صفحة جزء
المسألة السادسة عشرة : قوله تعالى : { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } : الاعتكاف في اللغة هو اللبث ، وهو غير مقدر عند الشافعي وأقله لحظة ، ولا حد [ ص: 135 ] لأكثره .

وقال مالك وأبو حنيفة : هو مقدر بيوم وليلة ، لأن الصوم عندهما من شرطه . قال علماؤنا : لأن الله تعالى خاطب الصائمين ، وهذا لا يلزم في الوجهين :

أما اشتراط الصوم فيه بخطابه تعالى لمن صام فلا يلزم بظاهره ولا باطنه ; لأنها حال واقعة لا مشترطة .

وأما تقديره بيوم وليلة ; لأن الصوم من شرطه فضعيف ; فإن العبادة لا تكون مقدرة بشرطها ; ألا ترى أن الطهارة شرط في الصلاة ، وتنقضي الصلاة وتبقى الطهارة ، وقد حققنا في مسائل الخلاف دليل وجوب الصوم فيه ، ويغني الآن لكم عن ذلك ما روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر : اعتكف وصم } .

وكان شيخنا فخر الإسلام أبو بكر محمد بن أحمد الشاشي إذا دخلنا معه مسجدا بمدينة السلام لإقامة ساعة يقول : انووا الاعتكاف تربحوه .

وعول مالك على أن الاعتكاف اسم لغوي شرعي ، فجاء الشرع في حديث عمر رضي الله عنه بتقدير يوم وليلة ، فكان ذلك أقله ، وجاء فعل النبي صلى الله عليه وسلم باعتكاف عشرة أيام ، فكان ذلك المستحب فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية