مطلب : في
التهجد وما ورد في فضله .
( وخذ ) أيها الأخ الصادق ، والخل الموافق ( بنصيب ) وافر ، وسهم صالح غير قاصر ( في الدجى ) أي في الظلام . قال في القاموس : دجا الليل دجوا ودجوا أظلم كأدجى وتدجى وادجوجى ، وليلة داجية ، ودياجي الليل حنادسه كأنها جمع ديجاة انتهى ( من تهجد ) لقوله تعالى : {
ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا } يقال : هجد وتهجد أي نام وسهر فهو من الأضداد يطلق على النوم وضده ، ولا يخفى أن مراد الناظم روح الله روحه الأخذ بنصيب من صلاة الليل ، والمتهجد المصلي بالليل . قال علماؤنا : التهجد لا يكون إلا بعد النوم . والناشئة لا تكون إلا بعد رقدة ، وصلاة الليل أعم من ذلك ، فهي ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر ، وهي سنة مرغب فيها ، وأفضل من صلاة النهار ، قد وردت بها الأخبار ، وتظافرت بالحث عليها الآثار وأفضل الليل نصفه الأخير ، وأفضله ثلثه الأول ، وهذا معنى قولهم أفضل الليل الثلث بعد النصف كما هو نص الإمام رضي الله عنه .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ،
وأبو داود ،
والترمذي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة في صحيحه عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1368أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل } .
وروى الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني بإسناد حسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم ، وقال صحيح على شرطهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11973في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، فقال أبو مالك الأشعري : لمن هي يا رسول الله ؟ قال : لمن أطاب الكلام ، وأطعم الطعام ، وبات قائما والناس نيام }
[ ص: 497 ] وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام عند
الترمذي وصححه
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين أنه أول ما سمع من كلامه صلى الله عليه وسلم أن قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1326أيها الناس أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلوا الأرحام ، وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام } ، .
وفي الصحيحين وغيرهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=553أحب الصلاة إلى الله صلاة داود ، وأحب الصيام إلى الله صيام داود ، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه ، ويصوم يوما ويفطر يوما } .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21783عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين من قبلكم ، وقربة إلى ربكم ، ومكفرة للسيئات ، ومنهاة عن الإثم } رواه
الترمذي في كتاب الدعاء من جامعه
nindex.php?page=showalam&ids=12455وابن أبي الدنيا في التهجد
nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة في صحيحه
nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم كلهم من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16442عبد الله بن صالح كاتب
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم : على شرط
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري . قلت : وكاتب
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث مختلف فيه ، كان
ابن معين يوثقه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي ليس بثقة . وقال
أبو حاتم : سمعت
ابن معين يقول : أقل أحواله أن يكون قرأ هذه الكتب على
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث وأجازها له . قال : وسمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل يقول : كان أول أمره متماسكا ثم فسد بآخره . وقال
عبد الملك بن شعيب : ثقة مأمون . وقال
أبو حاتم : صدوق أمين ما علمت ، وقال
ابن عدي : هو عندي مستقيم الحديث إلا أنه يقع في أسانيده ومتونه غلط ولا يعتمد ، وقد روى عنه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه ، والله أعلم .
وعن
سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21783عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم ، ومقربة لكم إلى ربكم ، ومكفرة للسيئات ، ومنهاة عن الإثم ، ومطردة للداء عن الجسد } رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير ،
والترمذي في الدعوات من جامعه .
ففي هذا الحديث أن قيام الليل يوجب صحة الجسد ويطرد عنه الداء .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه : فضل صلاة الليل على صلاة النهار
[ ص: 498 ] كفضل صدقة السر على صدقة العلانية . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني عنه مرفوعا . قال الحافظ
ابن رجب : والمحفوظ وقفه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص رضي الله عنه : ركعة بالليل خير من عشر ركعات بالنهار أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا .
وإنما فضلت صلاة الليل على صلاة النهار ; لأنها أبلغ في الإسرار وأقرب إلى الإخلاص . وقد كان
السلف الصالح يجتهدون على إخفاء أسرارهم .
قال
الحسن : كان الرجل تكون عنده زواره فيقوم من الليل فيصلي لا يعلم به زواره . وكانوا يجتهدون في الدعاء ولا يسمع لهم صوت . وكان الرجل ينام مع امرأته على وسادة فيبكي طول ليله وهي لا تشعر ; ولأن صلاة الليل أشق على النفوس ، فإن الليل محل النوم والراحة من التعب بالنهار . فترك النوم مع ميل النفس إليه مجاهدة عظيمة .
قال بعضهم : أفضل الأعمال ما أكرهت عليه النفوس . ولأن القراءة في صلاة الليل أقرب إلى التدبر لقطع الشواغل عن القلب بالليل فيحضر القلب ويتواطأ هو واللسان على الفهم كما قال تعالى : {
إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا } ولهذا المعنى أمر بترتيل القرآن في قيام الليل ترتيلا .
ولهذا كانت صلاة الليل منهاة عن الإثم كما مر في حديث
الترمذي وغيره .
وفي المسند عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=3951أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له إن فلانا يصلي من الليل فإذا أصبح سرق ، فقال ستنهاه صلاته وما يقول } ولأن وقت التهجد من الليل أفضل أوقات التطوع بالصلاة وأقرب ما يكون العبد من ربه ، وهو وقت فتح أبواب السماء واستجابة الدعاء واستعراض حوائج السائلين .