( تنبيهان ) :
( الأول ) : المعتمد في المذهب كفر الساحر . قال في الإقناع : ويحرم
تعلم السحر وتعليمه وفعله ، وهو عقد ورقى وكلام يتكلم به أو يكتبه أو يعمل شيئا يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له . وله حقيقة ، فمنه ما يقتل وما يمرض ، وما يأخذ الرجل عن زوجته فيمنعه عن وطئها ، أو يعقد المتزوج فلا يطيق وطأها أو يسحره حتى يهيم مع
[ ص: 251 ] الوحش . ومنه ما يفرق بين المرء وزوجته وما يبغض أحدهما إلى الآخر ، ويحبب بين اثنين .
قال ويكفر بتعليمه وفعله ، سواء اعتقد تحريمه أو إباحته ، كالذي يركب الجماد من مكنسة وغيرها فتسير به في الهواء ، ويدعي أن الكواكب تخاطبه ، ويقتل إن كان مسلما ، وكذا من يعتقد حله من المسلمين ، ولا يقتل ساحر ذمي إلا أن يقتل به ، ويكون مما يقتل غالبا فيقتص منه .
فأما الذي
يسحر بأدوية وتدخين وسقي شيء يضر فإنه لا يكفر ولا يقتل ويعزر تعزيرا بليغا دون القتل ، إلا أن يقتل بفعله غالبا فيقتص منه وإلا يكن فعله مما يقتل غالبا فالدية . وأما الذي يعزم على الجن ويزعم أنه يجمعها فتطيعه فلا يكفر ولا يقتل ويعزر تعزيرا بليغا دون القتل ، وكذا الكاهن والعراف . وإطلاق الشارع كفر من أتاهما تشديد .
قال في الإقناع : والكاهن الذي له روي من الجن يأتيه بالأخبار ، والعراف الذي يحدس ويتخرص كالمنجم . ولو
أوهم قوما بطريقته أنه يعلم الغيب فللإمام قتله لسعيه بالفساد . قال شيخ الإسلام : التنجيم كالاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية من السحر . قال : ويحرم إجماعا . والمشعبذ والقائل بزجر الطير ، والضارب بحصى وشعير وقداح .
زاد في الرعاية :
والنظر في ألواح الأكتاف إذا لم يعتقد إباحته وأنه لا يعلم به الغيب عزر ويكف عنه وإلا كفر وحرم طلسم بغير العربي كاسم كوكب ،
وما وضع على نجم من صورة أو غيرها . ولا بأس
بحل السحر بشيء من القرآن والذكر والأقسام والكلام المباح والله أعلم .
( الثاني )
: الذي يحرم من علم النجوم ما ذكرنا مما يدعيه أهلها من معرفة الحوادث الآتية في الزمن المستقبل ، كمجيء المطر ، ووقوع الثلج ، وهبوب الريح ، وتغير الأسعار ، ونحو ذلك ، ويزعمون أنهم يدركون ذلك بسير الكواكب واقترانها وافتراقها وظهورها في بعض الأزمان ، وهذا شيء استأثر الله بعلمه لا يعلمه أحد غيره . وقد بين ذلك في ( مفتاح دار السعادة ) بما يطول ذكره . فأما ما يدرك من طريق المشاهدة من علم النجوم الذي يعرف به الزوال وجهة القبلة وكم مضى وكم بقي فإنه غير داخل في النهي ، بل معرفة ذلك مندوب إليها والله أعلم . .