المسألة الثالثة :
قوله تعالى : { من الذين أوتوا الكتاب } : وفي ذكرهم هاهنا ثلاثة أقوال :
الأول : أنهم كانوا أمروا بقتال المشركين ، فأمروا أيضا بقتال
أهل الكتاب مع
[ ص: 476 ] المشركين ، لما فيه من الحق من ذكر الرسول وغيره ، وكان تخصيصا لما تناوله اللفظ العام على معنى التأكيد .
الثاني : أن قوله : {
من الذين أوتوا الكتاب } تأكيد للحجة ; فإن المشركين من عبدة الأوثان لم تكن عندهم مقدمة من التوحيد والنبوة وشريعة الإسلام ، فجاءهم الأمر كله فجأة على جهالة .
فأما
أهل الكتاب فقد كانوا عالمين بالتوحيد والرسل والشرائع والملل ، وخصوصا ذكر
محمد صلى الله عليه وسلم وملته وأمته ; فلما أنكروه تأكدت عليهم الحجة ، وعظمت منهم الجريمة ، فنبه على محلهم بذلك .
الثالث : أن تخصيصهم بالذكر إنما كان لأجل قوله تعالى بعد ذلك : {
حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } .
والذين يختصون بفرض الجزية عليهم هم
أهل الكتاب دون غيرهم من صنف الكفار ، وهذا صحيح على أحد الأقوال على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى .