قوله تعالى : {
ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين } .
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى : البخس في لسان
العرب هو النقص بالتعييب والتزهيد ، أو المخادعة عن القيمة ، أو الاحتيال في التزيد في الكيل أو النقصان منه .
[ ص: 319 ]
المسألة الثانية :
إنما أذن الله سبحانه في الأموال بالأكل بالحق ، والتعامل بالصدق ، وطلب التجارة بذلك ، فمتى خرج عن يد أحد شيء من ماله بعلمه لأخيه فقد أكل كل واحد منهما ما يرضي الله ويرتضيه ; وإن
خرج شيء من ماله عن يده بغير علمه فلا يخلو أن يكون مما يتغابن الناس بمثله مما لا غنى عنه في ارتفاع الأسواق وانخفاضها عنه فإنه حلال جائز بغير خلاف ; إذ لا يمكن الاحتراز منه . وإن كان بأكثر من ذلك فقد اختلف الناس فيه ; فقال علماؤنا : إذا جرى ذلك في بيع كان صاحبه بالخيار إن شاء أمضاه بعد العلم به وإن شاء رده .
وقال بعضهم وآخرون غيرهم : إنه لا رد فيه .
والصحيح هو الأول ; فقد ثبت {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9700أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل كان يخدع في البيوع : إذا بايعت فقل لا خلابة } .
وفي غير الصحيح : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=39676واشترط الخيار ثلاثا } . وفي رواية : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=42558ولك الخيار ثلاثا } .
فإن قيل ، وهي :
المسألة الثالثة : كان هذا الرجل قد أصابته مأمومة في الجاهلية أثرت في عقله ، فكان يخدع لأجل ذلك في بيعه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما قال لما كان عليه من الحال ، حتى كان يقول لما أصابه : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30733لا خلابة لا خلابة } .
[ ص: 320 ]
فالجواب أن النبي صلى الله عليه وسلم لو كان الذي قاله له من حكمه لما أصابه من عقله لما جوز بيعه ; لأن بيع المعتوه لا يجوز بخيار ، ولا بغير خيار ، ولكنه أمره بأن يصرح عن قوله ، حتى يقع الاحتراز منه .