قال
الناظم : إباحته لا كرهه وأباحه إمام
أبو يعلى مع الكره فانشد
( إباحته ) أي الغناء ( لا كرهه ) أي من غير كراهة . قال في الإنصاف : وقيل يباح الغناء والنوح ، اختاره
nindex.php?page=showalam&ids=14242الخلال وصاحبه
أبو بكر ، وكذا استماعه . وقد نقل
إبراهيم بن عبد الله القلانسي أن الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رضي الله عنه قال عن
الصوفية : لا أعلم أقواما أفضل منهم ، قيل إنهم يستمعون ويتواجدون ، قال دعوهم يفرحون مع الله ساعة ، قيل فمنهم من يموت ومنهم من يغشى عليه ، فقال {
وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون } ذكره الإمام العلامة في الفروع .
قال ولعل مراد الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد سماع القرآن ، وعذرهم الوارد كما عذر
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى القطان في الغشي ، كما سنذكره في آداب القرآن . قال في الفروع : وقد قال الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رضي الله عنه
لإسماعيل بن إسحاق الثقفي ، وقد سمع عنده كلام
الحارث المحاسبي ورأى أصحابه : ما أعلم أني رأيت مثلهم ولا سمعت في علم الحقائق مثل كلام هذا الرجل ولا أرى لك صحبتهم ، وقد نهى عن كتابة كلام
nindex.php?page=showalam&ids=17158منصور بن عمار والاستماع للقاص به .
قال
أبو الحسين لئلا يلهو به عن الكتاب والسنة لا غير . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=22763عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها أنها زوجت يتيمة رجلا من الأنصار وكانت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة فيمن أهداها إلى زوجها ، قال فلما رجعنا قال لنا [ ص: 157 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قلتم يا nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ؟ فقالت سلمنا ودعونا البركة ثم انصرفنا ، قال : إن الأنصار قوم فيهم غزل ألا قلتم يا nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أتيناكم أتيناكم ، فحيانا وحياكم . زاد في رواية : ولولا الذهب الأحمر ، لما حلت بواديكم ، ولولا الحبة السوداء لما سرت عذاريكم } وذكره علماؤنا . وذكره
القشيري في الرسالة . وذكر أيضا بإسناده {
أن رجلا أنشد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال شعرا :
أقبلت فلاح لها
عارضان كالسبج أدبرت فقلت لها
والفؤاد في وهج هل علي ويحكم
إن عشقت من حرج
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم . لا حرج } كذا قال .
قلت ذكر الحديث الإمام الحافظ
ابن الجوزي في الموضوعات ولفظه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما {
أن النبي صلى الله عليه وسلم مر nindex.php?page=showalam&ids=144بحسان بن ثابت وقد رش فناء أطمه وجلس أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سماطين وجارية له يقال لها سيرين معها مزهرها تختلف به بين القوم وهي تغنيهم ، فلما مر النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم ولم ينههم ، انتهى إليها وهي تقول في غناها :
هل علي ويحكم إن زهوت من حرج
فتبسم صلى الله عليه وسلم وقال لا حرج إن شاء الله } . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : تفرد به
حسين بن عبد الله ، وتفرد به
أبو أويس عن
nindex.php?page=showalam&ids=17حسين وكلاهما متروك وقد حكم عليه
ابن الجوزي وغيره بالوضع ، والله أعلم .
ولأن الغناء إنما هو عبارة عن الأصوات الحسنة والنغمات المطربة يصدر عنها كلام موزون مفهوم . فالوصف الأعم فيه إنما هو الصوت الحسن والنغمة الطيبة ، وهو مقسوم إلى قسمين :
مفهوم كالأشعار . وغير مفهوم كأصوات الجمادات وهي المزامير كالشبابة والأوتار ، والثاني لا شك في حرمته على المذهب المعتمد ، والأول لا تظهر حرمته لأنه صوت طيب بشعر موزون مفهوم ، وقد صحت الأخبار وتواترت الآثار ، بإنشاد الأشعار ، بين يدي النبي المختار صلى الله عليه وسلم ما تعاقب الليل والنهار ، والله الموفق .
[ ص: 158 ] وأباحه ) أي الغناء ( الإمام ) المتقن والهمام المتفنن ، أوحد المجتهدين وقدوة العلماء الراسخين ، حامل لواء المذهب ومقرب المأرب الإمام
أبو يعلى محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أحمد بن الفراء القاضي السعيد ، علامة زمانه ، وفريد عصره وأوانه ، ونسيج وحده ، ووحيد دهره ، صاحب المعالي والمفاخر ذو القدم الراسخ ، والبحر الزاخر ، وأصحاب الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رضي الله عنه له يتبعون ولتصانيفه يدرسون ، وبأقواله يقتدون ، وكانت دولته مبسوطة ، وأحواله مضبوطة ، وعلماء المذاهب يجتمعون إليه ، ويعولون في جميع شؤونهم عليه ، ولمقالته يستمعون ، وبحسن عبارته ينتفعون ، وقد علم له من الحال ، ما يغني عن المقال ، ولا سيما مذهب إمامنا الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أبي عبد الله أحمد بن حنبل رضي الله عنه ، واختلاف الروايات عنه ، وما صح لديه منه ، مع معرفته بالقرآن وعلومه ، والحديث ومنطوقه ومفهومه ، وتحليه بالورع والصيانة ، والتعفف والديانة ، والزهد والقناعة والتذلل والضراعة . صحب
ابن حامد إلى أن توفي
ابن حامد سنة ثلاث وأربعمائة ، وتفقه عليه وبرع في ذلك . ولد القاضي السعيد رضي الله عنه لتسع وعشرين أو ثمان وعشرين ليلة خلت من المحرم سنة ثمانين وثلاثمائة وتوفي ليلة الاثنين بين العشاءين تاسعة عشر رمضان سنة ثمان وخمسين وأربعمائة ، وصلى عليه ولده
أبو القاسم يوم الاثنين بجامع المنصور . ودفن في مقبرة الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رضي الله عنه . ومن أصحابه
أبو الخطاب الكلوذاني nindex.php?page=showalam&ids=13371وابن عقيل . وولد صاحب الترجمة القاضي
nindex.php?page=showalam&ids=12838أبو يعلى الصغير وجموع .
فأباح القاضي رضي الله عنه الغناء واستماعه ( مع الكره ) أي مع الكراهة ( فانشد ) للغناء ولا تقل هو حرام على رأي هذا الإمام بل غاية أمره أن يكون مكروها كراهة تنزيه ، وهذا المذهب . قال في الإقناع والمنتهى والغاية وغيرها : ويكره الغناء واستماعه بلا آلة لهو ويحرم معها قال في الإنصاف : قال في الرعاية : ويكره سماع الغناء والنوح بلا آلة لهو ، ويحرم معها ، وقيل وبدونها من رجل وامرأة . وقيل يباح ما لم يكن معه منكر آخر وإن داومه أو اتخذه صناعة يقصد له ، أو اتخذ غلاما أو جارية مغنيين يجمع عليهما الناس ردت شهادته .
فقد علمت أن
[ ص: 159 ] المسألة ذات ثلاثة أقوال . المذهب المعتمد الإباحة مع الكراهة ، وقيل يحرم ، وقيل يباح بلا كراهة .