مطلب : في أن
السكنى فوق الطريق موجبة للتهمة : وسكنى الفتى في غرفة فوق سكة تئول إلى تهمى البري المشدد ( وسكنى الفتى ) يعني إذا سكن الرجل ( في غرفة ) بضم الغين المعجمة وسكون الراء العلية جمعها غرفات بضمتين وبفتح الراء وسكونها ، وغرف كصرد حال كون الغرفة ( فوق سكة ) أي طريق ( تئول ) أي ترجع سكناه كذلك ( إلى تهمى ) وسوء ظن الناس فيه . وقد قال عليه الصلاة والسلام {
رحم الله امرأ جب الغيبة عن نفسه } .
وفي حديث {
من وقف مواقف التهم فلا يلومن من أساء الظن فيه } وذلك أن مواقف التهم تئول إلى تهمى ( البري ) من العيب ، النزه من قاذورات الذنوب ، المتحفظ في أمر دينه ( المشدد ) على نفسه في صونها عن الاسترسال في أعراض الناس والتطلع على عوراتهم ، والمضيق على بصره من الطموح ولسانه من البذاذة ، الصائن لكل جوارحه .
فإذا كان هذا اتهام البري الذي بهذه المثابة فكيف بحال غيره . فالأولى والأحرى للعاقل أن لا يفعل ذلك ولا يسكن مكانا مشرفا على حرم المسلمين .
ويحتمل إرادة الناظم أن سكنى الفتى في مثل هذا المكان يئول إلى تهمى أهله لكثرة من يسلك الطريق ، فربما رأى زوجته بعض الناس فتشبب بها أو وصفها لآخر فيوهم بوصفه إياها اطلاعه عليها . فعلى كل حال الأولى حسم مثل هذه المادة . وهذا من باب سد الذرائع والله تعالى أعلم .