مطلب : من أذهب طيباته في حياته واستمتع بها نقصت درجاته .
( الثالث ) : قال علماؤنا منهم صاحب الإقناع في إقناعه ، والغاية وغيرهما : ومن
أذهب طيباته في حياته الدنيا واستمتع بها نقصت درجاته في الآخرة .
ودليل هذا ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : لقيني
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، وقد ابتعت لحما بدرهم فقال : ما هذا يا
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ؟
[ ص: 118 ] فقال : قلت قرم أهلي فابتعت لهم لحما بدرهم فجعل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر يردد قرم أهلي حتى تمنيت أن الدرهم سقط مني ولم ألق
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قوله قرم أهلي أي اشتدت شهوتهم اللحم .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن
يحيى بن سعيد أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه أدرك
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ومعه حامل لحم فقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : " أما يريد أحدكم أن يطوي بطنه لجاره وابن عمه فأين تذهب عنكم هذه الآية {
أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار مرسلا وموصولا قال
الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب : قال
الحليمي رحمه الله هذا الوعيد من الله تعالى ، وإن كان للكفار الذي يقدمون على الطيبات المحظورة ولذلك قال : {
فاليوم تجزون عذاب الهون } .
فقد يخشى مثله على المنهمكين في الطيبات المباحة ; لأن من تعودها مالت نفسه إلى الدنيا فلم يؤمن أن يرتبك في الشهوات أي يقع وينشب ولا يتخلص منها ، والملاذ كلما أجاب نفسه إلى واحد منها دعته إلى غيرها فيصير إلى أن لا يمكنه عصيان نفسه في هوى قط وينسد باب العبادة دونه ، فإذا آل به الأمر إلى هذا لم يبعد أن يقال له : {
أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون } فلا ينبغي أن تعود النفس بما تميل به إلى الشره ، ثم يصعب تداركها ، ولترض من أول الأمر على السداد ، فإن ذلك أهون من أن تدرب على الفساد ، ثم يجتهد في إعادتها إلى الصلاح والله أعلم .
وقال الإمام العلامة
ابن مفلح في آدابه في قوله تعالى {
ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } : أي من الشكر عن النعيم فيطالب العبد ، فإذا شكر الله على النعيم ، فإن الله تعالى لا يعاقب على ما أباح ، وإنما يعاقب على ترك مأمور وفعل محذور .
قال تعالى : {
ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } الآية ، فأما السؤال عن النعيم فقيل مختص بالكفار ويعذبون على ترك الشكر وقيل عام وتقدم حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما وقول النبي صلى الله عليه وسلم {
والذي نفسي بيده إن هذا هو النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة } ثم قوله {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9430إذا أصبتم مثل هذا فضربتم بأيديكم فقولوا بسم الله ، فإذا [ ص: 119 ] شبعتم فقولوا الحمد لله الذي هو أشبعنا وأنعم علينا فأفضل ، فإن هذا كفاف بهذا } .
قال
ابن مفلح : ثم النعيم هل هو عام ، أو خاص قولان : الظاهر العموم قال الإمام
ابن الجوزي : هو الصحيح فالكافر يسأل توبيخا ، والمؤمن عن الشكر . قال الإمام
النووي : سؤال تعداد النعم وإعلام بالامتنان بها لا سؤال توبيخ ومحاسبة .
( الرابع ) : قال الإمام
ابن الجوزي قدس الله روحه : من تفكر في أقل نعمة علم أن شكرها لا يستوعبها قال : ولو ذكرنا نعمة واحدة لما أحطنا بحواشيها . .