المسألة الأولى : الأذان : هو الإعلام لغة من غير خلاف ، المعنى براءة من الله وسوله وأذان من الله ورسوله ، أي هذه براءة ، وهذا إعلام وإنذار : { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } .
[ ص: 452 ] المسألة الثالثة : اختلف الناس في يوم الحج الأكبر ; فروى nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أن يوم الحج الأكبر يوم النحر .
قال nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا يقول : لا نشك أن الحج الأكبر يوم النحر ; وذلك لأنه اليوم الذي ترمى فيه الجمرة ، وينحر فيه الهدي ، وتراق فيه الدماء ، وهذا اليوم الذي ينقضي فيه الحج ; من أدرك ليلة النحر فوقف بعرفة قبل الفجر أدرك الحج ، وهو انقضاء الحج وهو الحج الأكبر .
ونحوه روى ابن القاسم ، وأشهب ، وعبد الله بن الحكم عنه ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي ، nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب ، وكذلك يروى عن nindex.php?page=showalam&ids=51ابن أبي أوفى أنه سئل عن الحج الأكبر ، فقال : " هو يوم يحلق فيه الشعر ، وتراق فيه الدماء ، ويحل فيه الحرام ، وتوضع فيه النواصي " .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16411عبد الله بن الحارث بن نوفل ، nindex.php?page=showalam&ids=16972ومحمد بن سيرين : " إنه يوم عرفة " وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : " الحج الأكبر القران ، والحج الأصغر العمرة " .
قال القاضي : إذا نظرنا في هذه الأقوال فالمنقح منها أن الحج الأكبر الحج ، كما قال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ; لكنا إذا بحثنا عن يوم الحج الأكبر فلا شك أن يوم عرفة يوم الحج الأكبر ; لأن الحج عرفة ، من أدرك الوقوف بها في يومها أدرك الحج ، ومن فاته الوقوف بها فلا حج له ; بيد أن المراد بالبحث عن يوم الحج الأكبر الذي ذكره الله في كتابه ، وذكره النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته ، ولا شك في أنه يوم النحر لثبوت الحديث الصحيح .
وقد احتج nindex.php?page=showalam&ids=51ابن أبي أوفى على أنه يوم الحج الأكبر بانقضاء الحج فيه من [ ص: 453 ] النسك ، وإلقاء التفث ، وهو الذي قال الله فيه : { ثم ليقضوا تفثهم } .
وغاص nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك على الحقيقة ، فجمع بين الدلائل ، وقال : إن يوم النحر فيه الحج كله ; لأن الوقوف إنما هو في ليلته ، وفي صبيحته الرمي والحلق والنحر والطواف ، فلا يبقى بعد هذا إشكال ، والله أعلم .
وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=11957أبو جعفر محمد بن علي أنه قال : لما نزلت " براءة " على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بعث nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر الصديق ليقيم للناس الحج قيل له : يا رسول الله ، لو بعثت به إلى أبي بكر .
. وقد سمعت بعض العلماء يقول : إنما سمي يوم الحج الأكبر ; لأن الناس يجتمعون فيه من كان يقف بعرفة ، ومن كان يقف بالمزدلفة ، وكان النداء في اليوم الذي يجتمع الناس كلهم فيه أولى وأبلغ في المراد .
وهذا وإن كان صحيحا في المعنى ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قد سماه يوم الحج الأكبر في حجة الوداع بعد ذلك ، والوقوف كله بعرفة .
سمعت أبا سعيد محمد بن طاهر الشهيد يقول : سمعت الأستاذ أبا المظفر طاهر بن محمد شاه بور [ ص: 454 ] يقول : إنما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=8عليا ببراءة مع أبي بكر ; لأن براءة تضمنت نقض العهد الذي كان عقده النبي صلى الله عليه وسلم وكانت سيرة العرب أنه لا يحل العقد إلا الذي عقده أو رجل من بيته ، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع ألسنةالعرب بالحجة ، وأن يرسل ابن عمه الهاشمي من بيته بنقض العهد ، حتى لا يبقى لهم متكلم . وهذا بديع في فنه .