مطلب : يحسن عدم السؤال عما في البيت : ولا تسألن عن ما عهدت وغض عن عوار إذا لم يذمم الشرع ترشد ( ولا تسألن عن ما ) أي عن الشيء الذي ( عهدته من متاع يسير ونفقة قليلة ) فإن التنقيب عن كل كثير وحقير من أخلاق أهل الحرص والشح .

وفي حديث أم زرع " قالت الخامسة : زوجي إن دخل فهد ، وإن خرج أسد ، ولا يسأل عما عهد " قال nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري في قولها إن دخل فهد أي نام وغفل كالفهد لكثرة نومه ، يقال : أنوم من فهد . قال أبو عبيد : تصفه [ ص: 397 ] بكثرة النوم والغفلة على وجه المدح له .

وقولها : وإن خرج أسد تمدحه بالشجاعة أي صار كالأسد ، يقال : أسد الرجل واستأسد إذا صار كذلك . وقولها : ولا يسأل عما عهد ، أي لا يفتش عما رأى في البيت وعرف . قال nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد : لا يتفقد ما ذهب من ماله ، ولا يلتفت إلى معايب البيت وما فيه ، فكأنه ساه عن ذلك . قال القاضي عياض في كتابه شرح حديث أم زرع عن قول nindex.php?page=showalam&ids=12074أبي عبيد ما قال : هذا يقتضي تفسيرين لعهد ، أحدهما عهد قبل فهو يرجع إلى تفقد المال ، والثاني : عهد الآن فهو بمعنى الإغضاء عن المعايب والاحتمال .

وقد ورد مثل هذا عن نبينا صلى الله عليه وسلم في وصف nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه وذم من كان بخلافه ، فروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : { إن الله يبغض الذواق المطلاق الذي أراه لا يأكل ما وجد ، ويسأل عما فقد ، وهو عند أهله كالأسد ، وكان خارجا كالثعلب ، لكن nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=129لفاطمة يأكل ما وجد ، ولا يسأل عما فقد ، وهو عندها كالثعلب ، وخارجا كالأسد } .

قال القاضي عياض : والأولى أن يكون ذكر فهد هذا على معنى الاستعارة ، جعلت كثرة تغافله كالنوم ، والله أعلم . ولا سيما وقد وصف الفهد بالحياء وقلة الشره ، وهذه كلها خلق مدح وهي راجعة إلى ما أشار إليه nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد . ومما يبينه قولها ، ولا يسأل عما عهد .

وتلمح الناظم رحمه الله هذا المعنى مع أمثاله وأضعافه من كلام النبوة والعلماء .