مطلب : يكره للغني
لبس رديء الثياب .
( ويكره ) تنزيها لك أيها المتقشف ( مع طول ) يحتمل أن يكون
[ ص: 261 ] بضم الطاء المهملة أي كثرة ( الغنى ) بكسر الغين المعجمة ضد الفقر ، وإذا فتحت الغين مدد به . والغناء كالكساء من الصوت ما طرب به وكسماء رمل كما في القاموس . ويحتمل أن يكون بفتح الطاء وسكون الواو ، وهو الفضل والقدرة والغنى والسعة ، كما في قوله تعالى {
ومن لم يستطع منكم طولا } ويكون معنى كلام
الناظم : وكره مع سعة الغنى الحاصل لك من منة الغني المطلق ( لبسك ) لملبوس ( الرديء ) لعدم إظهارك لأثر نعمه عليك وما بسطه لك من الطول ووسعه لديك .
فإن التواضع ليس هو في اللباس .
كما قد يتوهمه من ليس لديه تحقيق من الناس ، بل التواضع والانكسار ، والذل والافتقار محله القلب بلا إنكار .
ولله در القائل :
أجد الثياب إذا اكتسيت فإنها زين الرجال بها تهاب وتكرم
ودع التواضع في اللباس تحريا فالله يعلم ما تكن وتكتم
فدني ثوبك لا يزيدك زلفة عند الإله وأنت عبد مجرم
وبهاء ثوبك لا يضرك بعدما تخشى الإله وتتقي ما يحرم
قال الإمام المحقق في شرح منازل السائرين : سمعت شيخ الإسلام
ابن تيمية رضي الله عنه يقول : أمر الله - تعالى - بقدر زائد على ستر العورة في الصلاة ، وهو أخذ الزينة فقال {
خذوا زينتكم عند كل مسجد } فعلق الأمر باسم الزينة لا بستر العورة إيذانا بأن العبد ينبغي له أن يلبس زين ثيابه وأجملها في الصلاة .
قال : وكان لبعض
السلف حلة بمبلغ عظيم من المال ، وكان يلبسها وقت الصلاة ويقول : ربي أحق من تجملت له في صلاتي .
ومعلوم أن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده .
لا سيما إذا وقف بين يديه بملابسه ونعمته التي ألبسه إياها ظاهرا وباطنا . انتهى .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : " كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة رواه الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري تعليقا مجزوما به . ورواه أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وصححه . زاد الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد " فإن الله يحب أن يرى نعمته على عبده " .
[ ص: 262 ] وروى
الترمذي هذه الزيادة وحسنها ولفظه " فإن الله يحب أن يرى على عبده أثر نعمته " .
وأخرج الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن
nindex.php?page=showalam&ids=12004أبي رجاء العطاردي قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18400 : خرج علينا nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين وعليه مطرف من خز لم نره عليه قبل ذلك ، ولا بعده ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أنعم الله عليه نعمة فليظهرها ، فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على خلقه } وفي لفظ " على عبده " . قال في الفروع : إسناد جيد . .
وقد روى
أبو داود عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=6748أن مالك ذي يزن أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلة أخذها بثلاثة وثلاثين ناقة فقبلها } .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=11868أبو الشيخ عن
عبد الله بن الحارث قال : {
اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة بسبع وعشرين ناقة فلبسها } . ورواه
ابن سعد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16621علي بن زيد عن
إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بلفظ {
بسبع وعشرين أوقية } . وفي مراسيل
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين {
أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى حلة أو قال ثوبا بتسع وعشرين ناقة } .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14413الزبير بن بكار عن
يزيد بن عياض رحمه الله قال {
أهدى حكيم بن حزام رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم في الهدنة التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش حلة ذي يزن اشتراها بثلاثمائة دينار ، فردها عليه ، وقال : إني لا أقبل هدية مشرك ، فباعها حكيم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من اشتراها له فلبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم } .
وتقدم بعض ذلك .
وأن
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا رضي الله عنه اشترى حلة كان يلبسها إذا قام يصلي من الليل .
وكان حال المصطفى صلى الله عليه وسلم وحال أصحابه الكرام .
وسلف الأمة وأئمة الإسلام ، يكونون بحسب الحال ، لا يمتنعون من موجود " ولا يتكلفون حوز مفقود .
فنسأل الله - تعالى - أن يهدينا طريقهم ، ويلهمنا توفيقهم ، ويرزقنا تحقيقهم إنه ولي الإحسان .
وهو المستعان وعليه التكلان .