[ ص: 504 ] المسألة الثالثة : في
أول من أنسأ : في ذلك كلام طويل لبابه عن
ابن شهاب وغيره أن حيا من
بني كنانة ، ثم من
بني فقيم منهم رجل يقال له
القلمس ، واسمه حذيفة بن عبيد بن فقيم بن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة ، وكان ملكا ، فكان يحل المحرم عاما ويحرمه عاما ، فكان إذا حرمه كانت ثلاثة حرم متواليات ، وهذه العدة التي حرم الله في عهد
إبراهيم ، فإذا أحله أدخل مكانه صفرا ، ليواطئ العدة ، يقول : قد أكملت الأربعة كما كانت ; لأني لم أحل شهرا إلا حرمت مكانه آخر ، وكانت
العرب كذلك ممن كانت تدين بدين القلمس ، فكان يخطب
بعرفة فيقول : " اللهم إني لا أعاب ولا أجاب ، ولا مرد لما قضيت ، اللهم إني قد أحللت دماء المحلين من
طيئ وخثعم ، فمن لقيهما فليقتلهما " فرجع الناس وقد أخذوا بقوله .
وإنما أحل دماء
طيئ وخثعم ; لأنهم كانوا لا يحجون مع
العرب ، ولا يحرمون الحرم ، وكانوا يستحلونها ، وكان سائر
العرب يحرمون الحرم .
ثم كان ابنه على الناس كما كان
القلمس واسمه عباد ، ثم ابنه
أقلع ، ثم ابنه
أمية بن أقلع بن عباد ، ثم ابنه
عوف بن أمية ، ثم ابنه
جنادة بن عوف كما تقدم ، فحج نبي الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ،
وجنادة صاحب ذلك حتى بعث الله نبيه ، وأكمل الحرم ثلاثة متواليات ورجب
مضر الذي بين جمادى وشعبان .
وفي رواية :
العرب كانت إذا فرغت من حجها اجتمعت إليه فحرم الأشهر الحرم ، فإذا أراد أن يحل شيئا منها لغنيمة أو لغارة أحل المحرم وحرم مكانه صفرا ، وفي ذلك يقول
عمير بن قيس بن جذل الطعان :
لقد علمت معد أن قومي كرام الناس أن لهم كراما فأي الناس فاتونا بوتر
وأي الناس لم تعلك لجاما ألسنا الناسئين على معد
شهور الحل نجعلها حراما
وقد تقدم غير هذا بزيادة عليه في المسألة قبلها .