مطلب : في بيان معنى الذمة وبيان أهلها وفي تسمية
اليهود والنصارى والسامرة بهذه الأسماء : ومكروه
استئماننا أهل ذمة لإحراز مال أو لقسمته اشهد ( ومكروه ) شرعا ، وتقدم أن المكروه ما يثاب على تركه ولا يعاقب على فعله ، وأنه منهي عنه شرعا ( استئماننا ) معشر المسلمين أي اتخاذنا أمينا ( أهل ذمة ) أي أحدا منهم ; لأنهم أعداؤنا في الدين فكيف نأمنهم ونركن
[ ص: 14 ] إليهم
، وأهل الذمة هم أهل العقد ، وقال
أبو عبيدة : الذمة الأمان في قولهم : يسعى بذمتهم أدناهم والذمة الضمان ، والعهد أيضا ، والمراد بهم هنا
اليهود والنصارى ، والمجوس إذ لا تعقد الذمة إلا لهم ، فإن
اليهود ومنهم السامرة أهل التوراة ، وواحد
اليهود يهودي ولكنهم حذفوا ياء النسب في الجمع كزنجي وزنج جعلوا الياء فيه كتاء التأنيث في نحو شعيرة وشعير .
وفي تسميتهم بذلك خمسة أقوال :
أحدها قولهم : {
إنا هدنا إليك } .
الثاني : أنهم هادوا من عبادة العجل أي تابوا .
والثالث : أنهم مالوا عن دين الإسلام ودين
موسى .
والرابع : أنهم يتهودون عند قراءة التوراة أي يتحركون ويقولون : السموات والأرض تحركت حين آتى الله
موسى التوراة قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو بن العلاء .
( الخامس ) : نسبتهم إلى
يهوذا بن يعقوب فقيل لهم : يهوذ بالذال المعجمة ، ثم عرب بالمهملة نقله غير واحد كما في المطلع .
وأما
السامرة فهم قبيلة من قبائل
بني إسرائيل إليهم نسب
السامري قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : وهم إلى هذه الغاية في
الشام يعرفون
بالسامريين هكذا نقله
nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده ، وهم في زماننا يسمون
السمرة بوزن الشجرة ، وهم طائفة من
اليهود متشددون في دينهم ، وهم مقيمون بقصبة
نابلس ، لهم دور وأملاك وهذه الطائفة خالفت جميع الملل فزعمت أن
نابلس هي
القدس وهم يصلون إلى الجبل الذي قبلي
نابلس ، ويزعمون أن الصخيرات لها فضل عظيم ويزخرفون من عقولهم السخيفة وضلالاتهم الباطلة أشياء يروجونها على جهالهم .
وأما
النصارى فواحدهم نصران ، والأنثى نصرانة بمعنى نصراني ونصرانية نسبة إلى قرية
بالشام يقال لها
نصران ، ويقال لها
ناصرة ، وهي من أعمال صفد
والنصارى يعظمونها ; لأن سيدنا
عيسى نشأ بها ، والإفرنج فرقة من
النصارى وهم
الروم ويقال لهم
بنو الأصفر قال في المطلع : ولم أر أحدا نص على هذه اللفظية ، والأشبه أنها مولدة ولعل ذلك نسبة إلى
فرنجة بفتح أوله وثانيه وسكون ثالثة ، وهي جزيرة من جزائر البحر والنسبة إليها فرنجي ، ثم حذفت الياء كزنجي وزنج
، فاليهود أهل التوراة
والنصارى أهل الإنجيل .
وأما
المجوس فلهم شبهة كتاب وليسوا من
أهل الكتاب والله أعلم .
فيكره لنا أن نستأمن أحدا منهم لإحراز أبداننا في الطب ، فإنهم أعداؤنا ، ومن كان عدوا لنا فكيف نأمنه على أرواحنا سيما وهم يطلبونا بالثارات القديمة
[ ص: 15 ] ويزعمون أن ما بأيدينا من أملاكهم ، وأنا سلبناهم ملكهم ودولتهم فمن كان بهذه المثابة كيف يؤمن على بدن ، أو غيره ؟ ومن ثم قال
الناظم منبها بالأدنى على الأقل من باب أولى ( ل ) أجل ( إحراز ) أي حفظ ( مال ) من أموال المسلمين ( أو ) أي ومكروه استئماننا لأحد من أهل الذمة ( ل ) أجل ( قسمته ) أي المال ( اشهد ) بذلك واعتقده وإياك ، والعدول عنه .