الآية الثامنة والأربعون قوله تعالى {
يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين } .
قد قدمنا الإشارة إلى أن الله أمر بأوامر متعددة مختلفة المتعلقات ، فقال : {
قاتلوا [ ص: 604 ] الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب } .
وقال : {
فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } .
وقال : {
وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة } .
وقال : {
قاتلوا الذين يلونكم } .
وهذا كله صحيح مناسب ، والمقصود
قتال جميع المؤمنين لجميع الكفار ،
وقتال الكفار أينما وجدوا ، وقتال أهل الكتاب من جملتهم ، وهم
الروم ، وبعض الحبشان ، وذلك إنما يتكيف لوجهين : أحدهما : بالابتداء ممن يلي ، فيقاتل كل واحد من يليه ، ويتفق أن يبدأ المسلمون كلهم بالأهم ممن يليهم ، أو الذين يتيقن الظفر بهم .
وقد سئل
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر بمن نبدأ
بالروم أو
بالديلم ؟ فقال :
بالروم .
وقد روي في الأثر : " اتركوا الرابضين ما تركوكم " يعني
الروم والحبش .
وقول
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أصح ، وبداءته
بالروم قبل
الديلم لثلاثة أوجه : أحدها : أنهم
أهل الكتاب ; فالحجة عليهم أكثر وآكد .
والثاني : أنهم إلينا أقرب ، أعني أهل
المدينة .
الثالث : أن بلاد الأنبياء في بلادهم أكثر ، فاستنقاذها منهم أوجب .