الآية الحادية والعشرون :
قوله تعالى : {
هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون } .
فيها خمس مسائل :
[ ص: 355 ]
المسألة الأولى :
في المعني بها : وفي ذلك قولان :
أحدهما : أن المراد بذلك {
حواء الأم الأولى ، حملت بولدها ، فلم تجد له ثقلا ، ولا قطع بها عن عمل ، فكلما استمر بها ثقل عليها ، فجاءها الشيطان وقال لها : إن كنت تعلمين أن هذا الذي يضطرب في بطنك من أين يخرج من جسمك ; إنه ليخرج من أنفك ، أو من عينك ، أو من فمك ، وربما كان بهيمة ; فإن خرج سليما يشبهك تطيعينني فيه ؟ قالت له : نعم . فذكرت ذلكلآدم ، فقال لها : هو صاحبك الذي أخرجك من الجنة . فلما ولدت في حديث طويل سمته عبد الحارث بإشارة إبليس بذلك عليها ، وكان اسمه في الملائكة الحارث ، فذلك قوله تعالى : { جعلا له شركاء فيما آتاهما } . } وذلك مذكور ونحوه في ضعيف الحديث في
الترمذي وغيره .
وفي الإسرائيليات كثير ليس لها ثبات ، ولا يعول عليها من له قلب ; فإن
آدم وحواء وإن كان غرهما بالله الغرور فلا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ، وما كانا بعد ذلك ليقبلا له نصحا ولا يسمعا منه قولا .
الثاني : أن المراد بهذا جنس الآدميين ; فإن حالهم في الحمل وخفته وثقله إلى صفة واحدة . وإذا خف عليهم الحمل استمروا به ; فإذا ثقل عليهم نذروا كل نذر فيه ، فإذا ولد لهم ذلك الولد جعلوا فيه لغير الله شركاء في تسميته وعمله ، حتى إن منهم من ينسبه إلى الأصنام ، ويجعله لغير الله وعلى غير دين الإسلام ، وهذا القول أشبه بالحق ، وأقرب إلى الصدق ، وهو ظاهر الآية وعمومها الذي يشمل جميع متناولاتها ، ويسلم فيها الأنبياء عن النقص الذي لا يليق بجهال البشر ، فكيف بسادتهم وأنبيائهم .