مطلب : هل يكفي في التوبة من الغيبة الاستغفار للمغتاب أم لا بد من الاستحلال .
( تنبيه ) : لا خلاف في تحريم الغيبة والنميمة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : اتفقوا على تحريم الغيبة والنميمة في غير النصيحة الواجبة . انتهى ، يعني سوى ما قدمنا ، وهل هما من الكبائر أو من الصغائر ، المعتمد أنهما من الكبائر .
قال في الإنصاف عن
الناظم : وقد قيل صغرى غيبة ونميمة وكلتاهما كبرى على نص
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد فتجب التوبة منهما واستحلال من اغتابه أو بهته أو جبهه بأن واجهه بما يكره أو نم عليه ما لم يترتب على ذلك فتنة فيتوب ويستغفر له وللمغتاب بأن
[ ص: 114 ] يقول اللهم اغفر لي أو لنا وله كما ورد في الحديث .
قال الإمام
ابن القيم في كتابه الكلم الطيب : يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم {
إن من كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته تقول اللهم اغفر لنا وله } ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في الدعوات وقال في إسناده ضعف . قال
ابن القيم : وهذه المسألة فيها قولان للعلماء هما روايتان عن الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وهما
هل يكفي في التوبة من الغيبة الاستغفار للمغتاب أم لا بد من إعلامه وتحلله .
قال والصحيح أنه لا يحتاج إلى إعلامه بل يكفيه الاستغفار له وذكره بمحاسن ما فيه في المواطن التي اغتابه فيها . وهذا اختيار شيخ الإسلام
ابن تيمية وغيره . قال والذين قالوا لا بد من إعلامه جعلوا الغيبة كالحقوق المالية ، والفرق بينهما ظاهر ، فإن في الحقوق المالية ينتفع المظلوم بعود نظير مظلمته إليه ، فإن شاء أخذها وإن شاء تصدق بها .
وأما في الغيبة فلا يمكن ذلك ولا يحصل له بإعلامه إلا عكس مقصد الشارع ، فإنه يوغر صدره ويؤذيه إذا سمع ما رمي به ، ولعله يهيج عداوته ولا يصفو له أبدا . وما كان هذا سبيله فالشارع الحكيم لا يبيحه ولا يجيزه ، فضلا عن أن يوجبه ويأمر به . ومدار الشريعة على تعطيل المفاسد وتقليلها لا على تحصيلها وتكميلها . انتهى . وهو كما ترى في غاية التحقيق والله ولي التوفيق .
( تتمة ) ذكر
القرطبي عن قوم أن الغيبة إنما تكون في الدين لا في الخلقة والحسب ، وأن قوما قالوا عكس هذا ، وأن كلا منهما خلاف الإجماع ، لكن قيد الإجماع في الأول إذا قاله على وجه العيب ، وأنه لا خلاف أن الغيبة من الكبائر . قال في الآداب الكبرى وفي الفصول والمستوعب : أن الغيبة والنميمة من الصغائر . انتهى .
وقد علمت أنهما من الكبائر وجزم بذلك في الإقناع . .