منفردا
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11876أبو العتاهية :
يا رب إن الناس لا ينصفونني وإن أنا لم أنصفهم ظلموني
وإن كان لي شيء تصدوا لأخذه وإن جئت أبغي شيئهم منعوني
وإن نالهم بذلي فلا شكر عندهم وإن أنا لم أبذل لهم شتموني
وإن طرقتني نكبة فكهوا بها وإن صحبتني نعمة حسدوني
سأمنع قلبي أن يحن إليهم وأحجب عنهم ناظري وجفوني
وقال آخر :
قد كنت عبدا والهوى مالكي فصرت حرا والهوى خادمي
وصرت بالوحدة مستأنسا من شر أولاد بني آدم
ما في اختلاطي بهم خير ولا ذو الجهل بالأشياء كالعالم
يا عاذلي في تركهم جاهلا عذري منقوشا على خاتمي
وكان على خاتمه منقوش {
وما وجدنا لأكثرهم من عهد } وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : وأنشد الإمام
أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي راوي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري يتوشح لنفسه :
كان في الاجتماع للناس نور فمضى النور وادلهم الظلام
فسد الناس والزمان جميعا فعلى الناس والزمان السلام
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل في الفنون بعد أن ذكر قوله تعالى :
[ ص: 473 ] {
وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم } قال : وكان ذلك ممتنعا من جهة الخلقة والصورة ، وعدما من جهة المنطق والمعرفة ، فوجب أن يكون منصرفا إلى المماثلة في الطباع والأخلاق ، وإذا كان كذلك فاعلم أنك إنما تعاشر البهائم فخذ حذرك قال : ولذلك رأى الحكماء أن السلامة من آفات السباع الضارية أمكن من السلامة من شر الناس انتهى كلامه وقد قيل :
لقاء الناس ليس يفيد شيئا سوى الهذيان من قيل وقال
فأقلل من لقاء الناس إلا لكسب معيشة وصلاح حال
وقيل أيضا :
والله لو كانت الدنيا بأجمعها تبقى علينا ويأتي رزقها رغدا
ما كان من حق حر أن يذل لها فكيف وهي متاع يستحيل غدا
.