مطلب :
لا تقتل حيات البيوت حتى تنذر ثلاثا وبيان علة الإنذار : وقتلك حيات البيوت ولم تقل ثلاثا له اذهب سالما غير معتد ( و ) يكره ( قتلك ) أيها المكلف المتشرع ( حيات ) جمع حية ، وهي الناشئة في ( البيوت ) جمع بيت ( و ) الحال أنك قبل قتلك لها ( لم تقل ) أنت ( ثلاثا ) من المرات ( له ) أي لذلك الثعبان وتقدم أن الحية تطلق على الذكر
[ ص: 71 ] والأنثى فالمراد ولم تقل لذلك الفرد من الحيات ( اذهب سالما ) منا فلا نؤذيك ولا تؤذينا ( غير معتد ) أنت علينا وغير معتدين نحن عليك فكل منا ومنك يربح السلامة التي هي غاية المطالب في الدارين وما زاد عنها فربح وفائدة .
وإنما شرع ما ذكر لقوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11681 : إن بالمدينة جنا قد أسلموا ، فإذا رأيتم منها شيئا فآذنوه ثلاثة أيام } وحمل بعض العلماء ذلك على
المدينة .
والصحيح أنه عام في كل بلد لا تقتل حتى تنذر .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك في آخر الموطأ وغيرهما عن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=135 nindex.php?page=showalam&ids=11864أبي السائب مولى هشام بن زهرة أنه دخل على nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري في بيته قال : فوجدته يصلي فجلست لأنتظر فراغه فسمعت حركة تحت سرير في ناحية البيت ، فالتفت ، فإذا حية فوثبت لأقتلها فأشار إلي أن اجلس فجلست ، فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار فقال : أترى هذا البيت ؟ قلت : نعم قال : كان فيه فتى منا حديث عهد بعرس ، فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق ، فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند انتصاف النهار ، ويرجع إلى أهله فاستأذنه يوما فقال صلى الله عليه وسلم : خذ عليك سلاحك فإني أخشى عليك بني قريظة ، فأخذ الرجل سلاحه ، ثم رجع إلى أهله ، فوجد امرأته بين البابين قائمة ، فأهوى إليها بالرمح ليطعنها به وأصابته غيرة فقالت له : اكفف عنك رمحك وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني ، فدخل ، فإذا حية عظيمة مطوقة على الفراش فأهوى إليها برمحه فانتظمها ، ثم خرج به ، فركزه في الدار فاضطربت عليه وخر الفتى ميتا فما ندري أيهما كان أسرع موتا الحية أم الفتى قال : فجئنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرناه بذلك وقلنا : ادع الله أن يحييه فقال : استغفروا الله لصاحبكم ، ثم قال إن بالمدينة جنا قد أسلموا ، فإذا رأيتم منها شيئا فآذنوه ثلاثة أيام ، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه ، فإنما هو شيطان } .
واختلف العلماء في الإنذار هل هو ثلاثة أيام ، أو ثلاث مرات وكلام
الناظم صالح لكل منهما . قال في الآداب الكبرى : يسن أن يقال للحية التي في البيوت ثلاث مرات . وفي المجرد ثلاثة أيام انتهى . ومقتضى الحديث ثلاثة أيام .
قال بعض الشافعية : وعليه الجمهور ، وقال
اليونيني من أئمة
[ ص: 72 ] المذهب في مختصر الآداب : يسن أن يقال للحية في البيوت ثلاث مرات ، ذكره غير واحد ولفظه في الفصول ثلاثا ولفظه في المجرد ثلاثة أيام . وكيفية الاستئذان كما في الآداب الكبرى وغيرها اذهب بسلام لا تؤذنا . وفي حياة الحيوان تقول : أنشدكن بالعهد الذي أخذه عليكن
نوح وسليمان بن داود عليهم السلام أن لا تبدوا لنا ولا تؤذونا .
وفي أسد الغابة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16330عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=10267 : إذا ظهرت الحية في المسكن فقولوا لها : إنا نسألك بعهد نوح صلى الله عليه وسلم وبعهد سليمان عليه السلام لا تؤذينا ، فإن عادت فاقتلوها } ، فإن ذهبت بعد الاستئذان وإلا قتله إن شاء ، وإن رآه ذاهبا كره قتله وقيل لا يكره والله أعلم .