الآية السابعة عشرة قوله تعالى : {
يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون } .
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى : روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : "
من ترك عشرة آلاف درهم جعلت صفائح يعذب بها صاحبها يوم القيامة قبل القضاء " .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أنه قال : " والله لا يعذب الله رجلا بكنز فيمس درهم درهما ، ولا دينار دينارا ، ولكن يوسع جلده حتى يوضع كل دينار ودرهم على حدته " .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34674ما من رجل يموت وعنده أحمر أو أبيض [ ص: 495 ] إلا جعل له بكل قيراط صفيحة من نار فيكوى بها من فرقه إلى قدمه ، مغفور له بعد ذلك أو معذب } .
قال
القاضي : هذه الأحاديث لم يصح سندها ، وهي بعد محمولة على ما لم تؤد زكاته ، فقد روي أن رجلا كان يسأل الناس ، فمات فوجدوا له عشرين ألفا ، فقال الناس : كنز . فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : لعله كان يؤدي زكاته من غيره ، وما أدى زكاته فليس بكنز .
ومثله عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رضي الله عنه .
وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : أنه يوسع جلده فهذا إنما صح في الكافر أنه تعظم جثته زيادة في عذابه ، ويغلظ جلده ، ويكبر ضرسه ، حتى يكون مثل
أحد .
فأما المؤمن فلا يكون ذلك له بحال .
المسألة الثانية : قال علماؤنا : إنما كويت جبهته أولا لعله أنه كان يزويها للسائل كراهية لسؤاله ، كما قال الشاعر :
يزيد يغض الطرف عني كأنما زوى بين عينيه علي المحاجم فلا ينبسط من بين عينيك ما انزوى
ولا تلقني إلا وأنفك راغم
ثم يلوي عن وجهه ، ويعطيه جنبه إذا زاده في السؤال ; فإن أكثر عليه ولاه ظهره ; فرتب الله العقوبة على حال المعصية .
وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود قال : " من كان له مال فلم يؤد زكاته طوقه يوم القيامة شجاعا أقرع ينقر رأسه " .
فلعله إن صح أن يكون الكي من خارج ، والنقر من داخل .
وقالت
الصوفية : لما طلبوا بكثرة المال الجاه شان الله وجوههم ، ولما طووا كشحا
[ ص: 496 ] عن الفقير إذا جالسهم كويت جنوبهم ، ولما أسندوا بظهورهم إلى أموالهم ثقة بها واعتمادا عليها دون الله كويت ظهورهم ، هذا والكل معنى صحيح .