المسألة السابعة :
مقامات الغيب الخمسة التي لا يعلمها إلا الله لا أمارة عليها ، ولا علامة عليها ، إلا ما أخبر به الصادق المجتبى لاطلاع الغيب من أمارات الساعة ، والأربعة سواها لا أمارة عليها ; فكل من قال : إنه ينزل الغيث غدا فهو كافر ، أخبر عنه بأمارات ادعاها ، أو بقول مطلق . ومن قال : إنه يعلم ما في الرحم فهو كافر ; فأما الأمارة على هذا فتختلف ; فمنها كفر ، ومنها تجربة ، والتجربة منها أن يقول الطبيب : إذا كان الثدي الأيمن مسود الحلمة فهو ذكر ، وإن كان ذلك في الثدي الأيسر فهو أنثى ; وإن كانت المرأة تجد الجنب الأيمن أثقل فهو ذكر ، وإن وجدت الجنب الأشأم أثقل فالولد أنثى ، وادعى ذلك عادة لا واجبا في الخلقة لم نكفره ، ولم نفسقه .
فأما من ادعى علم الكسب في مستقبل العمر فهو كافر ، أو أخبر عن الكوائن الجملية أو المفصلة فيما يكون قبل أن يكون ، فلا ريبة في كفره أيضا .
فأما من أخبر عن كسوف الشمس والقمر فقد قال علماؤنا : يؤدب ويسجن ولا يكفر ، أما عدم تكفيره فلأن جماعة قالوا : إنه أمر يدرك بالحساب ، وتقدير المنازل ، حسبما أخبر الله سبحانه في قوله جل وعلا : {
والقمر قدرناه منازل } فلحسابهم له ، وإخبارهم عنه ، وصدقهم فيه ، توقفت علماؤنا عن الحكم بتكفيرهم .
[ ص: 260 ]
وأما أدبهم فلأنهم يدخلون الشك على العامة في تعليق العلم بالغيب المستأنف ولا يدرون قدر الفرق بين هذا وغيره ، فتشوش عقائدهم في الدين ، وتتزلزل قواعدهم في اليقين ، فأدبوا حتى يسروا ذلك إذا عرفوه ولا يعلنوا به .