المسألة الرابعة : قوله تعالى {
للفقراء } : واختلف العلماء في
المعنى الذي أفادت هذه اللام [ فقيل ] لام الأجل ; كقولك : هذا السرج للدابة ، والباب للدار ; وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة .
ومنهم من قال : إن هذه لام التمليك ; كقولك : هذا المال لزيد ; وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
واتفقوا على أنه لا يعطى جميعها للعاملين عليها .
واعتمد أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي على أن
[ ص: 522 ] الله أضاف الصدقة فاللام التمليك إلى مستحق حتى يصح منه الملك على وجه التشريك ; فكان ذلك بيانا للمستحقين .
وهذا كما لو أوصى لأصناف معينين ، أو لقوم معينين .
وتعلق علماؤنا بقوله تعالى : {
إن تبدوا الصدقات } .
والصدقة متى أطلقت في القرآن فهي صدقة الفرض .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2069أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم وأردها على فقرائكم } .
وهذا نص في ذكر أحد الأصناف الثمانية قرآنا وسنة .
وحقق علماؤنا المعنى ، فقالوا : إن المستحق هو الله تعالى ، ولكنه أحال بحقه لمن ضمن لهم رزقهم بقوله : {
وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها } ; فكان كما لو قال زيد لعمرو : إن لي حقا على خالد يماثل حقك يا عمرو أو يخالفه ، فخذه منه مكان حقك فإنه يكون بيانا لمصرف حق المستحق لا للمستحق ، والصنف الواحد في جهة المصرف والمحلية كالأصناف الثمانية .
فإن قيل : هذا يبطل بالكافر فإنه مضمون له الرزق بذلك الوعد الحق ، ثم ليس بمصرف للزكاة .
قلنا : كذلك كنا نقول : إنه تصرف
الزكاة إلى الذمي ، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم خصص هذا العموم بقوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2069أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم وأردها على فقرائكم } ; فخصصناه بما خصصه به صاحب الشريعة ، المبين للناس ما نزل إليهم ; وما فهم المقصود أحد فهم
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري ; فإنه قال : الصدقة لسد خلة المسلمين ، ولسد خلة الإسلام ; وذلك من مفهوم مأخذ القرآن في بيان الأصناف وتعديدهم .
والذي جعلناه فصلا بيننا وبينهم أن الأمة اتفقت على أنه لو
أعطي كل صنف حظه لم يجب تعميمه ، فكذلك تعميم الأصناف مثله .
فإن قيل : فقد روى
زياد بن الحارث الصدائي : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته ، فأتاه رجل فقال : أعطني من الصدقة .
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11402إن الله لم يرض بحكم [ ص: 523 ] نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم هو فيها ، فجزأها ثمانية أجزاء ، فإن كنت من أهل تلك الأجزاء أعطيتك حقك } .
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي : إن كان المال كثيرا قسمه على الأصناف ، وإلا وضعه في صنف .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور : إن أخرجه صاحبه جاز له أن يضعه في قسم ،
وإن قسمه الإمام استوعب الأصناف ; وذلك فيما قالوا : إنه إن كان كثيرا فليعمهم ، وإن كان قليلا كان قسمه ضررا عليهم .
وكذلك إن قسمه صاحبه لم يقدر على النظر في جميع الأصناف ، فأما الإمام فحق كل واحد من الخلق متعلق به من بيت المال وغيره ، فيبحث عن الناس ويمكنه تحصيلهم ، والنظر في أمرهم .
والذي صار إليه
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك من أنه يجتهد الإمام ويتحرى موضع الحجة هو الأقوى .
وتحصيل المسألة : أن المتحصل من أصناف الآية ثلاثة أصناف : وهم الفقراء ، والعاملون عليها ، وفي سبيل الله .
وسائر الأصناف داخلة فيما ذكرناه منها .
فأما العاملون ، والمؤلفة قلوبهم فيأتي بيان حالهم إن شاء الله .