[ ص: 199 ] فصل ( في النظر إلى ما يخشى منه الوقوع في الضلال والشبهة )
ويحرم النظر فيما يخشى منه الضلال والوقوع في الشك والشبهة ، ونص الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رحمه الله على المنع من
النظر في كتب أهل الكلام والبدع المضلة وقراءتها وروايتها وقال في رواية
المروذي لست بصاحب كلام فلا أرى الكلام في شيء إلا ما كان في كتاب الله أو حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أو عن التابعين فأما غير ذلك فالكلام فيه غير محمود رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14243الخلال وقال في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12216أحمد بن أصرم لرجل إياك ومجالسة أصحاب الخصومات والكلام وقال في روايته أيضا لرجل لا ينبغي الجدال اتق الله ولا ينبغي أن تنصب نفسك وتشتهر بالكلام لو كان هذا خيرا لتقدمنا فيه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إن جاءك مسترشد فأرشده . رواهما
nindex.php?page=showalam&ids=12176أبو نصر السجزي .
وقال في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=15772حنبل : عليكم بالسنة والحديث وما ينفعكم ، وإياكم والخوض والمراء فإنه لا يفلح من أحب الكلام وقال لي
أبو عبد الله لا تجالسهم ولا تكلم أحدا منهم وقال أيضا وذكر أهل البدع فقال : لا أحب لأحد أن ، يجالسهم ولا يخالطهم ولا يأنس بهم ، وكل من أحب الكلام لم يكن آخر أمره إلا إلى بدعة لأن الكلام لا يدعو إلى خير ، عليكم بالسنن والفقه الذي تنتفعون به ودعوا الجدال وكلام أهل البدع والمراء ، أدركنا الناس وما يعرفون هذا ويجانبون أهل الكلام .
وقال
عبد الله : سمعت أبي يقول كان
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه إذا ثبت عنده خبر قلده وخير خصلة فيه أنه لم يكن يشتهي الكلام إنما كانت همته الفقه وقال في روايته أيضا وكتب إليه رجل يسأله عن مناظرة أهل الكلام ، والجلوس معهم قال والذي كنا نسمع وأدركنا عليه من أدركنا
[ ص: 200 ] من سلفنا من أهل العلم أنهم كانوا يكرهون الكلام والخوض مع أهل الزيغ وإنما الأمر في التسليم والانتهاء إلى ما في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله لا تعدى ذلك .
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في المسند حدثنا
يحيى بن سعيد حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15771حميد بن هلال عن
أبي الدهماء عن
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36568من سمع بالدجال فلينأ عنه ; من سمع بالدجال فلينأ عنه ، فإن الرجل يأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فما يزال به بما معه من الشبه حتى يتبعه } إسناد جيد ورواه
أبو داود من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15771حميد بن هلال . وقال
الزعفراني سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه يقول : ما ناظرت أهل الكلام إلا مرة وأنا أستغفر الله عز وجل من ذلك .
وقال
الربيع سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه يقول : لأن يبتلي الله عز وجل العبد بكل ذنب ما خلا الشرك به خير له من الأهواء .
وقال
ابن عبد الحكم عنه لو علم الناس ما في الأهواء من الكلام لفروا منه كما يفرون من الأسد .
وقال أيضا ما أحد ارتدى بالكلام فأفلح ، وسأله
nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني عن مسألة من علم الكلام فقال له : أين أنت ؟ فقال : في المسجد الجامع في
الفسطاط ، فقال لي : أنت في
تاران . وتاران موضع في
بحر القلزم لا تكاد تسلم منه سفينة ثم ألقى علي مسألة في الفقه فأجبت فيها فأدخل علي شيئا أفسد جوابي ، فأجبت بغير ذلك فأدخل شيئا أفسد جوابي فجعل كلما جئت بشيء ، أفسده ، ثم قال لي : هذا الفقه الذي فيه الكتاب والسنة وأقاويل الناس يدخله مثل هذا فكيف الكلام في رب العالمين الذي الجدال فيه كفر ؟ فتركت الكلام وأقبلت على الفقه .
وقال أيضا : حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد ويحملوا على الإبل ويطاف بهم في القبائل والعشائر ، وينادى عليهم هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام .
وقال
ابن الجوزي رحمة الله عليه إما من عنده أو حكاية عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي [ ص: 201 ] لو أن رجلا أوصى بكتبه من العلم لآخر ، وكان فيها كتب الكلام لم تدخل في الوصية ; لأنه ليس من العلم .
وقال
نوح الجامع : قلت :
nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة فيما أحدث الناس في الكلام من الأعراض والأجسام فقال : مقالات
الفلاسفة ، عليك بطريق
السلف وإياك وكل محدثة .
وقال
عبدوس بن مالك العطار سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12251أبا عبد الله أحمد بن حنبل رضي الله عنه يقول : أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم ، وترك البدع ، وكل بدعة فهي ضلالة ، وترك الخصومات ، والجلوس مع أصحاب الأهواء ، وترك المراء والجدال . والخصومات في الدين إلى أن قال لا تخاصم أحدا ولا تناظره ، ولا تتعلم الجدال فإن الكلام في القدر والرؤية والقرآن وغيرها من السنن مكروه منهي عنه لا يكون صاحبه إن أصاب بكلامه السنة من
أهل السنة حتى يدع الجدال .
وقال
العباس بن غالب الوراق : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=12251لأحمد بن حنبل يا
أبا عبد الله أكون في المجلس ليس فيه من يعرف السنة غيري ، فيتكلم متكلم مبتدع أرد عليه قال : لا تنصب نفسك لهذا ، أخبر بالسنة ولا تخاصم ، فأعدت عليه القول . فقال : ما أراك إلا مخاصما . قال
القاضي أبو الحسين : وجه قول إمامنا قول النبي صلى الله عليه وسلم {
إذا أراد الله بقوم شرا ألقى بينهم الجدل وحزب عنهم العمل } . وقيل
للحسن البصري : تجادل ؟ فقال : لست في شك من ديني .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس : كلما جاء رجل أجدل من رجل تركنا ما نزل به
جبريل على محمد عليه السلام لجدله ، وقال عليه السلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21782عليكم بسنتي } الخبر .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=11908أبو المظفر السمعاني في كتاب الانتصار لأهل الحديث عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه قال : {
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس من أمتي أهل البدع } ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=11908أبو المظفر فيه قيل للإمام
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس رحمه الله : وما البدع قال : أهل البدع الذين يتكلمون في
[ ص: 202 ] أسماء الله تعالى وصفاته وكلامه وعلمه وقدرته ، ولا يسكتون عما سكت عنه الصحابة والتابعون .
وقال
الأوزاعي عليك بآثار من سلف ، وإن رفضك الناس ، وإياك وآراء الرجال ، وإن زخرفوا لك القول ، فليحذر كل مسئول ومناظر من الدخول فيما ينكره عليه غيره . وليجتهد في اتباع السنة واجتناب المحدثات كما أمر . انتهى كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12915أبي الحسين .
وقال رجل
nindex.php?page=showalam&ids=12341لأيوب السختياني أكلمك بكلمة ، قال لا ولا بنصف كلمة .
وقال
الأوزاعي إذا أراد الله عز وجل بقوم شرا فتح عليهم الجدال ، ومنعهم العمل .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : ليس هذا الجدل من الدين بشيء .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه : المراء في العلم يقسي القلوب ويورث الضغائن . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد حدثنا
عبد الله بن نمير ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15694حجاج بن دينار الواسطي عن
أبي غالب عن
أبي أمامة قال : قال رسول الله : صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=118719ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم { ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون } } .
ورواه جماعة منهم
الترمذي ، وقال حسن صحيح قال
ابن معين في
أبي غالب : صالح الحديث ووثقه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وقال
: ابن عدي لا بأس به .
وقال
ابن سعد : منكر الحديث ، وضعفه
nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي ، وقال
أبو حاتم : ليس بقوي ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان لا يحتج به
، وقال
موسى بن هارون الحمال أبو عمران عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : لا تجالس
أصحاب الكلام وإن ذبوا عن السنة ، وقال في رسالته إلى
مسدد : ولا تشاور أحدا من أهل البدع في دينك ، ولا ترافقه في سفرك .
وقال
الترمذي سمعت
أبا عبد الله يقول : من تعاطى الكلام لا يفلح ، ومن تعاطى الكلام لم يخل من أن يتجهم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل في الفنون : قال بعض مشايخنا المحققين إذا كانت مجالس النظر التي تدعون أنكم عقدتموها لاستخراج الحقائق والاطلاع على
[ ص: 203 ] عوائر الشبه وإيضاح الحجج لصحة المعتقد مشحونة بالمحاباة لأرباب المناصب تقربا ، وللعوام تخونا ، وللنظراء تعملا وتجملا ، فهذا في النظر الظاهر ، ثم إذا عولتم بالأفكار فلاح دليل يردكم عن معتقد الأسلاف والإلف والعرف ومذهب المحلة والمنشأ خونتم اللائح ، وأطفأتم مصباح الحق الواضح ، إخلادا إلى ما ألفتم ، فمتى تستجيبون إلى داعية الحق ؟
ومتى يرجى منكم الفلاح في درك البغية من متابعة الأمر ، ومخالفة الهوى والنفس ، والخلاص من الغش ؟ هذا والله هو الإياس من الخير ، والإفلاس من إصابة الحق ، فإنا لله وإنا إليه راجعون من مصيبة عمت العقلاء في أديانهم ، مع كونهم على غاية التحقيق ، وترك المحاباة في أموالهم ، ما ذاك إلا ; لأنهم لم يشموا ريح اليقين ، وإنما هو محض الشك ، ومجرد التخمين . انتهى كلامه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13269ابن شريح : قل ما رأيت من المتفقهة من اشتغل بالكلام فأفلح ، يفوته الفقه ولا يصل إلى معرفة الكلام .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13841الحسن بن علي البربهاري في كتابه شرح السنة : واعلم أنه ليس في السنة قياس ، ولا تضرب لها الأمثال ، ولا يتبع فيها الأهواء ، وهو التصديق بآثار الرسول صلى الله عليه وسلم بلا كيف ولا شرح ، ولا يقال : لم وكيف ؟ فالكلام والخصومة والجدال والمراء محدث يقدح الشك في القلب ، وإن أصاب صاحبه الحق والسنة والحق ، إلى أن قال وإذا سألك رجل عن مسألة في هذا الباب وهو مسترشد فكلمه وأرشده ، وإن جاءك يناظرك فاحذره ، فإن في المناظرة المراء والجدال والمغالبة والخصومة والغضب وقد نهيت عن جميع هذا ، وهو يزيل عن الطريق الحق ولم يبلغنا عن أحد من فقهائنا وعلمائنا أنه جادل أو ناظر أو خاصم وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13841البربهاري المجالسة للمناصحة فتح باب الفائدة ، والمجالسة للمناظرة غلق باب الفائدة . انتهى كلامه .
روى
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال تذكروا الحديث فإن حياته المذاكرة ، وفي شرح خطبة مسلم بالمذاكرة يثبت المحفوظ ويتحرر ،
[ ص: 204 ] ويتأكد ويتقرر ، ويذاكر مثله في الرتبة أو فوقه أو تحته ، ومذاكرة حاذق في الفن ساعة أنفع من المطالعة والحفظ ساعات بل أيام وليتحر الإنصاف ، ويقصد الاستفادة أو الإفادة لا يترفع على صاحبه .
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل في خطبة الإرشاد : وأعتذر عن لوم بعض أهل زماننا بقولهم الاشتغال بغير الأصول والسكوت عنها أحرى فإن هذا قول جاهل بمحل الأصول منحرف عن الصواب وذكر كلاما كثيرا قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد كنا نسكت حتى دفعنا إلى الكلام فتكلمنا .
وقال
ابن الجوزي : قال رجل
nindex.php?page=showalam&ids=13371لابن عقيل ترى لي أن أقرأ علم الكلام ؟ فقال : الدين النصيحة أنت الآن على ما بك مسلم سليم وإن لم تنظر في الجزء وتعرف الصفرة ولا عرفت الخلا والملا والجوهر والعرض وهل يبقى العرض زمانين ؟ وهل القدرة مع الفعل أو قبله ؟ وهل الصفات زائدة على الذات ؟ وهل الاسم عين المسمى أو غيره ؟ وإني أقطع أن الصحابة رضي الله عنهم ماتوا وما عرفوا ذلك ، فإن رأيت طريقة
المتكلمين أجود من طريقة
أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر فبئس الاعتقاد ، وقد أفضى علم الكلام بأربابه إلى الشكوك في كلام طويل . انتهى كلامه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل في الفنون : قول معتزلي لا مسلم إلا من اعتقد وجود الله وصفاته على ما يليق به ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سهل ما قد صعبته فقنع من الناس بدون ذلك ، ويقول للأمة : " أين الله ؟ " فتشير إلى السماء فيقول : " إنها مؤمنة " فتركهم على أصل الإثبات إلى أن قال : إن مذهب
المعتزلة أن من خرج من معتقدهم ليس بمؤمن ، وإن هذا ينعطف على
السلف الصالح بالتكفير ، وإنا نحقق أن
أبا بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر وغيرهما رضي الله عنهم لم يكن إيمانهم على ما اعتقده
أبو علي الجبائي ،
وأبو هاشم فخجل ثم قال : القوم كانوا يعرفون ولا يتكلمون ، فقيل له : القوم كانوا ينهون عن الجدال والجدال شبه
المتكلمين .
[ ص: 205 ]
وقال أيضا في أثناء كلام له يتكلم عن الله عز وجل : اعرفني بما تعرفت ، ولا تطلبني من حيث كتمت واقتطعت ، أنا قطعت بعض مخلوقاتي وعن علمك حيث وقفتك : فلما سألتني عن لطيفة فيك فقلت : ما الروح : فقلت مجيبا لك من أمري ، وقصرت عن علمك وعلم من سألك عنها فقلت {
وما أوتيتم من العلم إلا قليلا } .
قلت لرسولي في الساعة : {
أيان مرساها } .
فكان جواب السائل والمسئول : {
قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو } تجيء بعدها تبحث عني من لم يرضك لإيقافك على بعضك وهو يصفك تبحث عن ذاته وصفاته ، أما كفاك قولي : {
وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان } .
فعرفك نفسك ونفسه عند سؤالك عنه بأنه مجيب لدعوتك ، فإياك أن تطلب ما وراء ذلك ، فإنك لا تجد إلا ما يورثك خبالا ، أتطمع أن تكشف حجابا أرخاه ؟ أو تقف على سر غطاه ؟ علم قصره خالقه عن درك بعض مخلوقاته التي فيك تريد أن تطلع به على كنه باريك ، والله إن موتك أحسن من حياتك .
ثم ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل رحمه الله سؤال
فرعون عليه اللعنة
لموسى عليه السلام عن الله عز وجل ، ومحاجة
نمرود عليه اللعنة
لإبراهيم عليه السلام ، ثم قال : فالرسل صلوات الله وسلامه عليهم محيلون عند السؤال والجدال في تعريفه على أفعاله ، فكيف يجوز أن يصغى إلى قول من يقول : وقفت على
[ ص: 206 ] نعوت ذاته ؟
ومحمد صلى الله عليه وسلم يقول : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29794لا أحصي ثناء عليك فضلا عن أن أحصي نعتك } ، والحق سبحانه وتعالى يقول عن الملائكة عليهم السلام : {
يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما } .
فهل يحسن بعد هذا كله أن تلتفت إلى من قال : إني وقفت على نعوته ؟ إلا أن يريد بها تتلقاه الأمة بالقبول فيعمل عليه على شرط {
ليس كمثله شيء } وتمسك عما لم يرد به نقل ، أو عما ورد به نقل ضعيف .
وقال أيضا في مكان آخر من الفنون : قد رجعت إلى معتقدي في المكتب متبعا للكتاب والسنة ، وأبرأ إلى الله عز وجل من كل قول حدث بعد أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس في القرآن ولا في السنة .
وقال أيضا : كل يوم تموت منك شهوة ولا تحيا منك معرفة ، واعجبا يختلف الناس في ماهية العقل ولا يدرون ، فكيف يقدمون على الكلام في خالق العقل ،
وقال أيضا : قد تكرر من كثير من أهل العلم لا سيما أصحابنا قولهم : مذهب العجائز أسلم فظن قوم أنه كلام جهل ، ولو فطنوا لما قالوا لاستحسنوا وقع الكلمة وإنما هي كلمة صدرت عن علو رتبة في النظر ، حيث انتهوا إلى غاية هي منتهى المدققين في النظر ، فلما لم يشهدوا ما يشفي العقل من التعليلات والتأويلات بالاعتراض في أصل الوضع ، وقفوا مع الجملة التي هي مراسم الشرع ، وجنحوا عن القول بالتعليل ، فإذا سلم المسلمون ، وقفوا مع الامتثال حين عجز أهل التعليل فقد أعطوا الطاعة حقها ، ولقد علل قوم فمنعوا العقل عن الإصغاء إلى ذلك الإذعان بالعجز .
ووجدت في كتاب لولد ولد
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبي يعلى ذكر فيه خلافا في المذهب وكلام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في ذلك قال : والصحيح من المذهب أن علم الكلام مشروع مأمور به ، وتجوز المناظرة فيه والمحاجة لأهل البدع ، ووضع الكتب في الرد عليهم ، وإلى ذلك ذهب أئمة التحقيق القاضي
، والتميمي في جماعة المحققين
[ ص: 207 ] وتمسكوا في ذلك مع استغنائه عن قول يسند إليه بقول الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في رواية
المروذي إذا اشتغل بالصوم والصلاة ، واعتزل ، وسكت عن الكلام في أهل البدع ، فالصوم والصلاة لنفسه ، وإذا تكلم كان له ولغيره يتكلم أفضل .
وقد صنف الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رحمه الله ورضي عنه كتابا في الرد على الزنادقة والقدرية في متشابه القرآن وغيره ، واحتج فيه بدلائل العقول ، وهذا الكتاب رواه ابنه
عبد الله وذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14243الخلال في كتابه ، وما تمسك به الأولون من قول
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد فهو منسوخ قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=15772حنبل : قد كنا نأمر بالسكوت فلما دعينا إلى أمر ما كان بد لنا أن ندفع ذلك ، ونبين من أمره ما ينفي عنه ما قالوه . ثم استدل لذلك بقوله تعالى : {
وجادلهم بالتي هي أحسن } .
وبأنه قد ثبت عن رسله الجدال ، ولأن بعض اختلافهم حق ، وبعضه باطل ولا سبيل إلى التمييز بينهم إلا بالنظر فعلمت صحته .
وقال
ابن طاهر المقدسي الحافظ سمعت الإمام
أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري بهراة يقول : عرضت على السيف خمس مرات ، لا يقال لي : ارجع عن مذهبك ، لكن يقال : لي اسكت عمن خالفك ، فأقول : لا أسكت .
وقال
ابن طاهر وحكى لنا أصحابنا أن السلطان
nindex.php?page=showalam&ids=11791ألب أرسلان حضر
هراة ، وحضر معه وزيره
أبو علي الحسن بن علي ، فاجتمع أئمة الفريقين من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وأصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة للشكاية من
الأنصاري ومطالبته بالمناظرة ، فاستدعاه الوزير فلما حضر قال : إن هؤلاء القوم اجتمعوا لمناظرتك ، فإن يكن الحق معك رجعوا إلى مذهبك ، وإن يكن الحق معهم إما أن ترجع ، وإما أن تسكت عنهم ، فقام
الأنصاري وقال : أنا أناظر على ما في كمي ، فقال : وما في كمك ، فقال : كتاب الله عز وجل ، وأشار إلى
[ ص: 208 ] كمه اليمنى ، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشار إلى كمه اليسرى ، وكان فيه الصحيحان ، فنظر إلى القوم كالمستفهم لهم ، فلم يكن فيهم من يمكنه أن يناظره من هذا الطريق .
قال
ابن طاهر : سمعت
الأنصاري يقول : إذا ذكرت التفسير فإنما أذكره من مائة وسبعة تفاسير قال
ابن طاهر : وجرى وأنا بين يديه كلام ، فقال : أنا أحفظ اثني عشر ألف حديث أسردها سردا ، وقط ما ذكر في مجلسه حديثا إلا بإسناده ، وكان يشير إلى صحته وسقمه ، قال
ابن طاهر سمعت الإمام
أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري ينشد على المنبر
بهراة في يوم مجلسه :
أنا حنبلي ما حييت وإن أمت فوصيتي للناس أن يتحنبلوا
وسمعته ينشد أيضا :
إذا العود لم يثمر ولم يك أصله من الثمرات اعتده الناس في الحطب
وروى
الحافظ عبد القادر الرهاوي في تاريخ المادح والممدوح عن
محمد بن الحسن الصيدلاني عن
nindex.php?page=showalam&ids=16132أبي إسماعيل الأنصاري أنا
أبو يعقوب أنا
أحمد بن حسنويه سمعت
محمد بن عبد الرحمن الشامي سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16023سلمة بن شبيب سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة يقول : تنزل الرحمة عند ذكر الصالحين قيل
لسفيان : عمن هذا ؟ قال : عن العلماء .
وقال في الفنون : ما على الشريعة أضر من
المتكلمين والمتصوفين ، فهؤلاء يفسدون العقول بتوهمات شبهات العقول ، وهؤلاء يفسدون الأعمال ويهدمون قوانين الأديان ، قال وقد خبرت طريق الفريقين غاية هؤلاء الشك ، وغاية هؤلاء الشطح ، والمتكلمون عندي خير من
الصوفية ; لأن
المتكلمين قد يردون الشك ،
والصوفية يوهمون التشبيه والأشكال ، والثقة بالأشخاص ضلال ، ما لله طائفة أجل من قوم حدثوا عنه ، وما أحدثوا وعولوا على ما رووا لا على ما رأوا
[ ص: 209 ] .
قال
ابن حمدان في المفتي والمستفتي : وعلم الكلام المذموم هو أصول الدين إذا تكلم فيه بالمعقول المحض ، أو المخالف للمنقول الصريح الصحيح ، فإن تكلم فيه بالنقل فقط ، أو بالنقل والعقل الموافق له فهو أصول الدين ، وطريقة
أهل السنة ، وكذا قال الشيخ
تقي الدين : لم يذم
السلف والأئمة الكلام لمجرد ما فيه من الاصطلاحات المولدة كلفظ الجوهر والعرض والجسم وغير ذلك ، بل لأن المعاني التي يعبرون عنها بهذه العبارات فيها من الباطل المذموم في الأدلة والأحكام ما يجب النهي عنه لاشتمال هذه الألفاظ على معان مجملة في النفي والإثبات كما قال الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في وصفه لأهل البدع : هم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب ، متفقون على مخالفة الكتاب يتكلمون بالمتشابه من الكلام ، ويلبسون على جهال الناس بما يتكلمون به من المتشابه . فإذا عرفت المعاني التي يقصدونها بأمثال هذه العبارات وزنت بالكتاب والسنة ، بحيث يثبت الحق الذي أثبته الكتاب والسنة ، وينفى الباطل الذي نفاه الكتاب والسنة بخلاف ما سلكه أهل الأهواء من التكلم بهذه الألفاظ نفيا وإثباتا في المسائل ، والوسائل من غير بيان التفصيل والتقسيم ، الذي هو من الصراط المستقيم ، فهذا من مثارات الشبهة .
قال : ويجب على كل أحد الإيمان بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم إيمانا عاما مجملا ، ولا ريب أن معرفة ما جاء به الرسول على التفصيل فرض على الكفاية ، فإنه داخل في التبليغ بما بعث الله عز وجل به رسوله صلى الله عليه وسلم وفي تدبر القرآن وعقله وفهمه وعلم الكتاب والحكمة وحفظ الذكر ، والدعاء إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر انتهى كلامه .
وقال
أبو المعالي الجويني : يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام فلو عرفت أن الكلام يبلغ بي إلى ما بلغ ما اشتغلت به وقال نحو هذا
nindex.php?page=showalam&ids=14592الشهرستاني صاحب المحصول وغيرهما والله سبحانه أعلم .