مطلب : في بيان الشعر المباح : ولا بأس بالشعر المباح وحفظه وصنعته من رد ذلك يعتدي ( لا بأس ) أي لا حرج ولا كراهة ( ب ) إنشاد ( الشعر ) وهو كلام مقفى موزون ( المباح ) الذي سلم من هجاء المسلمين ، ومن وصف خمرة أو أمرد وكذا امرأة أجنبية معينة كما يأتي في كلامه رحمه الله .
قال في الفروع : الشعر كالكلام سأله
أبو منصور ، أي سأل الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رضي الله عنه
ما يكره منه يعني الشعر ؟ قال الهجاء والرقيق الذي يشبب بالنساء ، وأما الكلام الجاهلي فما أنفعه .
وسأله عن الخبر {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29603لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير من أن يمتلئ شعرا } فتلكأ فذكر له قول
النضر : لم تمتلئ أجوافنا لأن فيها القرآن وغيره ، وهذا كان في الجاهلية فأما اليوم فلا ، فاستحسن ذلك . واختار جماعة قول
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبي عبيد أن يغلب عليه وهو أظهر .
قال وإن أفرط شاعر بالمدحة بإعطائه وعكسه بعكسه ، أو شبب بمدح خمر أو بمرد وفيه احتمال ، أو بامرأة معينة محرمة فسق لا إن شبب بامرأته أو أمته ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي .
قال في الإقناع : الشعر كالكلام حسنه حسن وقبيحه قبيح ، ولا بأس
باستماع الشعر المباح ، ولا بأس ب ( حفظه ) أي الشعر المباح لعدم ما يدل على كراهة شيء من ذلك ( و ) لا بأس ب ( صنعته ) أي إنشائه ونظمه واتخاذه صنعة والاشتغال به حيث لم يله عن واجب ( من رد ذلك ) أي إباحة الشعر إنشادا واستماعا وحفظا وأنشأ ( يعتدي ) برده لشيء من ذلك لأنه إنما رده لمجرد رأيه لا لدليل شرعي بل الدليل الشرعي في إباحة ذلك لا رده . فقد سمع المختار شعر صحابه
وتشبيبهم من غير تعيين خرد ( فقد سمع المختار ) . من خلق الله والصفوة من رسل الله نبينا
أبو القاسم محمد صلى الله عليه وسلم ( شعر صحابه ) رضوان الله عليهم ( و ) سمع صلوات الله وسلامه عليه ( تشبيبهم ) بالنساء ( من غير تعيين خرد ) جمع خريدة وهي المرأة الخفور ، الطويلة السكوت ، الخافضة الصوت ، المستترة وقيل البكر التي لم تمسس .
[ ص: 181 ] قال الإمام
ابن هشام في صدر شرح بانت سعاد : التشبيب عند المحققين من أهل الأدب جنس يجمع أربعة أنواع :
أحدها : ذكر ما في المحبوب من الصفات الحسية والمعنوية كحمرة الخد ورشاقة القد وكالجلالة والخفر .
والثاني : ذكر ما في المحب من الصفات أيضا كالنحول والذبول والحزن والشغف .
والثالث : ذكر ما يتعلق بهما من هجر ووصل وشكوى واعتذار ووفاء وإخلاف .
( والرابع ) : ما يتعلق أمرهما بسببها كالوشاة والرقباء ويسمى النوع الأول من الأنواع الأربعة تشبيبا أيضا . وفي قول
الناظم رحمه الله تعالى : فقد سمع المختار شعر صحابه وتشبيبهم ، إشارة إلى عدم حرمة التشبيب . ولما خشي توهم إطلاق الإباحة دفع ذلك التوهم بقوله من غير تعيين خرد بخلاف ما إذا كان يتشبب بمعينة محرمة فإنه لا يجوز كاستماعه .