مطلب : تقبل التوبة ما لم يعاين التائب ملك الموت .
( الثالث ) : تقبل
التوبة ما لم يعاين التائب ملك الموت ، وقيل ما دام مكلفا . كذا في الرعاية والآداب ، وقيل ما لم يغرغر ; لأن الروح تفارق القلب قبل الغرغرة فلا يبقى له نية ولا قصد صحيح . فإن جرح جرحا موحيا صحت ، والمراد مع ثبات عقله لصحة وصية
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي رضي الله عنهما واعتبار كلامهما . وفي الكافي : تصح
وصية من لم يعاين الموت وإلا لم تصح .
قال : لأنه لا قول له والوصية قول . قلت : وبهذا ونحوه يظهر لك ما أفتيت به سنة أربعة وأربعين ومائة وألف وقد طبق الطاعون المملكة الشامية بل والمصرية والرومية وغيرها حتى لم يسلم منه إلا القليل ، فرفع إلينا سؤال وهو أنه
يصدر عن بعض المحتضرين كلمات غير مستقيمة بحيث لو صدرت من الصحيح قضي بردته فكيف تقول فيمن صدر منه هذا في مثل هذه الحالة أمرتد هو أو لا ؟ فأفتيت بأن المحتضر إذا وصل إلى حالة تمنع قبول التوبة من العاصي ، والإسلام من الكافر ، فصدر منه كلمة تخرج عن دين الإسلام لم يخرج بها عن الإسلام ولا يؤاخذ بها ; لأنه غير معتد بأقواله
[ ص: 587 ] وأفعاله ، ولو اعتد بأقواله لقبل إسلامه مع تشوف الشارع إلى قبوله .
ومن المحال أن يكون الإنسان في حالة يؤاخذ بها بالكفر ولا يقبل منه فيها الإسلام مع تشوف الشارع إلى الإسلام وحرصه عليه . ولم أر من صرح بهذا غير أنه ظاهر لا غبار عليه والله أعلم .
وقبول التوبة تفضل من الله تعالى غير واجب عليه جل وعلا ، وتحبط المعاصي بها ، والكفر بالإسلام ، والطاعة بالردة المتصلة بالموت ، ولا تحبط طاعة بمعصية غير الردة المذكورة .
وذكر
ابن الجوزي وغيره وجزم به في الإقناع وغيره أن
المن والأذى يبطل الصدقة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل : لا تحبط طاعة بمعصية إلا ما ورد في الأحاديث الصحيحة ، فيتوقف الإحباط على الموضع الذي ورد فيه ولا يقاس عليه .
وقال شيخ الإسلام
ابن تيمية : الكبيرة الواحدة لا تحبط جميع الحسنات . ولكن قد تحبط ما يقابلها عند أكثر
أهل السنة ، واختاره أيضا في مكان آخر لما دلت عليه النصوص واحتج بإبطال الصدقة بالمن والأذى .
وقال في مكان آخر : كفارة الشرك التوحيد ، والحسنات يذهبن السيئات ، والله الموفق .