المسألة الخامسة :
قوله تعالى : " لعلكم تتقون " : فيه ثلاثة أقوال الأول : لعلكم تتقون ما حرم عليكم فعله .
الثاني : لعلكم تضعفون فتتقون ; فإنه كلما قل الأكل ضعفت الشهوة ، وكلما ضعفت الشهوة قلت المعاصي .
الثالث : لعلكم تتقون ما فعل من كان قبلكم .
روي أن
النصارى بدلته إلى الزمان المعتدل ، وزادت فيه كفارة عشرة أيام ; وكلها صحيحة ، ومرادة بالآية ، إلا أن الأول [ حقيقة ، والثاني مجاز حسن ، والأول والثاني معصية ] ، والثالث كفر .
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم عن
صيام يوم الشك على معنى الاحتياط للعبادة ; وذلك لأن العبادة إنما يحتاط لها إذا وجبت ، وقبل ألا تجب لا احتياط شرعا ، وإنما تكون بدعة ومكروها .
وقد قال صلى الله عليه وسلم منبها على ذلك : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30489لا تقدموا الشهر بيوم ولا بيومين خوفا أن يقول القائل : أتلقى رمضان بالعبادة } .
وقد رويت عنه صلى الله عليه وسلم فيه عدم الزيادة فقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9675إذا [ ص: 109 ] انتصف شعبان فلا يصم أحد حتى يدخل رمضان } .
وقد شنع أهل الجهالة بأن يقولوا نشيع رمضان ; ولا تتلقى العبادة ولا تشيع ، إنما تحفظ في نفسها وتحرس من زيادة فيها أو نقصان منها .
ولذلك كره علماء الدين أن تصام الأيام الستة التي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيها : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36654من صام رمضان وستا من شوال ، فكأنما صام الدهر كله } متصلة برمضان مخافة أن يعتقد أهل الجهالة أنها من رمضان ، ورأوا أن صومها من ذي القعدة إلى شعبان أفضل ; لأن المقصود منها حاصل بتضعيف الحسنة بعشرة أمثالها متى فعلت ; بل صومها في الأشهر الحرم وفي شعبان أفضل ، ومن اعتقد أن صومها مخصوص بثاني يوم العيد فهو مبتدع سالك سنن
أهل الكتاب في الزيادات ، داخل في وعيد الشرع حيث قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=32167لتركبن سنن من كان قبلكم } الحديث .