غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : لا يكره لبس السراويل : ولا بأس في لبس السراويل سترة أتم من التأزير فالبسه واقتد ( ولا بأس ) أي لا حرج ولا كراهة ( في لبس السراويل ) جمع سراويلات أو جمع سروال وسروالة أو سرويل بكسرهن .

قال في القاموس : لغة فارسية معرب ، وقد يذكر قال : وليس في الكلام فعويل .

قال : والسراوين بالنون لغة ، والشروال بالشين لغة .

وفي المطلع قال سيبويه : وأما سراويل فشيء واحد وهو أعجمي عرب إلا أنه أشبه من كلامهم ما لا ينصرف في معرفة ولا نكرة .

وحكى الجوهري فيه التذكير والتأنيث وزعم بعضهم أنه ذو وجهين الصرف وتركه .

والصحيح أنه غير مصروف وجها واحدا انتهى .

وقول الناظم ( سترة ) يحتمل النصب على أنه مفعول لأجله أو لفعل محذوف ، ويحتمل الرفع خبرا لمبتدأ محذوف أي هي سترة ( أتم ) في الستر وأكمل فيه ( من التأزير ) أي التغطية .

يقال ائتزر به وتأزر تأزيرا ، ولا تقل اتزر .

وقد جاء في بعض الأحاديث ولعله من تحريف الرواة قاله في القاموس .

قال في الفروع : وتسن السراويل .

وفي التلخيص : لا بأس .

قال الإمام أحمد رضي الله عنه : السراويل أستر من الإزار ، ولباس القوم كان الإزار ، فدل على أنه لا يجمع بينهما ، وهو أظهر خلافا للرعاية .

وقال شيخ الإسلام : الأفضل مع القميص السراويل من غير حاجته إلى الإزار .

وروى الإمام أحمد بسند جيد عن أبي أمامة رضي الله عنه قال { خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على مشيخة من الأنصار فذكر الخبر ، وفيه : فقلنا يا رسول الله إن أهل الكتاب يتسرولون ولا يأتزرون ، فقال تسرولوا [ ص: 240 ] وائتزروا وخالفوا أهل الكتاب } قال في الفروع : حديث حسن . وقول ابن حزم وابن الجوزي ضعيف بمرة فيه نظر .

وفي الآداب الكبرى : سئل الإمام أحمد رضي الله عنه عن لبسه يعني السراويل ، فقال : هو أستر من الأزر ولباس القوم كان الأزر .

قال الناظم : فتعارض فيه دليلان انتهى كلام الناظم .

وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما { أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب بعرفات من لم يجد إزارا فليلبس سراويل للمحرم } وبهذا استدل الإمام أحمد على أنها كانت معروفة عندهم .

قال : وروي عن عمر رضي الله عنه أنه كتب إلى جيشه بأذربيجان إذا قدمتم من غزاتكم إن شاء الله فألقوا السراويلات والأقبية والبسوا الأزر والأردية .

قال الناظم : فدل على كراهيته لها ، وأنها غير زيهم .

وجزم في الإقناع وغيره بسنية لبس السراويل وهو المذهب بلا ريب ، والله أعلم .

مطلب : أول من لبس السراويل .

( تنبيهات ) :

( الأول ) : : أول من لبس السراويل إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ، كان كثير الحياء حتى كان يستحيي من أن ترى الأرض مذاكيره ، فاشتكى إلى الله - تعالى ، فهبط عليه جبريل عليه السلام بخرقة من الجنة ، ففصلها جبريل سراويل ، وقال : ادفعها إلى سارة تخيطه ، وكان اسمها يسارة فلما خاطته ولبسه إبراهيم فقال : ما أحسن هذا وأستره يا جبريل فإنه نعم الستر للمؤمن فكان إبراهيم عليه السلام أول من لبس السراويل ، وأول من فصله جبريل ، وأول من خاطه سارة بعد إدريس عليه السلام .

ذكره في الأنس الجليل عن ابن عباس رضي الله عنهما .

ومراده بقوله بعد إدريس يعني بعد إدريس في مجرد الخياطة ، فإنه أول من خاط .

وأما كون إدريس خاط السراويل فينافي أوليته عن إبراهيم ; ولهذا عبر في الأوائل ، فكانت سارة أول من خاطت من النساء فصار الغزل أفضل الحرف للنساء ، والخياطة للرجال ، كما ورد في الخبر النبوي .

[ ص: 241 ] وقال في الأوائل قال إبراهيم عليه السلام إذا مت فاغسلوني من تحته .

وقال أيضا : أول من فصل وخاط من النساء سارة عليها السلام .

التالي السابق


الخدمات العلمية