ورفعك صوتا بالدعاء أو مع الجنازة أو في الحرب حين التشدد ( و ) يكره تنزيها ( رفعك ) أيها الداعي ( صوتا ) وهو الهواء المنضغط .
[ ص: 408 ] قال في مختصر المواقف : في تعريف الصوت أقوال ، الأول أنه تموج الهواء ، والثاني قرع ، والثالث قلع ، والكل باطل ; لأن التموج حركة ، والقرع مماسة ، والقلع تفريق ، وكل من الحركة والمماسة والتفريق مبصر بخلاف الصوت .
قال فالحق أنه بديهي التصور لا احتياج إلى تعريفه ، والتموج والقرع والقلع أسباب له وأنه التبس على من عرفه بها السبب بالمسبب . ثم قال : اعلم أن السبب القريب للصوت أن الهواء يتموج بواسطة القرع العنيف الواقع بين القارع والمقروع ، أو القلع العنيف بين القالع والمقلوع ، ويقع على الجلد الممدود على العصبة التي هي مقعر الصماخ مد الجلد على الطبل فيحصل طنين فتدركه القوة السامعة الحالة في تلك العصبة .
( بالدعاء ) متعلق برفعك مطلقا . نعم يجهر إمام بالدعاء بالقنوت . وقال غير واحد يجهر منفردا نصا ، وقيل ومأموم . وظاهر كلام جماعة الإمام فقط .
والذي جزم به في الإقناع الجهر للإمام والمنفرد . ثم قال : وقياس المذهب يخير المنفرد في الجهر وعدمه كالقراءة . قال
المروذي : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12251أبا عبد الله يقول : ينبغي أن يسر دعاءه لقوله تعالى {
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها } قال هذا في الدعاء ( أو ) أي ويكره رفعك الصوت ( مع الجنازة ) بفتح الجيم وكسرها اسم للميت والسرير ، وقيل للميت بالفتح وللسرير بالكسر ، وقيل بالعكس كما في المطالع . قال في المطلع : وإذا لم يكن الميت على السرير فلا يقال له جنازة ولا نعش وإنما يقال له سرير . قاله
الجوهري .
وقال
الأزهري : لا يسمى جنازة حتى يشد الميت مكفنا عليه . وقال صاحب المجمل : جنزت الشيء إذا سترته ومنه اشتقاق الجنازة . وفي القاموس : الجنازة الميت ويفتح أو بالكسر الميت وبالفتح السرير أو عكسه ، أو بالكسر السرير مع الميت ( أو ) أي ويكره
رفع الصوت بالدعاء ( في الحرب ) للعدو ( حين ) أي وقت ( التشدد ) أي اشتداد القتال .
قال
المروذي : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12251أبا عبد الله رضي الله عنه يقول : وكان يكره أن يرفعوا أصواتهم بالدعاء لا سيما عند شدة الحرب ، وحمل الجنازة والمشي بها .
[ ص: 409 ] قال
شيخ الإسلام : يكره
رفع الصوت مع الجنازة ولو بالقرآن اتفاقا . انتهى .
وحرمه جماعة من الحنفية ، وقال : القائل مع الجنازة استغفروا له ونحوه بدعة عند
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رضي الله عنه . وقيل يسن
للإمام أن يسمع المأموم الدعاء . قدمه
ابن تميم ، وقيل مع قصد تعليمه ، ولا يجب الإنصات له في أصح الوجهين ذكره
ابن تميم وابن حمدان . ولا يكره
الإلحاح بالدعاء بل يستحب للأثر . ودعاء الرغبة ببطن الكف والرهبة بظهره مع قيام السبابة لفعله عليه الصلاة والسلام . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي : تستحب
الإشارة إلى نحو السماء في الدعاء .
قال الإمام
ابن القيم في الكلم الطيب والعمل الصالح : الذكر أفضل من الدعاء ; لأن الذكر ثناء على الله عز وجل بجميل أوصافه وآلائه وأسمائه ، والدعاء سؤال العبد حاجته ، فأين هذا من هذا ، ولهذا في الحديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36619من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين } ولذا كان المستحب في الدعاء أن يبدأ الدعاء بحمد الله والثناء عليه بين يدي حاجته ثم يسأل حاجته كما جاء في عدة أحاديث ، وذكر منها طرفا . منها ما رواه الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد والترمذي وقال حسن صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم في صحيحه عن
nindex.php?page=showalam&ids=16789فضالة بن عبيد رضي الله عنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=5757أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يدعو في صلاته لم يمجد الله ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عجل هذا . ثم دعاه فقال له أو لغيره إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو بعد بما شاء } .
وقوله صلى الله عليه وسلم في دعاء الكرب {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29837لا إله إلا الله الحليم العظيم . لا إله إلا الله رب العرش العظيم . لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض رب العرش الكريم } .
وينبغي
تحري المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم ويمد يديه في حال الدعاء مع الانكسار والخضوع ، والمسكنة والخشوع ، وإظهار الذل وسفك الدموع ، ولا يتكلف السجع في الدعاء ، فإنه يشغل القلب ويذهب الخشوع ، وإن دعا بدعوات محفوظة معه له أو لغيره من غير تكلف سجع فليس بممنوع ، ويخفض صوته بالدعاء ، ويكثر من الاستغفار والتلفظ بالتوبة والتوسل بعظيم
[ ص: 410 ] كرمه جل شأنه ، وتعالى سلطانه ، وليجتنب الاعتداء فيه ، وليكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وتقدمت الإشارة إلى ذلك .