[ ص: 566 ] المسألة الخامسة : أما الآية الأولى في المنافقين فهي على رسم التهديد ، كما بيناه ، ومعناها أن
المنافقين يعتقدون الكفر ، ويظهرون أعمال الإيمان كأنها أعمال بر ، وهي رياء وسمعة بغير اعتقاد ولا نية ، فالله يراها كذلك ، ويطلع عليها عباده المؤمنين ، فأما اطلاع رسوله فبعينيه ، وأما اطلاع المؤمنين فبالعلامات من الأعمال والأمارات الدالة على الاعتقاد ، وذلك كما قال : من أسر سريرة ألبسه الله رداءها ، إن خيرا فخير وإن شرا فشر .
وأما الآية الثانية في
المؤمنين الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا فإن الله يراه ويعلمه ، فيعلمه رسوله والمؤمنون على النحو الذي تقدم ، ونرد العلمين إلى عالم الغيب والشهادة فنجزيهم بأعمالهم ومواقعها .
أما المنافق فنقدم إلى عمله فنجعله هباء منثورا .
وأما المؤمن الذي خلط في أعماله طاعة بمعصية فإنه يوازن بها في الكفتين ، فما رجح منها على مقدار عمله فيها أظهره عليها ، وحكم به لها .
والمرء يكون في موطنين : أحدهما : موطن الخاتمة عند قبض الروح ، وهي : المسألة السادسة : فإنه وقت كشف الغطاء ، وسلامة البصر عن العمى ، فيقال له : {
فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد } .
فانظر إلى ما كنت غافلا عنه ، أو به متهاونا .
والحالة الثانية عند الوزن ، وتطاير الصحف والأنباء ، حينئذ يكون بإظهار الجزاء ، وشرح صفة الأنباء ومواطنه في كتاب الذكر .