ثم ذكر بعض مزايا القناعة عودا على بدء فقال :
مطلب :
من لم يقنعه الكفاف لا سبيل إلى رضاه : فمن لم يقنعه الكفاف فما إلى رضاه سبيل فاقتنع وتقصد ( فمن ) أي فالإنسان الذي ( لم يقنعه ) ويكفه ( الكفاف ) وهو الذي لم يزد عن قدر الحاجة وكف عن المسألة .
وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه : وددت أني سلمت من الخلافة كفافا لا علي ولا لي . قال في النهاية : الكفاف هو الذي لا يفضل من الشيء ويكون بقدر الحاجة إليه ، انتهى .
وفي شعر
مجنون ليلى قيس بن الملوح :
وددت على حب الحياة لو أنه
يزاد لها في عمرها من حياتيا على أنني راض بأن أحمل الهوى
وأخلص منه لا علي ولا ليا
وفي بعض الدواوين :
فليتكم لم تعرفوني وليتني خلصت كفافا لا علي ولا ليا
وفيه الشاهد ، فإذا الإنسان لم يقنع بقدر حاجته من الدنيا ( فما ) نافية حجازية ( إلى رضاه ) متعلق بمحذوف خبرها مقدم و ( سبيل ) اسمها مؤخر والجملة محلها الجزم جواب من . والمعنى ليس طريق ولا سبب ينتهي إلى
[ ص: 540 ] رضا هذا الشره ، لأن طالب الدنيا كشارب ماء البحر ، فكلما ازداد شربا ازداد عطشا وظمأ فلا يتصور رضاه بطريق ما .
وفي الحديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33665لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى لهما ثالثا ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب } متفق عليه .
ورواه الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد والشيخان أيضا عن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس رضي الله عنهم بلفظ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33665لو كان لابن آدم واد من مال لابتغى إليه ثانيا ، ولو كان له واديان لابتغى لهما ثالثا ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب } وظاهر صنيع
السيوطي أنه متواتر والله الموفق .
وفي رواية عند الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رضي الله عنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33665لو كان لابن آدم واد من نخل لتمنى مثله ثم تمنى مثله حتى يتمنى أودية ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب } ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه ( فاقتنع ) افتعل مثل اكتسب واحتصد واغترب ، أي اطلب القناعة واعتمد عليها .
( وتقصد ) معطوف على اقتنع ، والقصد مثل التزهد مشتق من القصد وهو استقامة الطريق والاعتماد وضد الإفراط وهو المراد هنا كالاقتصاد ، ورجل ليس بالجسيم ولا بالضئيل كالمقصد . وفي صفته صلى الله عليه وسلم كان أبيض مقصدا ، وهو الذي ليس بطويل ولا قصير ولا جسيم كأن خلقه نحى به القصد من الأمور . والمعتدل الذي لا يميل إلى حد طرفي التفريط والإفراط .